سوريا اليوم
مراسل صقور الأبداع من سوريا
ايلاف
حصي المرصد السوري يوميًا عدد القتلى في الحرب الطاحنة الدائرة في سوريا، لكن قلة تعرف أن هذا المرصد ليس سوى رجل واحد، يعمل من الخامسة صباحًا للثانية فجرًا كي يضع أرقام القتلى برسم العالم.
�
يعمل العديد من المنظمات والهيئات الانسانية والحقوقية الدولية على متابعة مجريات الحرب الأهلية في سوريا وتعداد ضحايا الأعمال القتالية من الجانبين، لكن المرصد السوري لحقوق الانسان يبقى من المصادر الأكثر أهمية، لارتباطه بالداخل السوري ولقدرته على تأمين المعلومات.
بالرغم من دوره المحوري في توثيق الحرب الأهلية الوحشية، يبقى المرصد السوري لحقوق الإنسان نتاج جهد رجل واحد، هو رامي عبد الرحمن (42 عامًا)، الذي فرّ من سوريا قبل 13 عامًا، ويعمل من منزله في بريطانيا باستخدام أبسط وأرخص تكنولوجيا الإنترنت المتوفرة. ويقضي عبد الرحمن كل وقته تقريبًا في تتبع الحرب في سوريا، ونشر المعلومات حول الاشتباكات وعدد القتلى. وقد بدأ برسائل البريد الإلكتروني حول الاحتجاجات في وقت مبكر من الانتفاضة ليتحول عمله إلى سيل من الإحصاءات والمعلومات.
يومه حافل
تتهم جميع الأطراف في الصراع السوري عبد الرحمن بالتحيّز، حتى هو يعترف بأن الحقيقة يمكن أن تكون بعيدة المنال في ميادين القتال السورية المتشابكة. قال: “أنا مضطر للسيطرة على كل شيء بنفسي”، مشيرًا إلى الصعوبات التي يكابدها من أجل تحقيق شيء مهم بوسائل بسيطة.
ويتعاون مع فريق من أربعة رجال داخل سوريا، يقدمون له المساعدة في الحصول على التقارير وجمع معلومات من أكثر من 230 ناشطًا على الأرض. فيما يقوم خامس بترجمة المعلومات إلى اللغة الانكليزية لنشرها باستمرار على صفحة المرصد على موقع فايسبوك.
عندما بدأ العمل على تنظيم الاحتجاجات السياسية السرية، لم يتوقع عبد الرحمن أن تصل الأمور إلى ما هي عليه اليوم. فمهمته الجديدة تستلزم جهدًا كبيرًا ووقتًا طويلًا، إذ يستيقظ في الخامسة صباحًا، ويتصل بفريقه في سوريا لإعداد تقارير الاصابات في اليوم السابق ونشر حصيلة الضحايا. ثم يبدأ بالتنسيق مع وسائل الإعلام في برنامج حافل، يصل إلى 15 اتصالًا بالساعة أحيانًا.
هدفه المحاسبة
ينتقل عبد الرحمن بعدها إلى مراسلات البريد الإلكتروني في التاسعة مساء، ويستمر في رصد التقارير الإخبارية وأشرطة الفيديو التي ينشرها على يوتيوب حتى الواحدة فجرًا على الأقل. لكن التطورات العاجلة تعطل جدوله الزمني أحيانًا، مثل الشائعات التي صدرت أخيرًا عن اغتيال قائد الجيش السوري الحر العقيد رياض الأسعد، الأمر الذي تطلب الكثير من الاتصالات والبحث لتأكيد خبر نجاته في نهاية المطاف، بعد أن فقد إحدى ساقيه في انفجار استهدفه.
وقال عبد الرحمن إن هدفه النهائي هو محاسبة المسؤولين عن تدمير سوريا، معتبرًا أن التركيز على قضايا حقوق الإنسان سيؤدي في النهاية إلى محاسبة المسؤولين عن الجرائم، ويساعد في تأمين مستقبل أفضل وتحقيق الديمقراطية في البلاد.
�
مصادره موثوقة
أسس عبد الرحمن المرصد السوري للمرة الأولى في العام 2006، بهدف تسليط الضوء على محنة الناشطين الذين يتم اعتقالهم داخل سوريا. اليوم، تحول المرصد من توثيق الاعتقالات إلى مركز إحصائي لحصيلة ضحايا حرب طاحنة تدور رحاها في البلاد. يصفه الموالون للنظام بأنه أداة في يد الحكومة القطرية والإخوان المسلمين ورفعت الأسد، عم الرئيس السوري بشار الأسد، بينما يتهمه بعض الثوار بالخيانة وبأنه يعمل لصالح النظام.
حصيلة عبد الرحمن للصراع السوري تدل على مقتل 62,550 شخصًا، أي أقل من رقم الأمم المتحدة الذي يشير إلى مقتل أكثر من 70،000. وبالرغم من هذا الاختلاف، يثق الكثير من المنظمات الحقوقية والانسانية بمعلومات المرصد السوري، لأنه الأقرب إلى ما يجري في البلاد. يقول عبد الرحمن: “أرقامنا قريبة من الواقع، لكن لا أحد يعرف الواقع كله، وأنا أتأكد من المعلومات قبل نشرها كما أدقق في الأرقام مع مصادر موثوق بها للتأكد من صحتها”.
�
أخباره جيدة
يرتبط النشطاء في كل محافظة بمجموعة اتصال عبر موقع سكايب، ويحاول عبد الرحمن ومعاونوه الاستفادة من هذه الشبكة للحصول على تأكيدات بشأن المعلومات التي تردهم من مصدر مستقل، خصوصًا تفاصيل الأحداث الهامة. كما يعتمد الفريق على معلومات الأطباء المحليين ويحاول الحصول على معلومات إضافية من الشهود. وكذلك يحصل عبد الرحمن على معلومات من جنود النظام السوري، ويقول إنه يستخدم اصدقاءه العلويين الذين تربطهم علاقات بالجنود في القرى الصغيرة للحصول على معلومات معينة.
وعلى الرغم من الانتقادات التي توجه إليه، يحظى المرصد السوري بمكانة جيدة لدى المنظمات غير الحكومية. يقول نيل ساموندز، وهو باحث في منظمة العفو الدولية في الشرق الأوسط: “بصفة عامة، المعلومات التي يوردها المرصد عن قتل المدنيين جيدة جدًا، فهو من أفضل مصادر المعلومات، بما في ذلك تفاصيل عن الظروف التي يقتل فيها الناس”.
الحرب طالت أكثر مما كان يتوقعه عبد الرحمن، وكذلك فاقت أعداد القتلى مخيلته، لكنه يعتقد أن توثيق الأحداث يساهم إلى حد ما في الكشف عن الفظائع التي ترتكب في البلاد، مؤكدًا أن ما يفعله هو رسالة. يقول: “كلما سمع الناس بأعداد القتلى كل يوم، كلما ازداد رفضهم للنظام”.
حصي المرصد السوري يوميًا عدد القتلى في الحرب الطاحنة الدائرة في سوريا، لكن قلة تعرف أن هذا المرصد ليس سوى رجل واحد، يعمل من الخامسة صباحًا للثانية فجرًا كي يضع أرقام القتلى برسم العالم.
�
يعمل العديد من المنظمات والهيئات الانسانية والحقوقية الدولية على متابعة مجريات الحرب الأهلية في سوريا وتعداد ضحايا الأعمال القتالية من الجانبين، لكن المرصد السوري لحقوق الانسان يبقى من المصادر الأكثر أهمية، لارتباطه بالداخل السوري ولقدرته على تأمين المعلومات.
بالرغم من دوره المحوري في توثيق الحرب الأهلية الوحشية، يبقى المرصد السوري لحقوق الإنسان نتاج جهد رجل واحد، هو رامي عبد الرحمن (42 عامًا)، الذي فرّ من سوريا قبل 13 عامًا، ويعمل من منزله في بريطانيا باستخدام أبسط وأرخص تكنولوجيا الإنترنت المتوفرة. ويقضي عبد الرحمن كل وقته تقريبًا في تتبع الحرب في سوريا، ونشر المعلومات حول الاشتباكات وعدد القتلى. وقد بدأ برسائل البريد الإلكتروني حول الاحتجاجات في وقت مبكر من الانتفاضة ليتحول عمله إلى سيل من الإحصاءات والمعلومات.
يومه حافل
تتهم جميع الأطراف في الصراع السوري عبد الرحمن بالتحيّز، حتى هو يعترف بأن الحقيقة يمكن أن تكون بعيدة المنال في ميادين القتال السورية المتشابكة. قال: “أنا مضطر للسيطرة على كل شيء بنفسي”، مشيرًا إلى الصعوبات التي يكابدها من أجل تحقيق شيء مهم بوسائل بسيطة.
ويتعاون مع فريق من أربعة رجال داخل سوريا، يقدمون له المساعدة في الحصول على التقارير وجمع معلومات من أكثر من 230 ناشطًا على الأرض. فيما يقوم خامس بترجمة المعلومات إلى اللغة الانكليزية لنشرها باستمرار على صفحة المرصد على موقع فايسبوك.
عندما بدأ العمل على تنظيم الاحتجاجات السياسية السرية، لم يتوقع عبد الرحمن أن تصل الأمور إلى ما هي عليه اليوم. فمهمته الجديدة تستلزم جهدًا كبيرًا ووقتًا طويلًا، إذ يستيقظ في الخامسة صباحًا، ويتصل بفريقه في سوريا لإعداد تقارير الاصابات في اليوم السابق ونشر حصيلة الضحايا. ثم يبدأ بالتنسيق مع وسائل الإعلام في برنامج حافل، يصل إلى 15 اتصالًا بالساعة أحيانًا.
هدفه المحاسبة
ينتقل عبد الرحمن بعدها إلى مراسلات البريد الإلكتروني في التاسعة مساء، ويستمر في رصد التقارير الإخبارية وأشرطة الفيديو التي ينشرها على يوتيوب حتى الواحدة فجرًا على الأقل. لكن التطورات العاجلة تعطل جدوله الزمني أحيانًا، مثل الشائعات التي صدرت أخيرًا عن اغتيال قائد الجيش السوري الحر العقيد رياض الأسعد، الأمر الذي تطلب الكثير من الاتصالات والبحث لتأكيد خبر نجاته في نهاية المطاف، بعد أن فقد إحدى ساقيه في انفجار استهدفه.
وقال عبد الرحمن إن هدفه النهائي هو محاسبة المسؤولين عن تدمير سوريا، معتبرًا أن التركيز على قضايا حقوق الإنسان سيؤدي في النهاية إلى محاسبة المسؤولين عن الجرائم، ويساعد في تأمين مستقبل أفضل وتحقيق الديمقراطية في البلاد.
�
مصادره موثوقة
أسس عبد الرحمن المرصد السوري للمرة الأولى في العام 2006، بهدف تسليط الضوء على محنة الناشطين الذين يتم اعتقالهم داخل سوريا. اليوم، تحول المرصد من توثيق الاعتقالات إلى مركز إحصائي لحصيلة ضحايا حرب طاحنة تدور رحاها في البلاد. يصفه الموالون للنظام بأنه أداة في يد الحكومة القطرية والإخوان المسلمين ورفعت الأسد، عم الرئيس السوري بشار الأسد، بينما يتهمه بعض الثوار بالخيانة وبأنه يعمل لصالح النظام.
حصيلة عبد الرحمن للصراع السوري تدل على مقتل 62,550 شخصًا، أي أقل من رقم الأمم المتحدة الذي يشير إلى مقتل أكثر من 70،000. وبالرغم من هذا الاختلاف، يثق الكثير من المنظمات الحقوقية والانسانية بمعلومات المرصد السوري، لأنه الأقرب إلى ما يجري في البلاد. يقول عبد الرحمن: “أرقامنا قريبة من الواقع، لكن لا أحد يعرف الواقع كله، وأنا أتأكد من المعلومات قبل نشرها كما أدقق في الأرقام مع مصادر موثوق بها للتأكد من صحتها”.
�
أخباره جيدة
يرتبط النشطاء في كل محافظة بمجموعة اتصال عبر موقع سكايب، ويحاول عبد الرحمن ومعاونوه الاستفادة من هذه الشبكة للحصول على تأكيدات بشأن المعلومات التي تردهم من مصدر مستقل، خصوصًا تفاصيل الأحداث الهامة. كما يعتمد الفريق على معلومات الأطباء المحليين ويحاول الحصول على معلومات إضافية من الشهود. وكذلك يحصل عبد الرحمن على معلومات من جنود النظام السوري، ويقول إنه يستخدم اصدقاءه العلويين الذين تربطهم علاقات بالجنود في القرى الصغيرة للحصول على معلومات معينة.
وعلى الرغم من الانتقادات التي توجه إليه، يحظى المرصد السوري بمكانة جيدة لدى المنظمات غير الحكومية. يقول نيل ساموندز، وهو باحث في منظمة العفو الدولية في الشرق الأوسط: “بصفة عامة، المعلومات التي يوردها المرصد عن قتل المدنيين جيدة جدًا، فهو من أفضل مصادر المعلومات، بما في ذلك تفاصيل عن الظروف التي يقتل فيها الناس”.
الحرب طالت أكثر مما كان يتوقعه عبد الرحمن، وكذلك فاقت أعداد القتلى مخيلته، لكنه يعتقد أن توثيق الأحداث يساهم إلى حد ما في الكشف عن الفظائع التي ترتكب في البلاد، مؤكدًا أن ما يفعله هو رسالة. يقول: “كلما سمع الناس بأعداد القتلى كل يوم، كلما ازداد رفضهم للنظام”.