سوريا اليوم
مراسل صقور الأبداع من سوريا
�
ابراهيم زورو
�
صراع الاجيال صراع مرير لا ينتهي بين ليلة وضحاها، كما أن هذه المعركة لا تكل ولا تمل، فالأطراف في سجال دائم ومستمر، بين الكر والفر، هذه المعركة أوارها منذ الأزل وستبقى إلى الأبد، كما أن خصائص هذه المعركة من أكثر الخصائص المميزة لأي ظاهرة اجتماعية أو طبيعية والمتقاسمة بين الإنسان والطبيعة، فيحاول الأول أن يفتت المجتمع إلى أقسام عديدة بناء على مصلحة اقتصادية أو سياسية أو اجتماعية أو تيموسية، فهذا الأخير هو عنصر رئيسي وهام لدى الشباب، بينما الثانية فتعيد اليها انسجام فطري خلافاً للإنسان، كون الحياة دائماً فيها الجديد الصاعد والقديم المنهار، أي بين الشباب والشيوخ، ويمكن لأية معركة أن تنتهي بمجرد انتهاء السبب، أو أن احد الطرفين يهزم، وهذا السبب أو هذه الأسباب ليست حالة بين الحالات يمكن حلها بسهولة ويسر، حيث أن سببها الطبيعي أو أنها خاصية من خصائص الحياة نفسها ولا يمكن أن نتصور الحياة بدون ذلك الصراع الدائر والمحموم بين الطرفين، وهذا الصراع هو بحد ذاته جوهر الحياة نفسها، وإذا انتفى هذا الصراع انتفت معه الحياة، كما لا يمكن أن يكون الطبيعة بدون شروق الشمس وغروبها. وهكذا يمكن أن نشبه الأجيال بالخلايا التي تموت بعضها وتحيا بعضها الآخر، بدون ذلك لا يمكن أن نتصور الإنسان أبداً، ولكن الجيل الصاعد كشروق الشمس تبعث على الحركة الصاعدة وتستمر حالة الفوضى والنشاط إلى عقد أو عقدين من الزمن ليسمي شيخاً جليلاً ويدخل المعركة أيضاً مع الجيل الذي تركه لتوه، وهكذا دواليك…
ولكن أمر هذه المعركة محيرة تماماً كونها بين الجديد الذي ترك لتوه القديم أو ترك جدّته-إذا جاز التعبير- ليبقى شيخاً ويأتي إلى حركة أخرى. وهذا ما يبعث على التناقض، كيف يتم تبديل المواقع بين الفينة وأخرى؟، تبديل في المفاهيم والأدوات وفي المصطلحات، أو بقول واحد يتم تغيير بنية العقل، من النشاط العام إلى اقل نشاطاً، وأكثر حكمة وأقل مغامرة، والسؤال الذي يطرح نفسه، في هذا المنحى كيف يتم المحاربة بأسلحة تغيرت في وهلة مفاجئة؟، أو بصيغة أخرى: هل أدوات الأمس قادرة أن تحسم معركة اليوم؟ أية أسلحة للشباب في وجه الشيوخ، والعمر هنا له شأن رئيسي، هل جسد الشيوخ يستطيع أن يتحمل طيلة فترة المعركة؟ لهذا كان الشيوخ أكثر حنكة عقلانية، كيف يستطيع البقاء ويدخل في الصراع من اجل البقاء، كما أن للعمر دوراً ريادياً في هذا المجال، عندما يبدأ عنصر الوقت يرمي بجسده على جسد واضح يسمي الجسد هزيلاً، وينحو باتجاه تغيير السلوك، والجسد يترك أسلحته لصالح انهزامية كاملة، وحتى يستعيد توازنه النفسي وهو مهم في هذا الوقت، العقل يشذب السلوك غير ذلك السلوك الذي اكتسبه قبل أن يكون شيخاً.
حيث أننا نتكلم عن الإنسان الفرد، وليس بصيغة الطبقات التي تكلم عنها ماركس فيما مضى، حيث أنه قد وضع الفرد لصالح الجماعة، أو تم تذويبه ضمن الطبقات، وهنا ليس بإمكان الإنسان أن يتكلم عن الفرد، وإنما قد وضع الجماعة مكان الفرد وهكذا ضاع الفرد في أتون صراع ليس له فيه قيد الوجود وهو خطر على الفرد، على الرغم من أن وجود الفرد له تأثير كبير على مجرى الإحداث كما هو حالة لينين الذي اغتصب كافة القرارات التي لا تستصيغه جملة وتفصيلاً، وإذا كان الأمر غير ذلك فلما خرج لينين من عباءة الطبقات ليلحق اسمه باسم ماركس، ويخرج بنظرية متكاملة وليس من صناعته تماماً, وحيث أن الاعتناء بالإنسان كان غائباً طيلة التاريخ المنصرم ولم يقل أحداً عن الإنسان الفرد انه يحترق ويذوب، والحياة من صياغته، تصور الإنسان ينسى نفسه، مرة تم الاعتناء بوجود الله والفلسفة التي لا تبرهن على ذلك ليست فلسفة أو أنها فلسفة ناقصة الأركان، وبعد ذلك أصبحت للفلسفة دوراً أخراً هو الاعتناء بالثقافة، ومن ثم تم الاعتناء بالطبيعة ومن ثم بالحقوق الحيوان، ونسى أصحاب تلك النظريات نفسهم، كونهم أولاً وأخيراً الإنسان الفرد.
وحيث أن سبب هذه المعركة أولها عنصري الوقت ونقول عنه أنه العمر، وثانيها هو الحرية المرافقة لهذا العمر، حيث أن الحرية تتلون بلون العمر، بلون الحركة المتجسدة بين الشباب والشيوخ، حيث أنها تكون في وهلة أولى حرية كاملة دون النقصان فيها، ولهذا نرى ان الدول تريد السيطرة والمراقبة على كافة حركات الجسم، من حيث الحرية بكافة أنواعها، الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والأدبية وبكل جغرافيتها وأبعادها، كون أن النشاط العام يرتكز على جمع بين تلك الحريات وبدونها لا يشعر الشباب بأي وجود في هذه الحياة، وحيث هناك تلازم بين الحرية الفضفاضة بمعنى من المعاني بعض الشيء وبين النشاط العام، الحرية من أحدى معانيها انعدام أي ضغط أو أكراه لاتخاذ أي قرار، ومن ثم حتى الآن الحرية ما تزال بحاجة إلى التعريف يخلصها من هلاميتها رغم كل الأقاويل والتعريفات التي قيلت عنها، والنشاط العام ينحو باتجاه الحركة نحو الوجود بكل ما تحمل كلمة الوجود من المعنى الشاسع والواسع، وكون أن الاعتراف بالوجود من أشد المطاليب التي تسيطر على ذهن هؤلاء الشباب، عليهم أن ينتزعوه من القائمين على الحياة، وان كل المطالب الأخرى تصبح ثانوية إزاء هذا، الاعتراف بحريته الجسدية والعقلية والمساحة التي يحتلها من براثن الشيوخ الذين تمرغوا بين ثنايا الحياة، وهذه الثنايا مليئة بالعقل والمنطق، أما لدى الشباب فأن العقل يشد نحو المغامرة، ولهذا السبب فأن العقل لدى آدلر هو وسيلة الأمان، قد يكون الأمان أن تغامر حتى يأتيك الأمان بالذي تريده، على مبدأ الهجوم خير وسيلة للدفاع، أما لدى الشيوخ فالعكس هو سائد، الأمان من أي شيء؟ أيمكن أن يكون الأمان بالنسبة إلى المجتمع الذي هو دعامة الأخلاق أو ما شابه، فالأخلاق يحفظ المجتمع، من رواسب الفكر القديم أو من عادات وتقاليد بالية في القدم، أيعني أن يكون الأمان من إيقاظ خوف فينا، تجاه الطبيعة والإنسان؟ أو أن يكون الإنسان مازال يخاف على مستقبله وهو سيد لهذه الطبيعة منذ سنوات طوال ولا يزال ينتصر عليه، بفكره وعقله دون أن يكون الأمان هو نفسه منذ قرون، أو أنه قد تحول شكله وبدل مواقعه؟.
فالشباب هم بدون أمان يحيون، أما الشيوخ فهم بأمان سوف يمضون إلى حتفهم الطبيعي، فالإنسان الذي يملك الحرية، هو الذي يكون مبدعاً من كل بد، كما انه سوف يمضي بعيداً عن العلاقات والتقاليد الاجتماعية البائدة التي لا تقل عن القوانين التي تكبل حرية الشباب كفرد يسعى أن يكون له وجود في مجتمع الذي رفضه طيلة سنواته عقد أو عقدين، وباعتبار أن الزمن لا يتوقف أبداً، وما بين الزمنين أيضاً زمن آخر، أي الحياة تصير بمنأى عن الذي يترك وجوده جزافاً، والذي يسعى إلى الاعتراف، وهذا السعي مكن الشباب من السير في طرق وعرة أن تعادي ذوي حنكة والتجارب التي جبلته بمفاصلها، لهي جبهة عريضة، إذا المغامرة من هنا كانت شرعية وستبقى طالما ذوي اقل خبرة واقل تجارباً إلى جانب العلاقات والتقاليد، والى أشياء أخرى ليس بحسبان الشباب قياسها، من هنا كانت المغامرة شرعية، وأيضاً شرعيتها تأتي من أنها تبحث عن الوجود أما الاخرين فيدافعون عن شيء ليس ذي قيمة تذكر، ما بين الوجود الأول والثاني معطيات كثيرة، القادم عليه أن يأخذ مكانه عنوة، والثاني عليه أن يترك له لو انه قام باحترام نفسه، وإلا سيأخذ عن طريق القوة التي تقف بجانب الأقوياء، الأول يبحث عن الجديد وأما الثاني فيدافع عن القديم، الأول سيرسي علاقات جديدة، ولا يأخذ بالتقاليد التي يتشبث به القديم، والثاني سيكون رجعياً بالمعنى السياسي للكلمة، وبالنهاية المطاف الأول سيربح على الثاني كون القوة غير متكافئة، الأول جائع دائماً اما الثاني فمتخم بالحياة، وما الى ذلك، من هنا كان الوجود رسول وبشير للتقاضي بينهما، والحق كما نعلم يقف بجانب القوة، القوة والحق وجهان لعملة واحدة، والشيخوخة والباطل وجهان للحياة.
وهذا التناحر بين الشباب والشيوخ في سياق ما يسمى بالربيع العربي، يبدو جلياً ان الشيوخ لا يأبهون بالشباب ويعتبرونهم، مجموعة متغطرسة، ولكي يحموا انفسهم اكثر، حاولوا الايقاع بالشباب في شرك الرشوة، وبهذا قد سقطوا في فخ الشيوخ الذي لا يرحم كحالة سوريا، ونسوا وتناسوا الشباب انهم اصبحوا شيوخاً لسببين الاول: المال الذي انفق لرشوتهم، وبقاء الشيوخ في المعارضة، واما في الحكم وهذا بدا واضحاً، اثناء استلامه للسلطة، قيدوه الشيوخ بقوانين التي تحميهم، لانه لم يكن متورطا في أي جرائم، وانتهت جبهة الشباب في كل من المعارضة والسلطة، واصبح يبحث عن وجوده عنوة بين الشيوخ، وقد أذلوا في هذا السياق، وهذا حق طبيعي يمارسه الشيوخ للضغط على وجود الشباب المشتراة بالمال اصلا، ومن يبيع نفسه عليه ان لا يبحث عن وجوده مرة اخرى؟؟!!، والشيوخ هنا لهم شأن اخر في كلا الطرفين، كل منهم يحافظ على وجوده، وفي كلا الطرفين خلقوا التشبيح لكي يكونوا في الامان، وبذلك تركوا المجتمع في واد اخر، ويمكن ان يكون هذا الصراع بالاضافة الى اسباب اخرى التي جعلت من الثورة السورية صراع لا يتأكسد؟.
ابراهيم زورو
�
صراع الاجيال صراع مرير لا ينتهي بين ليلة وضحاها، كما أن هذه المعركة لا تكل ولا تمل، فالأطراف في سجال دائم ومستمر، بين الكر والفر، هذه المعركة أوارها منذ الأزل وستبقى إلى الأبد، كما أن خصائص هذه المعركة من أكثر الخصائص المميزة لأي ظاهرة اجتماعية أو طبيعية والمتقاسمة بين الإنسان والطبيعة، فيحاول الأول أن يفتت المجتمع إلى أقسام عديدة بناء على مصلحة اقتصادية أو سياسية أو اجتماعية أو تيموسية، فهذا الأخير هو عنصر رئيسي وهام لدى الشباب، بينما الثانية فتعيد اليها انسجام فطري خلافاً للإنسان، كون الحياة دائماً فيها الجديد الصاعد والقديم المنهار، أي بين الشباب والشيوخ، ويمكن لأية معركة أن تنتهي بمجرد انتهاء السبب، أو أن احد الطرفين يهزم، وهذا السبب أو هذه الأسباب ليست حالة بين الحالات يمكن حلها بسهولة ويسر، حيث أن سببها الطبيعي أو أنها خاصية من خصائص الحياة نفسها ولا يمكن أن نتصور الحياة بدون ذلك الصراع الدائر والمحموم بين الطرفين، وهذا الصراع هو بحد ذاته جوهر الحياة نفسها، وإذا انتفى هذا الصراع انتفت معه الحياة، كما لا يمكن أن يكون الطبيعة بدون شروق الشمس وغروبها. وهكذا يمكن أن نشبه الأجيال بالخلايا التي تموت بعضها وتحيا بعضها الآخر، بدون ذلك لا يمكن أن نتصور الإنسان أبداً، ولكن الجيل الصاعد كشروق الشمس تبعث على الحركة الصاعدة وتستمر حالة الفوضى والنشاط إلى عقد أو عقدين من الزمن ليسمي شيخاً جليلاً ويدخل المعركة أيضاً مع الجيل الذي تركه لتوه، وهكذا دواليك…
ولكن أمر هذه المعركة محيرة تماماً كونها بين الجديد الذي ترك لتوه القديم أو ترك جدّته-إذا جاز التعبير- ليبقى شيخاً ويأتي إلى حركة أخرى. وهذا ما يبعث على التناقض، كيف يتم تبديل المواقع بين الفينة وأخرى؟، تبديل في المفاهيم والأدوات وفي المصطلحات، أو بقول واحد يتم تغيير بنية العقل، من النشاط العام إلى اقل نشاطاً، وأكثر حكمة وأقل مغامرة، والسؤال الذي يطرح نفسه، في هذا المنحى كيف يتم المحاربة بأسلحة تغيرت في وهلة مفاجئة؟، أو بصيغة أخرى: هل أدوات الأمس قادرة أن تحسم معركة اليوم؟ أية أسلحة للشباب في وجه الشيوخ، والعمر هنا له شأن رئيسي، هل جسد الشيوخ يستطيع أن يتحمل طيلة فترة المعركة؟ لهذا كان الشيوخ أكثر حنكة عقلانية، كيف يستطيع البقاء ويدخل في الصراع من اجل البقاء، كما أن للعمر دوراً ريادياً في هذا المجال، عندما يبدأ عنصر الوقت يرمي بجسده على جسد واضح يسمي الجسد هزيلاً، وينحو باتجاه تغيير السلوك، والجسد يترك أسلحته لصالح انهزامية كاملة، وحتى يستعيد توازنه النفسي وهو مهم في هذا الوقت، العقل يشذب السلوك غير ذلك السلوك الذي اكتسبه قبل أن يكون شيخاً.
حيث أننا نتكلم عن الإنسان الفرد، وليس بصيغة الطبقات التي تكلم عنها ماركس فيما مضى، حيث أنه قد وضع الفرد لصالح الجماعة، أو تم تذويبه ضمن الطبقات، وهنا ليس بإمكان الإنسان أن يتكلم عن الفرد، وإنما قد وضع الجماعة مكان الفرد وهكذا ضاع الفرد في أتون صراع ليس له فيه قيد الوجود وهو خطر على الفرد، على الرغم من أن وجود الفرد له تأثير كبير على مجرى الإحداث كما هو حالة لينين الذي اغتصب كافة القرارات التي لا تستصيغه جملة وتفصيلاً، وإذا كان الأمر غير ذلك فلما خرج لينين من عباءة الطبقات ليلحق اسمه باسم ماركس، ويخرج بنظرية متكاملة وليس من صناعته تماماً, وحيث أن الاعتناء بالإنسان كان غائباً طيلة التاريخ المنصرم ولم يقل أحداً عن الإنسان الفرد انه يحترق ويذوب، والحياة من صياغته، تصور الإنسان ينسى نفسه، مرة تم الاعتناء بوجود الله والفلسفة التي لا تبرهن على ذلك ليست فلسفة أو أنها فلسفة ناقصة الأركان، وبعد ذلك أصبحت للفلسفة دوراً أخراً هو الاعتناء بالثقافة، ومن ثم تم الاعتناء بالطبيعة ومن ثم بالحقوق الحيوان، ونسى أصحاب تلك النظريات نفسهم، كونهم أولاً وأخيراً الإنسان الفرد.
وحيث أن سبب هذه المعركة أولها عنصري الوقت ونقول عنه أنه العمر، وثانيها هو الحرية المرافقة لهذا العمر، حيث أن الحرية تتلون بلون العمر، بلون الحركة المتجسدة بين الشباب والشيوخ، حيث أنها تكون في وهلة أولى حرية كاملة دون النقصان فيها، ولهذا نرى ان الدول تريد السيطرة والمراقبة على كافة حركات الجسم، من حيث الحرية بكافة أنواعها، الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والأدبية وبكل جغرافيتها وأبعادها، كون أن النشاط العام يرتكز على جمع بين تلك الحريات وبدونها لا يشعر الشباب بأي وجود في هذه الحياة، وحيث هناك تلازم بين الحرية الفضفاضة بمعنى من المعاني بعض الشيء وبين النشاط العام، الحرية من أحدى معانيها انعدام أي ضغط أو أكراه لاتخاذ أي قرار، ومن ثم حتى الآن الحرية ما تزال بحاجة إلى التعريف يخلصها من هلاميتها رغم كل الأقاويل والتعريفات التي قيلت عنها، والنشاط العام ينحو باتجاه الحركة نحو الوجود بكل ما تحمل كلمة الوجود من المعنى الشاسع والواسع، وكون أن الاعتراف بالوجود من أشد المطاليب التي تسيطر على ذهن هؤلاء الشباب، عليهم أن ينتزعوه من القائمين على الحياة، وان كل المطالب الأخرى تصبح ثانوية إزاء هذا، الاعتراف بحريته الجسدية والعقلية والمساحة التي يحتلها من براثن الشيوخ الذين تمرغوا بين ثنايا الحياة، وهذه الثنايا مليئة بالعقل والمنطق، أما لدى الشباب فأن العقل يشد نحو المغامرة، ولهذا السبب فأن العقل لدى آدلر هو وسيلة الأمان، قد يكون الأمان أن تغامر حتى يأتيك الأمان بالذي تريده، على مبدأ الهجوم خير وسيلة للدفاع، أما لدى الشيوخ فالعكس هو سائد، الأمان من أي شيء؟ أيمكن أن يكون الأمان بالنسبة إلى المجتمع الذي هو دعامة الأخلاق أو ما شابه، فالأخلاق يحفظ المجتمع، من رواسب الفكر القديم أو من عادات وتقاليد بالية في القدم، أيعني أن يكون الأمان من إيقاظ خوف فينا، تجاه الطبيعة والإنسان؟ أو أن يكون الإنسان مازال يخاف على مستقبله وهو سيد لهذه الطبيعة منذ سنوات طوال ولا يزال ينتصر عليه، بفكره وعقله دون أن يكون الأمان هو نفسه منذ قرون، أو أنه قد تحول شكله وبدل مواقعه؟.
فالشباب هم بدون أمان يحيون، أما الشيوخ فهم بأمان سوف يمضون إلى حتفهم الطبيعي، فالإنسان الذي يملك الحرية، هو الذي يكون مبدعاً من كل بد، كما انه سوف يمضي بعيداً عن العلاقات والتقاليد الاجتماعية البائدة التي لا تقل عن القوانين التي تكبل حرية الشباب كفرد يسعى أن يكون له وجود في مجتمع الذي رفضه طيلة سنواته عقد أو عقدين، وباعتبار أن الزمن لا يتوقف أبداً، وما بين الزمنين أيضاً زمن آخر، أي الحياة تصير بمنأى عن الذي يترك وجوده جزافاً، والذي يسعى إلى الاعتراف، وهذا السعي مكن الشباب من السير في طرق وعرة أن تعادي ذوي حنكة والتجارب التي جبلته بمفاصلها، لهي جبهة عريضة، إذا المغامرة من هنا كانت شرعية وستبقى طالما ذوي اقل خبرة واقل تجارباً إلى جانب العلاقات والتقاليد، والى أشياء أخرى ليس بحسبان الشباب قياسها، من هنا كانت المغامرة شرعية، وأيضاً شرعيتها تأتي من أنها تبحث عن الوجود أما الاخرين فيدافعون عن شيء ليس ذي قيمة تذكر، ما بين الوجود الأول والثاني معطيات كثيرة، القادم عليه أن يأخذ مكانه عنوة، والثاني عليه أن يترك له لو انه قام باحترام نفسه، وإلا سيأخذ عن طريق القوة التي تقف بجانب الأقوياء، الأول يبحث عن الجديد وأما الثاني فيدافع عن القديم، الأول سيرسي علاقات جديدة، ولا يأخذ بالتقاليد التي يتشبث به القديم، والثاني سيكون رجعياً بالمعنى السياسي للكلمة، وبالنهاية المطاف الأول سيربح على الثاني كون القوة غير متكافئة، الأول جائع دائماً اما الثاني فمتخم بالحياة، وما الى ذلك، من هنا كان الوجود رسول وبشير للتقاضي بينهما، والحق كما نعلم يقف بجانب القوة، القوة والحق وجهان لعملة واحدة، والشيخوخة والباطل وجهان للحياة.
وهذا التناحر بين الشباب والشيوخ في سياق ما يسمى بالربيع العربي، يبدو جلياً ان الشيوخ لا يأبهون بالشباب ويعتبرونهم، مجموعة متغطرسة، ولكي يحموا انفسهم اكثر، حاولوا الايقاع بالشباب في شرك الرشوة، وبهذا قد سقطوا في فخ الشيوخ الذي لا يرحم كحالة سوريا، ونسوا وتناسوا الشباب انهم اصبحوا شيوخاً لسببين الاول: المال الذي انفق لرشوتهم، وبقاء الشيوخ في المعارضة، واما في الحكم وهذا بدا واضحاً، اثناء استلامه للسلطة، قيدوه الشيوخ بقوانين التي تحميهم، لانه لم يكن متورطا في أي جرائم، وانتهت جبهة الشباب في كل من المعارضة والسلطة، واصبح يبحث عن وجوده عنوة بين الشيوخ، وقد أذلوا في هذا السياق، وهذا حق طبيعي يمارسه الشيوخ للضغط على وجود الشباب المشتراة بالمال اصلا، ومن يبيع نفسه عليه ان لا يبحث عن وجوده مرة اخرى؟؟!!، والشيوخ هنا لهم شأن اخر في كلا الطرفين، كل منهم يحافظ على وجوده، وفي كلا الطرفين خلقوا التشبيح لكي يكونوا في الامان، وبذلك تركوا المجتمع في واد اخر، ويمكن ان يكون هذا الصراع بالاضافة الى اسباب اخرى التي جعلت من الثورة السورية صراع لا يتأكسد؟.