الدكتورة هدى
.:: إدارية الأقـسـام العامـة ::.
السلام عليكم
لقد افتتح الشاعر قصيدته بوصف الجمال العجائبي وصفا تميز بتكرار كاف التشبيه ثماني مرات، مما أدى ذلك الى زخرفة الكلمات وترتيب الألفاظ في وحدة بنائية متكاملة منسجمة مع روح النص، وقد تداخلت فيها الحواس، بدءا من حاسة الذوق وانتهاء بحواس أخرى حتى تصل الى ابتسامة الطفل الصغير.
فالمحبوبة لديها قدرة سحرية على احياء النفوس وبث الفرح في الطبيعة.
عذبة انت كالطفولة، كالأح
لقد افتتح الشاعر قصيدته بوصف الجمال العجائبي وصفا تميز بتكرار كاف التشبيه ثماني مرات، مما أدى ذلك الى زخرفة الكلمات وترتيب الألفاظ في وحدة بنائية متكاملة منسجمة مع روح النص، وقد تداخلت فيها الحواس، بدءا من حاسة الذوق وانتهاء بحواس أخرى حتى تصل الى ابتسامة الطفل الصغير.
فالمحبوبة لديها قدرة سحرية على احياء النفوس وبث الفرح في الطبيعة.
عذبة انت كالطفولة، كالأح
أبو القاسم الشابي - تونس
عذبْــةٌ أنـتِ كالطفولـةِ, كـالأحلام | كـــاللّحن, كالصبـــاح الجــديدِ |
كالسـماء الضحـوك كالليلـة القمْـراء | كـــالورد, كابتســـام الوليـــدِ |
يــا لهــا مــن وداعـةٍ وجمـال | وشــــباب مُنَعَّــــم أُمْلـــودِ! |
يـا لهـا مـن طهارةٍ, تبعثُ التقديــ | ــــسَ فـي مهجة الشقيِّ العنيدِ!... |
يــا لهـا رقَّـةً يكـادُ يَـرفُّ الـوَرْ | دُ منهــا فــي الصّخـرة الجـلمودِ! |
أيُّ شـيء تُـراكِ؟ هـل أنتِ "فينيسُ" | تهــادتْ بيــن الـورى مـن جـديدِ |
لِتُعيــدَ الشــبابَ والفـرح المعســ | ــــولَ للْعــالم التعيس العميــدِ! |
أم مـلاكُ الفـردوس جـاء إلـى الأر | ض ليُحْــيي روحَ الســلام العهيـدِ! |
أنـتِ.. مـا أنـتِ؟ أنـت رسمٌ جميلٌ | عبقــريٌ مــن فـنِّ هـذا الوجـودِ |
فيـكِ مـا فيـه مـن غمـوضٍ وعمقٍ | وجمــــالٍ مُقَـــدَّسٍ معبـــودِ |
أنـتِ.. مـا أنتِ؟ أنتِ فجرٌ من السحـ | ـــر تجــلّى لقلبِــيَ المعمــودِ |
فــأراه الحيـاةَ فـي مـونِق الحسـن | وجـــلّى لـــه خفايــا الخــلودِ |
أنـتِ روح الـربيع, تختـال في الدنـ | ــيــا فتهــتزُّ رائعـاتُ الـورودِ |
وتهـبُّ الحيـاةُ سـكرى مـن العـطـ | ـــر ويــدوي الوجـودُ بـالتغريدِ |
كلّمــا أبْصــرتْكِ عينـايَ تمشِـين | بخــــطوٍ مـــوقَّعٍ كالنّشـــيدِ |
خَـفَقَ القلـبُ للحيـاة, ورفّ الـزّهـ | ـــرُ فـي حـقل عمـريَ المجـرودِ |
وانتشــتْ روحــيَ الكئيبـةُ بـالحبِّ | وغنــــتْ كـــالبلبل الغرِّيـــدِ |
أنــتِ تُحـيِينَ فـي فـؤاديَ مـا قـد | مــات فـي أمسـيَ السـعيدِ الفقيـدِ |
وتَشِــيدينَ فــي خــرائِبِ روحـي | مــا تلاشـى فـي عهـديَ المجـدودِ |
مـن طمـوحٍ إلـى الجمـالِ إلـى الفنِّ | إلـــى ذلــك الفضــاء البعيــدِ |
وتَبُثِّيــن رقــة الشـوقِ, والأحـلامِ | والشــدوِ, والهــوى, فـي نشـيدي |
بعــد أن عــانقتْ كآبــةُ أيَّــامي | فـــؤادِي, وألجـــمتْ تغريــدي |
أنــت أنشــودة الأناشــيد غنّـاكِ | إلـــه الغنـــاءِ, رَبُّ القصيـــدِ |
فيـكِ شـبّ الشَّـبابُ, وشَّـحهُ السِّحْرُ | وشــدوُ الهــوى, وعِطْـرُ الـورودِ |
وتــراءى الجمـالُ, يـرقص رقصًـا | قُدُســيًا, عــلى أغــاني الوجـودِ |
وتهــادتْ فـي أفْـقِ روحِـكِ أوْزانُ | الأغـــاني, ورقّـــةُ التغريـــدِ |
فتمــايلتِ فــي الوجــود, كلحْـنٍ | عبقــريِّ الخيــالِ حــلوِ النشـيدِ: |
خـــطواتٌ, ســكرانةٌ بالأناشــيد, | وصــوتٌ, كرجْــع نــاي بعيــدِ |
وقــوامٌ, يكــاد ينطــق بالألحـان | فـــي كـــلِّ وقفـــةٍ وقعــودِ |
كــلُّ شــيءٍ مـوقعٌ فيـكِ, حـتى | لَفْتَــةُ الجــيد, واهــتزازُ النّهـودِ |
أنـتِ.., أنـتِ الحيـاةُ فـي قدْسها السا | مـي, وفـي سـحرها الشـجيِّ الفريدِ |
أنـتِ.. أنـتِ الحيـاةُ, في رِقّةِ الفجـ | ـــر وفـي رونـق الـربيع الوليـدِ |
أنــتِ.. أنــتِ الحيــاةُ, كـلَّ أوانٍ | فــي رُواءٍ مــن الشــباب جـديدِ |
أنـتِ.. أنـتِ الحيـاةُ فيك وفي عيــ | ـــنَيْــكِ آيـاتُ سـحرها المَمْـدودِ |
أنـتِ دنيـا مـن الأناشـيد والأحْـلام | والســـحْر والخيـــال المديـــدِ |
أنـتِ فـوقْ الخيـال, والشِّـعرِ, والفنِّ | وفــوْقَ النُّهَــي وفــوق الحـدودِ |
أنــتِ قُدْسـي, ومَعبـدي, وصبـاحي | وربيعــي, ونَشْــوَتي, وخــلودي |
*****
يـا ابنـةَ النُّـور, إننـي أنـا وَحْـدي | مَــن رأى فيــك رَوْعـةَ المعبـودِ |
فــدَعيني أعيشُ فـي ظلّـك العـذب | وفــي قــرب حُســنك المشـهودِ |
عِيشــةً للجمـال, والفـن, والإلهـام | والطُّهْـــر, والســنَى والســجودِ |
عِيشـةَ الناسـك البتُـول يُنَـاجي الـرّ | بَ فــي نشْــوَةِ الذُّهــول الشـديدِ |
وامنحــيني الســلامَ والفـرحَ الـرو | حــيَّ يـا ضَـوْءَ فجـريَ المنشـودِ |
وارحـميني, فقـدْ تهـدّمتُ فـي كـو | نٍ مــن اليــأس والظــلام مَشـيدِ |
أنقـذيني مـن الأسـى, فلقـد أمسـيـ | ـــتُ لا أســتطيع حـملَ وجـودي |
فـي شـعاب الزمـان والمـوت أمشي | تحــت عِـبءِ الحيـاة جَـمَّ القيـودِ |
وأماشــي الـورَى ونفسـيَ كـالقبـ | ـــر, وقلبــي كالعـالم المهـدودِ: |
ظُلْمَــةٌ, مــا لهـا ختـامٌ, وهـولٌ | شــائعٌ فــي ســكونها الممــدودِ |
وإذا مــا اسْــتَخفّني عَبَـثُ النـاس | تبسَّــمتُ فــي أسًــى وجُــمُودِ |
بســـمةً مُــرّةً, كــأنِّيَ أســتلُّ | مــن الشــوْكِ ذابــلاتِ الـورودِ |
وانْفخـي فـي مشـاعري مَـرَحَ الدنيا | وشُــدِّي مــن عــزميَ المجـهودِ |
وابعثـي فـي دمـي الحـرارةَ, عَـلِّي | أتغنَّــى مــع المُنــى مِـن جـديدِ |
وأبُـــثُّ الوجــودَ أنْغــامَ قلــبٍ | بُلْبُــــليّ, مكبَّــــلٍ بـــالحديدِ |
فالصبــاحُ الجــميلُ يُنعشُ بـالدِّفءِ | حيــــاةَ المُحـــطّم المكـــدودِ |
أنْقــذيني, فقــد سـئمتُ ظلامـي! | أنْقــذيني, فقــد مللـتُ ركـودي؟ |
*****
آهِ يـا زهـرتي الجميلـةَ لـو تـدرين | مــا جَــدّ فــي فـؤادي الوحـيدِ |
فـي فـؤادي الغـريبِ تُخْـلَقُ أكـوانٌ | مــن الســحر ذاتُ حســن فريـدِ |
وشـــموسٌ وضّـــاءةٌ ونجــومٌ | تنــثر النــورَ فـي فضـاءٍ مديـدِ |
وربيـــعٌ كأنــه حُــلُمُ الشــاعرِ | فــي سَــكْرةِ الشــباب الســعيدِ |
وريـاضٌ لا تعـرف الحَـلكَ الداجـي | ولا ثـــورةَ الخـــريف العتيــدِ |
وطيـــورٌ ســـحريةٌ تتنـــاغَى | بأناشــــيدَ حـــلوةِ التغريـــدِ |
وقصـورٌ كأنهـا الشَّـفَقُ المخْـضُوبُ | أو طلعـــةُ الصبـــاحِ الوليـــدِ |
وغيــــومٌ رقيقـــةٌ تتهـــادى | كأبـــاديدَ مــن نُثَــارِ الــورودِ |
وحيــاةٌ شــعريّةٌ هــي عنــدي | صــورةٌ مـن حيـاة أهـل الخـلودِ |
كــلُّ هــذا يشـيده سـحرُ عينيـك | وإلهــــامُ حُســـنِك المعبـــودِ |
وحــرام عليــكِ أن تهــدمي مـا | شــادهُ الحُسـنُ فـي الفـؤاد العميـدِ |
وحـرام عليـك أن تسْـحَقي آمــالَ | نفسٍ تصبـــــو لعيشٍ رغيــــدِ |
منــكِ ترجــو سـعادةً لـم تجدهـا | فـي حيـاةِ الـورَى وسـحرِ الوجـودِ |
فالإلــهُ العظيــمُ لا يَرْجُــمُ العَبْـدَ | إذا كــان فــي جــلالِ الســجودِ |