الدكتورة هدى
.:: إدارية الأقـسـام العامـة ::.
السلام عليكم
نزار قباني دبلوماسي و شاعر عربي. ولد في دمشق (سوريا) عام 1923 من عائلة دمشقية عريقة هي أسرة قباني حصل على البكالوريا من مدرسة الكلية العلمية الوطنية بدمشق ثم التحق بكلية الحقوق بالجامعة السورية وتخرّج فيها عام 1945 .
يقول نزار قباني عن نشأته ولدت في دمشق في آذار (مارس) 1923 في بيت وسيع كثير الماء والزهر من منازل دمشق القديمة والدي توفيق القباني تاجر وجيه في حيه عمل في الحركة الوطنية ووهب حياته وماله لها. تميز أبي بحساسية نادرة وبحبه للشعر ولكل ما هو جميل. ورث الحس الفني المرهف بدوره عن عمه أبي خليل القباني الشاعر والمؤلف والملحن والممثل وباذر أول بذرة في نهضة المسرح المصري. امتازت طفولتي بحب عجيب للاكتشاف وتفكيك الأشياء وردها إلى أجزائها ومطاردة الأشكال النادرة وتحطيم الجميل من الألعاب بحثا عن المجهول الأجمل. عنيت في بداية حياتي بالرسم. فمن الخامسة إلى الثانية عشرة من عمري كنت أعيش في بحر من الألوان. أرسم على الأرض وعلى الجدران وألطخ كل ما تقع عليه يدي بحثا عن أشكال جديدة. ثم انتقلت بعدها إلى الموسيقى ولكن مشاكل الدراسة الثانوية أبعدتني عن هذه الهواية.
التحق بعد تخرجة بالعمل الدبلوماسي وتنقل خلاله بين القاهرة وأنقرة ولندن ومدريد وبكين ولندن. وفي ربيع 1966 ترك نزار العمل الدبلوماسي وأسس في بيروت دارا للنشر تحمل اسمه وتفرغ للشعر. وكانت ثمرة مسيرته الشعرية إحدى وأربعين مجموعة شعرية ونثرية كانت أولها قالت لي السمراء 1944 .
بدأ أولا بكتابة الشعر التقليدي ثم انتقل إلى الشعر العمودي وساهم في تطوير الشعر العربي الحديث إلى حد كبير. يعتبر نزار مؤسس مدرسة شعريه و فكرية تناولت دواوينه الأربعة الأولى قصائد رومانسية. وكان ديوان قصائد من نزار قباني الصادر عام 1956 نقطة تحول في شعر نزار حيث تضمن هذا الديوان قصيدة خبز وحشيش وقمر التي انتقدت بشكل لاذع خمول المجتمع العربي. واثارت ضده عاصفة شديدة حتى أن طالب رجال الدين في سوريا بطرده من الخارجية وفصله من العمل الدبلوماسي. تميز قباني أيضا بنقده السياسي القوي من أشهر قصائده السياسية هوامش على دفتر النكسة 1967 التي تناولت هزيمة العرب على أيدي إسرائيل في نكسة حزيران. من أهم أعماله حبيبتي (1961) الرسم بالكلمات (1966) وقصائد حب عربية (1993).
كان لانتحار شقيقته التي أجبرت على الزواج من رجل لم تحبه أثر كبير في حياته, قرر بعدها محاربة كل الاشياء التي تسببت في موتها. عندما سؤل نزار قبانى اذا كان يعتبر نفسة ثائرا, أجاب الشاعر : ان الحب في العالم العربي سجين و أنا اريد تحريرة اريد تحرير الحس و الجسد العربي بشعري أن العلاقة بين الرجل و المرأة في مجتمعنا غير سليمة.
تزوّج نزار قباني مرتين الأولى من ابنة عمه زهراء آقبيق وأنجب منها هدباء و وتوفيق . و الثانية عراقية هي بلقيس الراوي و أنجب منها عمر و زينب . توفي ابنه توفيق و هو في السابعة عشرة من عمرة مصابا بمرض القلب و كانت وفاتة صدمة كبيرة لنزار و قد رثاة في قصيدة إلى الأمير الدمشقي توفيق قباني. وفي عام 1982 قتلت بلقيس الراوي في انفجار السفارة العراقية ببيروت وترك رحيلها أثرا نفسيا سيئا عند نزار ورثاها بقصيدة شهيرة تحمل اسمها بلقيس ..
بعد مقتل بلقيس ترك نزار بيروت وتنقل في باريس وجنيف حتى استقر به المقام في لندن التي قضى بها الأعوام الخمسة عشر الأخيرة من حياته . ومن لندن كان نزار يكتب أشعاره ويثير المعارك والجدل ..خاصة قصائده السياسة خلال فترة التسعينات مثل : متى يعلنون وفاة العرب؟؟ و المهرولون .
وافته المنية في لندن يوم 30/4/1998 عن عمر يناهز 75 عاما قضى منها اكثر من 50 عاما في الحب و السياسة و الثوره .
أشعار وقصائد نذار قبانى
قصيدة غير منتهية في تعريف العشق
.. عندما قررت أن أكتب عن تجربتي في الحب
فكرت كثيرا..
ما الذي تجدي اعترافاتي؟
وقبلي كتب الناس عن الحب كثيرا..
صوروه فوق حيطان المغارات
وفي أوعية الفخار والطين قديما
نقشوه فوق عاج الفيل في الهند..
وفوق الورق البردي في مصر
وفوق الرز في الصين..
وأهدوه القرابين وأهدوه النذورا..
عندما قررت أن أنشر أفكاري عن العشق.
ترددت كثيرا..
فأنا لست بقسيس
ولا مارست تعليم التلاميذ
ولا أؤمن أن الورد..
مضطر لأن يشرح للناس العبيرا..
ما الذي أكتب يا سيدتي؟
إنها تجربتي وحدي..
وتعنيني أنا وحدي..
إنها السيف الذي يثقبني وحدي..
فأزداد مع الموت حضورا..
عندما سافرت في بحرك يا سيدتي..
لم أكن أنظر في خارطة البحر
ولم أحمل معي زورق مطاط..
ولا طوق نجاة..
بل تقدمت إلى نارك كالبوذي..
واخترت المصيرا..
لذتي كانت بأن أكتب بالطبشور..
عنواني على الشمس..
وأبني فوق نهديك الجسورا..
حين أحببتك..
لاحظت بأن الكرز الأحمر في بستاننا
أصبح جمرا مستديرا..
وبأن السمك الخائف من صنارة الأولاد..
يأتي بالملايين ليلقي في شواطينا البذورا..
وبأن السرو قد زاد ارتفاعا..
وبأن العمر قد زاد اتساعا..
وبأن الله ..
قد عاد إلى الأرض أخيرا..
حين أحببتك ..
لاحظت بأن الصيف يأتي..
عشر مرات إلينا كل عام..
وبأن القمح ينمو..
عشر مرات لدينا كل يوم
وبأن القمر الهارب من بلدتنا..
جاء يستأجر بيتا وسريرا..
وبأن العرق الممزوج بالسكر والينسون..
قد طاب على العشق كثيرا..
حين أحببتك ..
صارت ضحكة الأطفال في العالم أحلى..
ومذاق الخبز أحلى..
وسقوط الثلج أحلى..
ومواء القطط السوداء في الشارع أحلى..
ولقاء الكف بالكف على أرصفة الحمراء أحلى ..
والرسومات الصغيرات التي نتركها في فوطة المطعم أحلى..
وارتشاف القهوة السوداء..
والتدخين..
والسهرة في المسح ليل السبت..
والرمل الذي يبقي على أجسادنا من عطلة الأسبوع
واللون النحاسي على ظهرك من بعد ارتحال الصيف
أحلى..
والمجلات التي نمنا عليها ..
وتمددنا .. وثرثرنا لساعات عليها ..
أصبحت في أفق الذكرى طيورا...
حين أحببتك يا سيدتي
طوبوا لي ..
كل أشجار الأناناس بعينيك ..
وآلاف الفدادين على الشمس
وأعطوني مفاتيح السماوات..
وأهدوني النياشين..
وأهدوني الحريرا
عندما حاولت أن أكتب عن حبي ..
تعذبت كثيرا..
إنني في داخل البحر ...
وإحساسي بضغط الماء لا يعرفه
غير من ضاعوا بأعماق المحيطات دهورا.
ما الذي أكتب عن حبك يا سيدتي؟
كل ما تذكره ذاكرتي..
أنني استيقظت من نومي صباحا..
لأرى نفسي أميرا ..
منشورات فدائيّة على جدران إسرائيل
لن تجعلوا من شعبنا
شعب هنود حمر..
فنحن باقون هنا..
في هذه الأرض التي تلبس في معصمها
إسوارة من زهر
فهذه بلادنا..
فيها وجدنا منذ فجر العمر
فيها لعبنا وعشقنا وكتبنا الشعر
مشرشون نحن في خلجانها
مثل حشيش البحر..
مشرشون نحن في تاريخها
في خبزها المرقوق في زيتونها
في قمحها المصفر
مشرشون نحن في وجدانها
باقون في آذارها
باقون في نيسانها
باقون كالحفر على صلبانها
باقون في نبيها الكريم في قرآنها..
وفي الوصايا العشر..
لا تسكروا بالنصر…
إذا قتلتم خالدا.. فسوف يأتي عمرو
وإن سحقتم وردة..
فسوف يبقى العطر
لأن موسى قطعت يداه..
ولم يعد يتقن فن السحر..
لأن موسى كسرت عصاه
ولم يعد بوسعه شق مياه البحر
لأنكم لستم كأمريكا.. ولسنا كالهنود الحمر
فسوف تهلكون عن آخركم
فوق صحاري مصر…
المسجد الأقصى شهيد جديد
نضيفه إلى الحساب العتيق
وليست النار وليس الحريق
سوى قناديل تضيء الطريق
من قصب الغابات
نخرج كالجن لكم.. من قصب الغابات
من رزم البريد من مقاعد الباصات
من علب الدخان من صفائح البنزين من شواهد الأموات
من الطباشير من الألواح من ضفائر البنات
من خشب الصلبان ومن أوعية البخور من أغطية الصلاة
من ورق المصحف نأتيكم
من السطور والآيات…
فنحن مبثوثون في الريح وفي الماء وفي النبات
ونحن معجونون بالألوان والأصوات..
لن تفلتوا.. لن تفلتوا..
فكل بيت فيه بندقيه
من ضفة النيل إلى الفرات
لن تستريحوا معنا..
كل قتيل عندنا
يموت آلافا من المرات…
إنتبهوا.. إنتبهوا…
أعمدة النور لها أظافر
وللشبابيك عيون عشر
والموت في انتظاركم في كل وجه عابر…
أو لفتة.. أو خصر
الموت مخبوء لكم.. في مشط كل امرأة..
وخصلة من شعر..
يا آل إسرائيل.. لا يأخذكم الغرور
عقارب الساعات إن توقفت لا بد أن تدور..
إن اغتصاب الأرض لا يخيفنا
فالريش قد يسقط عن أجنحة النسور
والعطش الطويل لا يخيفنا
فالماء يبقى دائما في باطن الصخور
هزمتم الجيوش.. إلا أنكم لم تهزموا الشعور
قطعتم الأشجار من رؤوسها.. وظلت الجذور
ننصحكم أن تقرأوا ما جاء في الزبور
ننصحكم أن تحملوا توراتكم
وتتبعوا نبيكم للطور..
فما لكم خبز هنا.. ولا لكم حضور
من باب كل جامع..
من خلف كل منبر مكسور
سيخرج الحجاج ذات ليلة.. ويخرج المنصور
إنتظرونا دائما..
في كل ما لا ينتظر
فنحن في كل المطارات وفي كل بطاقات السفر
نطلع في روما وفي زوريخ من تحت الحجر
نطلع من خلف التماثيل وأحواض الزهر..
رجالنا يأتون دون موعد
في غضب الرعد وزخات المطر
يأتون في عباءة الرسول أو سيف عمر..
نساؤنا.. يرسمن أحزان فلسطين على دمع الشجر
يقبرن أطفال فلسطين بوجدان البشر
يحملن أحجار فلسطين إلى أرض القمر..
لقد سرقتم وطنا..
فصفق العالم للمغامره
صادرتم الألوف من بيوتنا
وبعتم الألوف من أطفالنا
فصفق العالم للسماسره..
سرقتم الزيت من الكنائس
سرقتم المسيح من بيته في الناصره
فصفق العالم للمغامره
وتنصبون مأتما..
إذا خطفنا طائره
تذكروا.. تذكروا دائما
بأن أمريكا – على شأنها –
ليست هي الله العزيز القدير
وأن أمريكا – على بأسها –
لن تمنع الطيور أن تطير
قد تقتل الكبير.. بارودة
صغيرة.. في يد طفل صغير
ما بيننا.. وبينكم.. لا ينتهي بعام
لا ينتهي بخمسة.. أو عشرة.. ولا بألف عام
طويلة معارك التحرير كالصيام
ونحن باقون على صدوركم..
كالنقش في الرخام..
باقون في صوت المزاريب.. وفي أجنحة الحمام
باقون في ذاكرة الشمس وفي دفاتر الأيام
باقون في شيطنة الأولاد.. في خربشة الأقلام
باقون في الخرائط الملونه
باقون في شعر امرئ القيس..
وفي شعر أبي تمام..
باقون في شفاه من نحبهم
باقون في مخارج الكلام..
موعدنا حين يجيء المغيب
موعدنا القادم في تل أبيب
نصر من الله وفتح قريب
ليس حزيران سوى يوم من الزمان
وأجمل الورود ما ينبت في حديقة الأحزان..
للحزن أولاد سيكبرون..
للوجع الطويل أولاد سيكبرون
للأرض للحارات للأبواب أولاد سيكبرون
وهؤلاء كلهم..
تجمعوا منذ ثلاثين سنه
في غرف التحقيق في مراكز البوليس في السجون
تجمعوا كالدمع في العيون
وهؤلاء كلهم..
في أي.. أي لحظة
من كل أبواب فلسطين سيدخلون..
..وجاء في كتابه تعالى:
بأنكم من مصر تخرجون
وأنكم في تيهها سوف تجوعون وتعطشون
وأنكم ستعبدون العجل دون ربكم
وأنكم بنعمة الله عليكم سوف تكفرون
وفي المناشير التي يحملها رجالنا
زدنا على ما قاله تعالى:
سطرين آخرين:
ومن ذرى الجولان تخرجون
وضفة الأردن تخرجون
بقوة السلاح تخرجون..
سوف يموت الأعور الدجال
سوف يموت الأعور الدجال
ونحن باقون هنا حدائقا وعطر برتقال
باقون فيما رسم الله على دفاتر الجبال
باقون في معاصر الزيت.. وفي الأنوال
في المد.. في الجزر.. وفي الشروق والزوال
باقون في مراكب الصيد وفي الأصداف والرمال
باقون في قصائد الحب وفي قصائد النضال
باقون في الشعر وفي الأزجال
باقون في عطر المناديل..
في (الدبكة) و (الموال)..
في القصص الشعبي والأمثال
باقون في الكوفية البيضاء والعقال
باقون في مروءة الخيل وفي مروءة الخيال
باقون في (المهباج) والبن وفي تحية الرجال للرجال
باقون في معاطف الجنود في الجراح في السعال
باقون في سنابل القمح وفي نسائم الشمال
باقون في الصليب..
باقون في الهلال..
في ثورة الطلاب باقون وفي معاول العمال
باقون في خواتم الخطبة في أسرة الأطفال
باقون في الدموع..
باقون في الآمال
تسعون مليونا من الأعراب خلف الأفق غاضبون
با ويلكم من ثأرهم..
يوم من القمقم يطلعون..
لأن هارون الرشيد مات من زمان
ولم يعد في القصر غلمان ولا خصيان
لأننا من قتلناه وأطعمناه للحيتان
لأن هارون الرشيد لم يعد إنسان
لأنه في تحته الوثير لا يعرف ما القدس.. وما بيسان
فقد قطعنا رأسه أمس وعلقناه في بيسان
لأن هارون الرشيد أرنب جبان
فقد جعلنا قصره قيادة الأركان..
ظل الفلسطيني أعواما على الأبواب..
يشحذ خبز العدل من موائد الذئاب
ويشتكي عذابه للخالق التواب
وعندما.. أخرج من إسطبله حصانا
وزيت البارودة الملقاة في السرداب
أصبح في مقدوره أن يبدأ الحساب..
نحن الذين نرسم الخريطه
ونرسم السفوح والهضاب..
نحن الذين نبدأ المحاكمه
ونفرض الثواب والعقاب..
العرب الذين كانوا عندكم مصدري أحلام
تحولوا بعد حزيران إلى حقل من الألغام
وانتقلت (هانوي) من مكانها..
وانتقلت فيتنام..
حدائق التاريخ دوما تزهر..
ففي ذرى الأوراس قد ماج الشقيق الأحمر..
وفي صحاري ليبيا.. أورق غصن أخضر..
والعرب الذين قلتم عنهم: تحجروا
تغيروا..
تغيروا
أنا الفلسطيني بعد رحلة الضياع والسراب
أطلع كالعشب من الخراب
أضيء كالبرق على وجوهكم
أهطل كالسحاب
أطلع كل ليلة..
من فسحة الدار ومن مقابض الأبواب
من ورق التوت ومن شجيرة اللبلاب
من بركة الدار ومن ثرثرة المزراب
أطلع من صوت أبي..
من وجه أمي الطيب الجذاب
أطلع من كل العيون السود والأهداب
ومن شبابيك الحبيبات ومن رسائل الأحباب
أفتح باب منزلي.
أدخله. من غير أن أنتظر الجواب
لأنني أنا.. السؤال والجواب
محاصرون أنتم بالحقد والكراهيه
فمن هنا جيش أبي عبيدة
ومن هنا معاويه
سلامكم ممزق..
وبيتكم مطوق
كبيت أي زانيه..
نأتي بكوفياتنا البيضاء والسوداء
نرسم فوق جلدكم إشارة الفداء
من رحم الأيام نأتي كانبثاق الماء
من خيمة الذل التي يعلكها الهواء
من وجع الحسين نأتي.. من أسى فاطمة الزهراء
من أحد نأتي.. ومن بدر.. ومن أحزان كربلاء
نأتي لكي نصحح التاريخ والأشياء
ونطمس الحروف..
في الشوارع العبرية الأسماء..
أشهد أن لا أمرأه إلا أنت
أشهد أن لا امرأة
أتقنت اللعبة إلا أنت
واحتملت حماقتي
عشرة أعوام كما احتملت
واصطبرت على جنوني مثلما صبرت
وقلمت أظافري
ورتبت دفاتري
وأدخلتني روضة الأطفال
إلا أنت ..
أشهد أن لا امرأة
تشبهني كصورة زيتية
في الفكر والسلوك إلا أنت
والعقل والجنون إلا أنت
والملل السريع
والتعلق السريع
إلا أنت ..
أشهد أن لا امرأة
قد أخذت من اهتمامي
نصف ما أخذت
واستعمرتني مثلما فعلت
وحررتني مثلما فعلت
أشهد أن لا امرأة
تعاملت معي كطفل عمره شهران
إلا أنت ..
وقدمت لي لبن العصفور
والأزهار والألعاب
إلا أنت ..
أشهد أن لا امرأة
كانت معي كريمة كالبحر
راقية كالشعر
ودللتني مثلما فعلت
وأفسدتني مثلما فعلت
أشهد أن لا امرأة
قد جعلت طفولتي
تمتد للخمسين .. إلا أنت
أشهد أن لا امرأة
تقدرأن تقول إنها النساء .. إلا أنت
وإن في سرتها
مركز هذا الكون
أشهد أن لا امرأة
تتبعها الأشجار عندما تسير
إلا أنت ..
ويشرب الحمام من مياه جسمها الثلجي
إلا أنت ..
وتأكل الخراف من حشيش إبطها الصيفي
إلا أنت
أشهد أن لا امرأة
إختصرت بكلمتين قصة الأنوثة
وحرضت رجولتي علي
إلا أنت ..
أشهد أن لا امرأة
توقف الزمان عند نهدها الأيمن
إلا أنت ..
وقامت الثورات من سفوح نهدها الأيسر
إلا أنت ..
أشهد أن لا امرأة
قد غيرت شرائع العالم إلا أنت
وغيرت
خريطة الحلال والحرام
إلا أنت ..
أشهد أن لا امرأة
تجتاحني في لحظات العشق كالزلزال
تحرقني .. تغرقني
تشعلني .. تطفئني
تكسرني نصفين كالهلال
أشهد أن لا امرأة
تحتل نفسي أطول احتلال
وأسعد احتلال
تزرعني
وردا دمشقيا
ونعناعا
وبرتقال
يا امرأة
اترك تحت شعرها أسئلتي
ولم تجب يوما على سؤال
يا امرأة هي اللغات كلها
لكنها
تلمس بالذهن ولا تقال
أيتها البحرية العينين
والشمعية اليدين
والرائعة الحضور
أيتها البيضاء كالفضة
والملساء كالبلور
أشهد أن لا امرأة
على محيط خصرها . .تجتمع العصور
وألف ألف كوكب يدور
أشهد أن لا امرأة .. غيرك يا حبيبتي
على ذراعيها تربى أول الذكور
وآخر الذكور
أيتها اللماحة الشفافة
العادلة الجميلة
أيتها الشهية البهية
الدائمة الطفوله
أشهد أن لا امرأة
تحررت من حكم أهل الكهف إلا أنت
وكسرت أصنامهم
وبددت أوهامهم
وأسقطت سلطة أهل الكهف إلا أنت
أشهد أن لا امرأة
إستقبلت بصدرها خناجر القبيلة
واعتبرت حبي لها
خلاصة الفضيله
أشهد أن لا امرأة
جاءت تماما مثلما انتظرت
وجاء طول شعرها أطول مما شئت أو حلمت
وجاء شكل نهدها
مطابقا لكل ما خططت أو رسمت
أشهد أن لا امرأة
تخرج من سحب الدخان .. إن دخنت
تطير كالحمامة البيضاء في فكري .. إذا فكرت
يا امرأة ..كتبت عنها كتبا بحالها
لكنها برغم شعري كله
قد بقيت .. أجمل من جميع ما كتبت
أشهد أن لا امرأة
مارست الحب معي بمنتهى الحضاره
وأخرجتني من غبار العالم الثالث
إلا أنت
أشهد أن لا امرأة
قبلك حلت عقدي
وثقفت لي جسدي
وحاورته مثلما تحاور القيثاره
أشهد أن لا امرأة
إلا أنت ..
إلا أنت ..
إلا أنت ..
نزار قباني دبلوماسي و شاعر عربي. ولد في دمشق (سوريا) عام 1923 من عائلة دمشقية عريقة هي أسرة قباني حصل على البكالوريا من مدرسة الكلية العلمية الوطنية بدمشق ثم التحق بكلية الحقوق بالجامعة السورية وتخرّج فيها عام 1945 .
يقول نزار قباني عن نشأته ولدت في دمشق في آذار (مارس) 1923 في بيت وسيع كثير الماء والزهر من منازل دمشق القديمة والدي توفيق القباني تاجر وجيه في حيه عمل في الحركة الوطنية ووهب حياته وماله لها. تميز أبي بحساسية نادرة وبحبه للشعر ولكل ما هو جميل. ورث الحس الفني المرهف بدوره عن عمه أبي خليل القباني الشاعر والمؤلف والملحن والممثل وباذر أول بذرة في نهضة المسرح المصري. امتازت طفولتي بحب عجيب للاكتشاف وتفكيك الأشياء وردها إلى أجزائها ومطاردة الأشكال النادرة وتحطيم الجميل من الألعاب بحثا عن المجهول الأجمل. عنيت في بداية حياتي بالرسم. فمن الخامسة إلى الثانية عشرة من عمري كنت أعيش في بحر من الألوان. أرسم على الأرض وعلى الجدران وألطخ كل ما تقع عليه يدي بحثا عن أشكال جديدة. ثم انتقلت بعدها إلى الموسيقى ولكن مشاكل الدراسة الثانوية أبعدتني عن هذه الهواية.
التحق بعد تخرجة بالعمل الدبلوماسي وتنقل خلاله بين القاهرة وأنقرة ولندن ومدريد وبكين ولندن. وفي ربيع 1966 ترك نزار العمل الدبلوماسي وأسس في بيروت دارا للنشر تحمل اسمه وتفرغ للشعر. وكانت ثمرة مسيرته الشعرية إحدى وأربعين مجموعة شعرية ونثرية كانت أولها قالت لي السمراء 1944 .
بدأ أولا بكتابة الشعر التقليدي ثم انتقل إلى الشعر العمودي وساهم في تطوير الشعر العربي الحديث إلى حد كبير. يعتبر نزار مؤسس مدرسة شعريه و فكرية تناولت دواوينه الأربعة الأولى قصائد رومانسية. وكان ديوان قصائد من نزار قباني الصادر عام 1956 نقطة تحول في شعر نزار حيث تضمن هذا الديوان قصيدة خبز وحشيش وقمر التي انتقدت بشكل لاذع خمول المجتمع العربي. واثارت ضده عاصفة شديدة حتى أن طالب رجال الدين في سوريا بطرده من الخارجية وفصله من العمل الدبلوماسي. تميز قباني أيضا بنقده السياسي القوي من أشهر قصائده السياسية هوامش على دفتر النكسة 1967 التي تناولت هزيمة العرب على أيدي إسرائيل في نكسة حزيران. من أهم أعماله حبيبتي (1961) الرسم بالكلمات (1966) وقصائد حب عربية (1993).
كان لانتحار شقيقته التي أجبرت على الزواج من رجل لم تحبه أثر كبير في حياته, قرر بعدها محاربة كل الاشياء التي تسببت في موتها. عندما سؤل نزار قبانى اذا كان يعتبر نفسة ثائرا, أجاب الشاعر : ان الحب في العالم العربي سجين و أنا اريد تحريرة اريد تحرير الحس و الجسد العربي بشعري أن العلاقة بين الرجل و المرأة في مجتمعنا غير سليمة.
تزوّج نزار قباني مرتين الأولى من ابنة عمه زهراء آقبيق وأنجب منها هدباء و وتوفيق . و الثانية عراقية هي بلقيس الراوي و أنجب منها عمر و زينب . توفي ابنه توفيق و هو في السابعة عشرة من عمرة مصابا بمرض القلب و كانت وفاتة صدمة كبيرة لنزار و قد رثاة في قصيدة إلى الأمير الدمشقي توفيق قباني. وفي عام 1982 قتلت بلقيس الراوي في انفجار السفارة العراقية ببيروت وترك رحيلها أثرا نفسيا سيئا عند نزار ورثاها بقصيدة شهيرة تحمل اسمها بلقيس ..
بعد مقتل بلقيس ترك نزار بيروت وتنقل في باريس وجنيف حتى استقر به المقام في لندن التي قضى بها الأعوام الخمسة عشر الأخيرة من حياته . ومن لندن كان نزار يكتب أشعاره ويثير المعارك والجدل ..خاصة قصائده السياسة خلال فترة التسعينات مثل : متى يعلنون وفاة العرب؟؟ و المهرولون .
وافته المنية في لندن يوم 30/4/1998 عن عمر يناهز 75 عاما قضى منها اكثر من 50 عاما في الحب و السياسة و الثوره .
أشعار وقصائد نذار قبانى
قصيدة غير منتهية في تعريف العشق
.. عندما قررت أن أكتب عن تجربتي في الحب
فكرت كثيرا..
ما الذي تجدي اعترافاتي؟
وقبلي كتب الناس عن الحب كثيرا..
صوروه فوق حيطان المغارات
وفي أوعية الفخار والطين قديما
نقشوه فوق عاج الفيل في الهند..
وفوق الورق البردي في مصر
وفوق الرز في الصين..
وأهدوه القرابين وأهدوه النذورا..
عندما قررت أن أنشر أفكاري عن العشق.
ترددت كثيرا..
فأنا لست بقسيس
ولا مارست تعليم التلاميذ
ولا أؤمن أن الورد..
مضطر لأن يشرح للناس العبيرا..
ما الذي أكتب يا سيدتي؟
إنها تجربتي وحدي..
وتعنيني أنا وحدي..
إنها السيف الذي يثقبني وحدي..
فأزداد مع الموت حضورا..
عندما سافرت في بحرك يا سيدتي..
لم أكن أنظر في خارطة البحر
ولم أحمل معي زورق مطاط..
ولا طوق نجاة..
بل تقدمت إلى نارك كالبوذي..
واخترت المصيرا..
لذتي كانت بأن أكتب بالطبشور..
عنواني على الشمس..
وأبني فوق نهديك الجسورا..
حين أحببتك..
لاحظت بأن الكرز الأحمر في بستاننا
أصبح جمرا مستديرا..
وبأن السمك الخائف من صنارة الأولاد..
يأتي بالملايين ليلقي في شواطينا البذورا..
وبأن السرو قد زاد ارتفاعا..
وبأن العمر قد زاد اتساعا..
وبأن الله ..
قد عاد إلى الأرض أخيرا..
حين أحببتك ..
لاحظت بأن الصيف يأتي..
عشر مرات إلينا كل عام..
وبأن القمح ينمو..
عشر مرات لدينا كل يوم
وبأن القمر الهارب من بلدتنا..
جاء يستأجر بيتا وسريرا..
وبأن العرق الممزوج بالسكر والينسون..
قد طاب على العشق كثيرا..
حين أحببتك ..
صارت ضحكة الأطفال في العالم أحلى..
ومذاق الخبز أحلى..
وسقوط الثلج أحلى..
ومواء القطط السوداء في الشارع أحلى..
ولقاء الكف بالكف على أرصفة الحمراء أحلى ..
والرسومات الصغيرات التي نتركها في فوطة المطعم أحلى..
وارتشاف القهوة السوداء..
والتدخين..
والسهرة في المسح ليل السبت..
والرمل الذي يبقي على أجسادنا من عطلة الأسبوع
واللون النحاسي على ظهرك من بعد ارتحال الصيف
أحلى..
والمجلات التي نمنا عليها ..
وتمددنا .. وثرثرنا لساعات عليها ..
أصبحت في أفق الذكرى طيورا...
حين أحببتك يا سيدتي
طوبوا لي ..
كل أشجار الأناناس بعينيك ..
وآلاف الفدادين على الشمس
وأعطوني مفاتيح السماوات..
وأهدوني النياشين..
وأهدوني الحريرا
عندما حاولت أن أكتب عن حبي ..
تعذبت كثيرا..
إنني في داخل البحر ...
وإحساسي بضغط الماء لا يعرفه
غير من ضاعوا بأعماق المحيطات دهورا.
ما الذي أكتب عن حبك يا سيدتي؟
كل ما تذكره ذاكرتي..
أنني استيقظت من نومي صباحا..
لأرى نفسي أميرا ..
منشورات فدائيّة على جدران إسرائيل
لن تجعلوا من شعبنا
شعب هنود حمر..
فنحن باقون هنا..
في هذه الأرض التي تلبس في معصمها
إسوارة من زهر
فهذه بلادنا..
فيها وجدنا منذ فجر العمر
فيها لعبنا وعشقنا وكتبنا الشعر
مشرشون نحن في خلجانها
مثل حشيش البحر..
مشرشون نحن في تاريخها
في خبزها المرقوق في زيتونها
في قمحها المصفر
مشرشون نحن في وجدانها
باقون في آذارها
باقون في نيسانها
باقون كالحفر على صلبانها
باقون في نبيها الكريم في قرآنها..
وفي الوصايا العشر..
لا تسكروا بالنصر…
إذا قتلتم خالدا.. فسوف يأتي عمرو
وإن سحقتم وردة..
فسوف يبقى العطر
لأن موسى قطعت يداه..
ولم يعد يتقن فن السحر..
لأن موسى كسرت عصاه
ولم يعد بوسعه شق مياه البحر
لأنكم لستم كأمريكا.. ولسنا كالهنود الحمر
فسوف تهلكون عن آخركم
فوق صحاري مصر…
المسجد الأقصى شهيد جديد
نضيفه إلى الحساب العتيق
وليست النار وليس الحريق
سوى قناديل تضيء الطريق
من قصب الغابات
نخرج كالجن لكم.. من قصب الغابات
من رزم البريد من مقاعد الباصات
من علب الدخان من صفائح البنزين من شواهد الأموات
من الطباشير من الألواح من ضفائر البنات
من خشب الصلبان ومن أوعية البخور من أغطية الصلاة
من ورق المصحف نأتيكم
من السطور والآيات…
فنحن مبثوثون في الريح وفي الماء وفي النبات
ونحن معجونون بالألوان والأصوات..
لن تفلتوا.. لن تفلتوا..
فكل بيت فيه بندقيه
من ضفة النيل إلى الفرات
لن تستريحوا معنا..
كل قتيل عندنا
يموت آلافا من المرات…
إنتبهوا.. إنتبهوا…
أعمدة النور لها أظافر
وللشبابيك عيون عشر
والموت في انتظاركم في كل وجه عابر…
أو لفتة.. أو خصر
الموت مخبوء لكم.. في مشط كل امرأة..
وخصلة من شعر..
يا آل إسرائيل.. لا يأخذكم الغرور
عقارب الساعات إن توقفت لا بد أن تدور..
إن اغتصاب الأرض لا يخيفنا
فالريش قد يسقط عن أجنحة النسور
والعطش الطويل لا يخيفنا
فالماء يبقى دائما في باطن الصخور
هزمتم الجيوش.. إلا أنكم لم تهزموا الشعور
قطعتم الأشجار من رؤوسها.. وظلت الجذور
ننصحكم أن تقرأوا ما جاء في الزبور
ننصحكم أن تحملوا توراتكم
وتتبعوا نبيكم للطور..
فما لكم خبز هنا.. ولا لكم حضور
من باب كل جامع..
من خلف كل منبر مكسور
سيخرج الحجاج ذات ليلة.. ويخرج المنصور
إنتظرونا دائما..
في كل ما لا ينتظر
فنحن في كل المطارات وفي كل بطاقات السفر
نطلع في روما وفي زوريخ من تحت الحجر
نطلع من خلف التماثيل وأحواض الزهر..
رجالنا يأتون دون موعد
في غضب الرعد وزخات المطر
يأتون في عباءة الرسول أو سيف عمر..
نساؤنا.. يرسمن أحزان فلسطين على دمع الشجر
يقبرن أطفال فلسطين بوجدان البشر
يحملن أحجار فلسطين إلى أرض القمر..
لقد سرقتم وطنا..
فصفق العالم للمغامره
صادرتم الألوف من بيوتنا
وبعتم الألوف من أطفالنا
فصفق العالم للسماسره..
سرقتم الزيت من الكنائس
سرقتم المسيح من بيته في الناصره
فصفق العالم للمغامره
وتنصبون مأتما..
إذا خطفنا طائره
تذكروا.. تذكروا دائما
بأن أمريكا – على شأنها –
ليست هي الله العزيز القدير
وأن أمريكا – على بأسها –
لن تمنع الطيور أن تطير
قد تقتل الكبير.. بارودة
صغيرة.. في يد طفل صغير
ما بيننا.. وبينكم.. لا ينتهي بعام
لا ينتهي بخمسة.. أو عشرة.. ولا بألف عام
طويلة معارك التحرير كالصيام
ونحن باقون على صدوركم..
كالنقش في الرخام..
باقون في صوت المزاريب.. وفي أجنحة الحمام
باقون في ذاكرة الشمس وفي دفاتر الأيام
باقون في شيطنة الأولاد.. في خربشة الأقلام
باقون في الخرائط الملونه
باقون في شعر امرئ القيس..
وفي شعر أبي تمام..
باقون في شفاه من نحبهم
باقون في مخارج الكلام..
موعدنا حين يجيء المغيب
موعدنا القادم في تل أبيب
نصر من الله وفتح قريب
ليس حزيران سوى يوم من الزمان
وأجمل الورود ما ينبت في حديقة الأحزان..
للحزن أولاد سيكبرون..
للوجع الطويل أولاد سيكبرون
للأرض للحارات للأبواب أولاد سيكبرون
وهؤلاء كلهم..
تجمعوا منذ ثلاثين سنه
في غرف التحقيق في مراكز البوليس في السجون
تجمعوا كالدمع في العيون
وهؤلاء كلهم..
في أي.. أي لحظة
من كل أبواب فلسطين سيدخلون..
..وجاء في كتابه تعالى:
بأنكم من مصر تخرجون
وأنكم في تيهها سوف تجوعون وتعطشون
وأنكم ستعبدون العجل دون ربكم
وأنكم بنعمة الله عليكم سوف تكفرون
وفي المناشير التي يحملها رجالنا
زدنا على ما قاله تعالى:
سطرين آخرين:
ومن ذرى الجولان تخرجون
وضفة الأردن تخرجون
بقوة السلاح تخرجون..
سوف يموت الأعور الدجال
سوف يموت الأعور الدجال
ونحن باقون هنا حدائقا وعطر برتقال
باقون فيما رسم الله على دفاتر الجبال
باقون في معاصر الزيت.. وفي الأنوال
في المد.. في الجزر.. وفي الشروق والزوال
باقون في مراكب الصيد وفي الأصداف والرمال
باقون في قصائد الحب وفي قصائد النضال
باقون في الشعر وفي الأزجال
باقون في عطر المناديل..
في (الدبكة) و (الموال)..
في القصص الشعبي والأمثال
باقون في الكوفية البيضاء والعقال
باقون في مروءة الخيل وفي مروءة الخيال
باقون في (المهباج) والبن وفي تحية الرجال للرجال
باقون في معاطف الجنود في الجراح في السعال
باقون في سنابل القمح وفي نسائم الشمال
باقون في الصليب..
باقون في الهلال..
في ثورة الطلاب باقون وفي معاول العمال
باقون في خواتم الخطبة في أسرة الأطفال
باقون في الدموع..
باقون في الآمال
تسعون مليونا من الأعراب خلف الأفق غاضبون
با ويلكم من ثأرهم..
يوم من القمقم يطلعون..
لأن هارون الرشيد مات من زمان
ولم يعد في القصر غلمان ولا خصيان
لأننا من قتلناه وأطعمناه للحيتان
لأن هارون الرشيد لم يعد إنسان
لأنه في تحته الوثير لا يعرف ما القدس.. وما بيسان
فقد قطعنا رأسه أمس وعلقناه في بيسان
لأن هارون الرشيد أرنب جبان
فقد جعلنا قصره قيادة الأركان..
ظل الفلسطيني أعواما على الأبواب..
يشحذ خبز العدل من موائد الذئاب
ويشتكي عذابه للخالق التواب
وعندما.. أخرج من إسطبله حصانا
وزيت البارودة الملقاة في السرداب
أصبح في مقدوره أن يبدأ الحساب..
نحن الذين نرسم الخريطه
ونرسم السفوح والهضاب..
نحن الذين نبدأ المحاكمه
ونفرض الثواب والعقاب..
العرب الذين كانوا عندكم مصدري أحلام
تحولوا بعد حزيران إلى حقل من الألغام
وانتقلت (هانوي) من مكانها..
وانتقلت فيتنام..
حدائق التاريخ دوما تزهر..
ففي ذرى الأوراس قد ماج الشقيق الأحمر..
وفي صحاري ليبيا.. أورق غصن أخضر..
والعرب الذين قلتم عنهم: تحجروا
تغيروا..
تغيروا
أنا الفلسطيني بعد رحلة الضياع والسراب
أطلع كالعشب من الخراب
أضيء كالبرق على وجوهكم
أهطل كالسحاب
أطلع كل ليلة..
من فسحة الدار ومن مقابض الأبواب
من ورق التوت ومن شجيرة اللبلاب
من بركة الدار ومن ثرثرة المزراب
أطلع من صوت أبي..
من وجه أمي الطيب الجذاب
أطلع من كل العيون السود والأهداب
ومن شبابيك الحبيبات ومن رسائل الأحباب
أفتح باب منزلي.
أدخله. من غير أن أنتظر الجواب
لأنني أنا.. السؤال والجواب
محاصرون أنتم بالحقد والكراهيه
فمن هنا جيش أبي عبيدة
ومن هنا معاويه
سلامكم ممزق..
وبيتكم مطوق
كبيت أي زانيه..
نأتي بكوفياتنا البيضاء والسوداء
نرسم فوق جلدكم إشارة الفداء
من رحم الأيام نأتي كانبثاق الماء
من خيمة الذل التي يعلكها الهواء
من وجع الحسين نأتي.. من أسى فاطمة الزهراء
من أحد نأتي.. ومن بدر.. ومن أحزان كربلاء
نأتي لكي نصحح التاريخ والأشياء
ونطمس الحروف..
في الشوارع العبرية الأسماء..
أشهد أن لا أمرأه إلا أنت
أشهد أن لا امرأة
أتقنت اللعبة إلا أنت
واحتملت حماقتي
عشرة أعوام كما احتملت
واصطبرت على جنوني مثلما صبرت
وقلمت أظافري
ورتبت دفاتري
وأدخلتني روضة الأطفال
إلا أنت ..
أشهد أن لا امرأة
تشبهني كصورة زيتية
في الفكر والسلوك إلا أنت
والعقل والجنون إلا أنت
والملل السريع
والتعلق السريع
إلا أنت ..
أشهد أن لا امرأة
قد أخذت من اهتمامي
نصف ما أخذت
واستعمرتني مثلما فعلت
وحررتني مثلما فعلت
أشهد أن لا امرأة
تعاملت معي كطفل عمره شهران
إلا أنت ..
وقدمت لي لبن العصفور
والأزهار والألعاب
إلا أنت ..
أشهد أن لا امرأة
كانت معي كريمة كالبحر
راقية كالشعر
ودللتني مثلما فعلت
وأفسدتني مثلما فعلت
أشهد أن لا امرأة
قد جعلت طفولتي
تمتد للخمسين .. إلا أنت
أشهد أن لا امرأة
تقدرأن تقول إنها النساء .. إلا أنت
وإن في سرتها
مركز هذا الكون
أشهد أن لا امرأة
تتبعها الأشجار عندما تسير
إلا أنت ..
ويشرب الحمام من مياه جسمها الثلجي
إلا أنت ..
وتأكل الخراف من حشيش إبطها الصيفي
إلا أنت
أشهد أن لا امرأة
إختصرت بكلمتين قصة الأنوثة
وحرضت رجولتي علي
إلا أنت ..
أشهد أن لا امرأة
توقف الزمان عند نهدها الأيمن
إلا أنت ..
وقامت الثورات من سفوح نهدها الأيسر
إلا أنت ..
أشهد أن لا امرأة
قد غيرت شرائع العالم إلا أنت
وغيرت
خريطة الحلال والحرام
إلا أنت ..
أشهد أن لا امرأة
تجتاحني في لحظات العشق كالزلزال
تحرقني .. تغرقني
تشعلني .. تطفئني
تكسرني نصفين كالهلال
أشهد أن لا امرأة
تحتل نفسي أطول احتلال
وأسعد احتلال
تزرعني
وردا دمشقيا
ونعناعا
وبرتقال
يا امرأة
اترك تحت شعرها أسئلتي
ولم تجب يوما على سؤال
يا امرأة هي اللغات كلها
لكنها
تلمس بالذهن ولا تقال
أيتها البحرية العينين
والشمعية اليدين
والرائعة الحضور
أيتها البيضاء كالفضة
والملساء كالبلور
أشهد أن لا امرأة
على محيط خصرها . .تجتمع العصور
وألف ألف كوكب يدور
أشهد أن لا امرأة .. غيرك يا حبيبتي
على ذراعيها تربى أول الذكور
وآخر الذكور
أيتها اللماحة الشفافة
العادلة الجميلة
أيتها الشهية البهية
الدائمة الطفوله
أشهد أن لا امرأة
تحررت من حكم أهل الكهف إلا أنت
وكسرت أصنامهم
وبددت أوهامهم
وأسقطت سلطة أهل الكهف إلا أنت
أشهد أن لا امرأة
إستقبلت بصدرها خناجر القبيلة
واعتبرت حبي لها
خلاصة الفضيله
أشهد أن لا امرأة
جاءت تماما مثلما انتظرت
وجاء طول شعرها أطول مما شئت أو حلمت
وجاء شكل نهدها
مطابقا لكل ما خططت أو رسمت
أشهد أن لا امرأة
تخرج من سحب الدخان .. إن دخنت
تطير كالحمامة البيضاء في فكري .. إذا فكرت
يا امرأة ..كتبت عنها كتبا بحالها
لكنها برغم شعري كله
قد بقيت .. أجمل من جميع ما كتبت
أشهد أن لا امرأة
مارست الحب معي بمنتهى الحضاره
وأخرجتني من غبار العالم الثالث
إلا أنت
أشهد أن لا امرأة
قبلك حلت عقدي
وثقفت لي جسدي
وحاورته مثلما تحاور القيثاره
أشهد أن لا امرأة
إلا أنت ..
إلا أنت ..
إلا أنت ..