سوريا اليوم
مراسل صقور الأبداع من سوريا
رستم محمود: مدن�
�
يقوم خطاب الدفاع و”حماية” الأقليات السورية الراهن، المتوزع على مستويات سياسية وثقافية دولية وإقليمية وحتى محلية سورية، على سند ذهني ومكيال رياضي مركزي؛ يفترض وجود جماعة طائفية سورية أكثرية، تقارب نسبتها ثلثي عدد السكان؛ هم المسلمون السنّة. لا ينقص تلك النظرية الافتراض بأن المنتمين إلى هذه الجماعة، تجمعهم هوية ورغبات ورؤى وبرامج سياسية موحدة، ويذهب جناح أكثر محافظة إلى وجود بنية وكيمياء ثقافية واجتماعية مشتركة بين هؤلاء. أما الجناح الأكثر راديكالية، فيتصور بأن اللاحم العضوي الأساس في بنية هذه الجماعة الواعية لهويتها وذاتها، هو عداؤها وتناقضها مع “الجماعات” السورية الأخرى، “الأقليات”.
بغض النظر عن الأبعاد والمرامي السياسية الواضحة، الحاملة لتلك المخيلة، فإنها تنطوي على عدمية عميقة بمعرفة الاجتماع السياسي السوري، وتحولاته العميقة خلال السنتين الماضيتين. فثلثا السكان، المتخيلين ككتلة ثقافية صماء وجماعة سياسية موحدة، موزعون من حيث وعيهم بذواتهمن خصوصاً ذواتهم الطائفية وخياراتهم السياسية، على أربع “جماعات”، شبه منفصمة بتلك المعايير.
هي كتلة مجتمعية سورية “سنيّة” الاعتبار في تلك المخيلة، لكنها لا تحمل أي مشاعر بتلك الهوية المفترضة لها، وبالذات في بُعدها السياسي. إذا أنها، رغم خلفيتها الطائفية السنيّة تلك، مشبعة بخيارات وهويات سياسية مغايرة لذلك الاعتبار تماماً، وبالتالي لا يمكن إدراجها في أي كتلة، بحسب المعايير والمقاييس الطائفية. يشكل الأكراد السوريون، بنزعتهم القومية، نموذجاً بليغاً عن تلك المجموعة.
من جهة أخرى، ثمة تشكيل واضح من “السنّة” السوريين، لا يستحوذ الاعتبار الطائفي على أي مساحة من مزاجها الثقافي الاجتماعي، ولا في مصالحها السياسية المباشرة. يتقاسم ذلك التشكيل، طيف واسع من البيروقراطية “السنيّة” السورية المستفيدة والقريبة من خيارات وشبكات النظام الحكام، مع طيف آخر من الكتلة التجارية المدينية، الميالة بالفطرة إلى مصالحها ومستقبل رأسمالها التجاري.
كما يشاطرهما “مع الاعتبار للتباين الهائل بين دوافع الطرفين”، جزء أساس من نخب العمل السياسي والثقافي والمجتمعي والاقتصادي السوري المعارض والطبقة الوسطى.
فهؤلاء يملكون وعياً وولاء تاريخياً متأصلاً بالخيارات المدنية في الحقل العام، ويعتبرون أن النزوع إلى الهويات والخيارات الطائفية، يسمّم خطابهم وخياراتهم التقليدية في الدولة المدنية الديموقراطية.
تشكيل مجتمعي “سنّي” سوري ثالث وحديث لظرف استثنائي، خياراته المناطقية وميوله الجهوية وتشكيلاته العشائرية وتأسيسه المعرفي ووعيه الطبقي، باعد تلك السمات في شخصيته المجتمعية وهويته السياسية، كنتيجة لمشاعره العميقة، باستثنائية ممارس فعل العنف والقهر عليه في السنتين السابقين، وانزاح إلى لبس الكينونة الطائفية السنية على ذاته. فأزاح المتكتلون في هذا التشكيل، كل الاعتبارات التأسيسية، سابقة الذكر تلك، في شخصياتهم وهوياتهم، وباتوا يعتبرون ذواتهم “سنة” فحسب. لكن ما لا يُراعى من قبل تلك المخيلة في هذا التشكيل، هو مصدر تشكله “تعنيف النظام الاستثنائي والبالغ لهم”، كما لا يراعي استثنائية تشكله وظرفيته. وفي الأساس لا يؤخذ في الاعتبار، كون هذا التشكيل موجهاً بحساسيته السياسية لمناهضة النظام، لا للتشكيلات المجتمعية السورية الأخرى، الأقليات.
طيف أخير، سنّي بالتأسيس، بالتوجه السياسي والقيم المجتمعية، مؤلف من التيارات المجتمعية الأكثر محافظة وانغلاقاً في المجتمع السوري، ومن النخب والطبقة السياسية الميالة تقليدياً إلى الجماعات السياسية الدينية، كطبقات جماعة الإخوان المسلمين وحزب التحرير.
الأكيد، أن “السنيّة المجتمعية” السورية المتخيلة، ليست أبداً بالحجم والدور والعمق المتخيل عنها، أما “السنيّة السياسية” فهي أقل من ذلك بالحجم والدور دون شك؛ لكن الذي يحدث ويربك تلك المخيلات عنهما، ربما بوعي أو من دونه، أنه يتم لمّ التشكيلات المجتمعية “السنية” السورية الأربع في بلوك واحد، ثم يلبس سمات المجموعة الأخيرة منه.
�
يقوم خطاب الدفاع و”حماية” الأقليات السورية الراهن، المتوزع على مستويات سياسية وثقافية دولية وإقليمية وحتى محلية سورية، على سند ذهني ومكيال رياضي مركزي؛ يفترض وجود جماعة طائفية سورية أكثرية، تقارب نسبتها ثلثي عدد السكان؛ هم المسلمون السنّة. لا ينقص تلك النظرية الافتراض بأن المنتمين إلى هذه الجماعة، تجمعهم هوية ورغبات ورؤى وبرامج سياسية موحدة، ويذهب جناح أكثر محافظة إلى وجود بنية وكيمياء ثقافية واجتماعية مشتركة بين هؤلاء. أما الجناح الأكثر راديكالية، فيتصور بأن اللاحم العضوي الأساس في بنية هذه الجماعة الواعية لهويتها وذاتها، هو عداؤها وتناقضها مع “الجماعات” السورية الأخرى، “الأقليات”.
بغض النظر عن الأبعاد والمرامي السياسية الواضحة، الحاملة لتلك المخيلة، فإنها تنطوي على عدمية عميقة بمعرفة الاجتماع السياسي السوري، وتحولاته العميقة خلال السنتين الماضيتين. فثلثا السكان، المتخيلين ككتلة ثقافية صماء وجماعة سياسية موحدة، موزعون من حيث وعيهم بذواتهمن خصوصاً ذواتهم الطائفية وخياراتهم السياسية، على أربع “جماعات”، شبه منفصمة بتلك المعايير.
هي كتلة مجتمعية سورية “سنيّة” الاعتبار في تلك المخيلة، لكنها لا تحمل أي مشاعر بتلك الهوية المفترضة لها، وبالذات في بُعدها السياسي. إذا أنها، رغم خلفيتها الطائفية السنيّة تلك، مشبعة بخيارات وهويات سياسية مغايرة لذلك الاعتبار تماماً، وبالتالي لا يمكن إدراجها في أي كتلة، بحسب المعايير والمقاييس الطائفية. يشكل الأكراد السوريون، بنزعتهم القومية، نموذجاً بليغاً عن تلك المجموعة.
من جهة أخرى، ثمة تشكيل واضح من “السنّة” السوريين، لا يستحوذ الاعتبار الطائفي على أي مساحة من مزاجها الثقافي الاجتماعي، ولا في مصالحها السياسية المباشرة. يتقاسم ذلك التشكيل، طيف واسع من البيروقراطية “السنيّة” السورية المستفيدة والقريبة من خيارات وشبكات النظام الحكام، مع طيف آخر من الكتلة التجارية المدينية، الميالة بالفطرة إلى مصالحها ومستقبل رأسمالها التجاري.
كما يشاطرهما “مع الاعتبار للتباين الهائل بين دوافع الطرفين”، جزء أساس من نخب العمل السياسي والثقافي والمجتمعي والاقتصادي السوري المعارض والطبقة الوسطى.
فهؤلاء يملكون وعياً وولاء تاريخياً متأصلاً بالخيارات المدنية في الحقل العام، ويعتبرون أن النزوع إلى الهويات والخيارات الطائفية، يسمّم خطابهم وخياراتهم التقليدية في الدولة المدنية الديموقراطية.
تشكيل مجتمعي “سنّي” سوري ثالث وحديث لظرف استثنائي، خياراته المناطقية وميوله الجهوية وتشكيلاته العشائرية وتأسيسه المعرفي ووعيه الطبقي، باعد تلك السمات في شخصيته المجتمعية وهويته السياسية، كنتيجة لمشاعره العميقة، باستثنائية ممارس فعل العنف والقهر عليه في السنتين السابقين، وانزاح إلى لبس الكينونة الطائفية السنية على ذاته. فأزاح المتكتلون في هذا التشكيل، كل الاعتبارات التأسيسية، سابقة الذكر تلك، في شخصياتهم وهوياتهم، وباتوا يعتبرون ذواتهم “سنة” فحسب. لكن ما لا يُراعى من قبل تلك المخيلة في هذا التشكيل، هو مصدر تشكله “تعنيف النظام الاستثنائي والبالغ لهم”، كما لا يراعي استثنائية تشكله وظرفيته. وفي الأساس لا يؤخذ في الاعتبار، كون هذا التشكيل موجهاً بحساسيته السياسية لمناهضة النظام، لا للتشكيلات المجتمعية السورية الأخرى، الأقليات.
طيف أخير، سنّي بالتأسيس، بالتوجه السياسي والقيم المجتمعية، مؤلف من التيارات المجتمعية الأكثر محافظة وانغلاقاً في المجتمع السوري، ومن النخب والطبقة السياسية الميالة تقليدياً إلى الجماعات السياسية الدينية، كطبقات جماعة الإخوان المسلمين وحزب التحرير.
الأكيد، أن “السنيّة المجتمعية” السورية المتخيلة، ليست أبداً بالحجم والدور والعمق المتخيل عنها، أما “السنيّة السياسية” فهي أقل من ذلك بالحجم والدور دون شك؛ لكن الذي يحدث ويربك تلك المخيلات عنهما، ربما بوعي أو من دونه، أنه يتم لمّ التشكيلات المجتمعية “السنية” السورية الأربع في بلوك واحد، ثم يلبس سمات المجموعة الأخيرة منه.