سوريا اليوم
مراسل صقور الأبداع من سوريا
المستقبل
كشفت مصادر موثوقة في وزارة الاتصالات أنه على أثر استقالة حكومة الرئيس نجيب ميقاتي في الثامنة والنصف من مساء الجمعة في 22/3/2013، حضر في صباح اليوم التالي، أي نهار السبت في 23/3/2013 ، مستشارا وزير الاتصالات، كريم قبيسي وعصام اسماعيل، وتوجها إلى أمانة سر الوزير، وسحبا قيود المعاملات وقرارات السجلات التي تسجّل عليها المعاملات الواردة والصادرة، وطلبا من الموظفين في أمانة السر والديوان عدم تسجيل أي معاملة إلا بعد إعادة القيود إلى الأمانة.</p> وبعد يومين من سحب السجلات، حيث صادف نهار الأحد العطلة الاسبوعية والاثنين عيد البشارة (أي عطلة رسمية) أعاد المستشاران قبيسي واسماعيل السجلات الى أمانة السر. وفي اليوم عينه، أصدر وزير الاتصالات نقولا صحناوي قراراً حمل الرقم 188/1 أعطي تاريخ 22/03/2013، أي قبل ثلاثة أيام من إصدار القرار، رخّص بموجبه صحناوي لشركة “سافيكو” (وهي غير معروفة المالك بالكامل)، وبشكل حصري، استثمار خدمة الاتصالات الدولية من خلال نقل الصوت عبر بروتوكول الانترنت (VOICE OVER IP)، والتي تدر، بحسب خبير في وزارة الاتصالات، ما لا يقل عن 200 مليون دولار سنوياً على الخزينة اللبنانية، وذلك في مخالفة فاضحة للقوانين المرعية الاجراء، متجاوزاً بهذا الإجراء مجلس الوزراء والسلطات التشريعية والتنفيذية والهيئات الرقابية والمالية في الدولة اللبنانية.
وعلمت “المستقبل” أن الرئيس المكلف تمام سلام أثار الموضوع مع رئيس كتلة “الإصلاح والتغيير” العماد ميشال عون أثناء زيارته البروتوكولية له، والذي أبدى استغرابه من قرار صحناوي، مؤكداً أنه سيتحقق من الموضوع شخصياً، ومبدياً استياءه لهذا التصرف.
هذه الحادثة فاجأت المعنيين في الدولة على المستويات السياسية والإدارية والقضائية، حيث أضحت فضيحة “على عينك يا تاجر” كما قال مصدر مسؤول لـ”المستقبل”. أضاف: “إنها لمفارقة حقاً، أن يقوم وزير تحت عنوان “الإصلاح والتغيير”، وفي اليوم الأخير من عمر الحكومة، بإصدار قرار مخالف للدستور والقوانين والمراسيم التشريعية والجمهورية بهدف الترخيص لشركة خاصة لاستثمار خدمات تدرّ مئات ملايين الدولارات للشركة الخاصة (التي رُخّص لها لمدة خمس سنوات)، وتحجب هذه الأموال عن خزينة الدولة كون الوزارة هي المقدم الحصري لهذه الخدمات”.
ولفت المصدر إلى أنه “من المتعارف عليه، ووفقاً للقوانين والمراسيم المرعية الإجراء، أن وزارة الاتصالات تقوم بتأمين خدمة الاتصالات الدولية بشكل حصري وفقاً للمادة 189 من المرسوم الاشتراعي الرقم 126، تاريخ 12/6/1959. بالتالي، من غير الممكن إطلاقاً أن يمنح وزير اتصالات شركة خاصة ترخيصاً لالتزام هذه الخدمة الحصرية إلا بموجب قانون صادر عن مجلس النواب. فهذا العمل هو عبارة عن خصخصة مقنّعة بامتياز”. وعليه، يضيف المصدر، فإن الترخيص المذكور الصادر عن وزير الاتصالات يشكّل مخالفة صريحة لأحكام الدستور اللبناني وخصوصاً المادة 89 منه التي تنص حرفياً على ما يلي: “لا يجوز منح أي التزام أو امتياز لاستغلال مورد من موارد ثروة البلاد الطبيعية أو مصلحة ذات منفعة عامة أو أي احتكار إلا بموجب قانون وإلى زمن محدود”.
ما يثير العجب أيضاً، أن صحناوي استند في حيثيات قراره هذا الى عدد من المراسيم خالفها جميعها ضمن القرار نفسه. فالمرسومان الاشتراعيان الرقم 126 والرقم 127 تاريخ 12/6/1959 ينصّان على حصرية الخدمة لوزارة الاتصالات كما سبق ذكره. والمرسوم الرقم 8292 تاريخ 27/12/1961 ينص تحت بند المخابرات الدولية على ما حرفيته: “كل تعديل لاحق يطرأ على هذا النظام يجب أن يصدق بمرسوم كي يصبح نافذاً”. فكيف يصدر الوزير قراراً في هذا الشأن؟
والمرسوم الرقم 377 تاريخ 15/9/1989 يحدد أن المديرية العامة للاستثمار والصيانة هي “الإدارة” المولجة تطبيق المرسوم. فكيف يستبعد الوزير هذه المديرية العامة ويتفرد بإصدار القرار؟ كما أن المرسوم الرقم 377 يحدد في المادة 27 منه النطاق الضيق لتأمين المخابرات الدولية، وذلك كوسيلة اتصال احتياطية فقط عند تعثر الاتصالات الدولية التي تؤمنها وزارة الاتصالات ولصالح المستثمر فقط.
من الواضح أن صحناوي تفادى في قراره الرقم 188/1 الإشارة من قريب أو من بعيد إلى قانون الاتصالات الرقم 431/2002 ، أو الإشارة الى الهيئة الناظمة للاتصالات، باعتبار أن قانون الاتصالات غير نافذ. في حين أنه وفي اليوم نفسه وليلة استقالة الحكومة وقبل إصدار القرار المشار إليه، أصدر صحناوي قرارين آخرين تحت الرقم 185/1 والرقم 186/1 بتاريخ 22/3/2013 استند فيهما الى كتاب الهيئة الناظمة للاتصالات الرقم TRA/PRE/058/1203/3 تاريخ 1203/2013، ما يطرح التساؤل حول مزاجية صحناوي في اعتبار قانون الاتصالات الرقم 431 نافذاً، وبالتالي فهناك صلاحيات للهيئة الناظمة للاتصالات، أو في مكان آخر فإن القانون المذكور غير نافذ وبالتالي لا صلاحيات للهيئة في هذا الإطار. يبدو أن القانون يصبح نافذاً عندما تقتضي مصلحة صحناوي الشخصية، وغير نافذ في حال جاءت أحكام هذا القانون مخالفة لرغباته، خصوصاً أن أحكام المادة 19 من القانون الرقم 431 تنص حرفياً على الآتي: “يمنح بمرسوم يتخذ في مجلس الوزراء بناء على اقتراح الوزير وبعد إجراء مزايدة عالمية عامة ووفقاً لدفتر شروط تعدّه الهيئة الترخيص لمقدمي… خدمات الهاتف الدولي”. فكيف يصدر صحناوي قراراً بنفسه لترخيص خدمات الهاتف الدولي من دون إجراء مزايدة عالمية عامة ومن دون إعداد دفتر شروط ومن دون صدور مرسوم عن مجلس الوزراء؟
إن المشّرع اللبناني أعطى الأهمية الكبرى لمنح ترخيص هذه الخدمة من خلال المادة 19 من القانون الرقم 431 بهدف عدم نقل احتكار القطاع العام الى القطاع الخاص. بينما جاء صحناوي، وبقرار متفرد منه يتحمل مسؤوليته شخصياً، لينقل هذا الاحتكار الى شركة خاصة محدداً بقراره حصة الخزينة من هذا الترخيص بقيمة عشرة في المئة فقط من مداخيل الشركة من دون إجراء مزايدة عامة لتحديد حصة الدولة اللبنانية في هذا الإطار.
تقول مصادر مطلعة أن صحناوي، حاول التنصل من المسؤولية الشخصية التي يتحملها لإصداره من دون وجه حق القرار الرقم 188، عبر حذفه في مطلع نص القرار المذكور عبارة “إن وزير الاتصالات” واستبدالها بعبارة “إن وزارة الاتصالات”، ظناً منه أن ذلك قد يزيل عبء المسؤولية عن كاهله ويرتّبها على وزارة الاتصالات ككل. علماً أنه خلافاً للقرار رقم 188/1 المذكور أعلاه، فإن جميع القرارات الصادرة عن وزير الاتصالات تبدأ بالعبارة الملزمة “إن وزير الاتصالات” بما في ذلك القراران الرقم 185/1 والرقم 186/1 الصادران في اليوم نفسه لصدور القرار الرقم 188/1.
كما تجدر الإشارة الى أن المادة الأولى من القرار الرقم 188/1 ترخص لشركة “سافيكو” باستثمار عملية نقل الصوت إما للاتصالات outgoing، أو للاتصالات incoming، أو للاتصالات transit، وذلك كونه ورد في هذه المادة كلمة “أو” وليس كلمة “و/أو”. بالتالي، فإنه وفقاً للقرار المذكور، لا تستطيع الشركة استثمار جميع هذه الخدمات، بل خدمة واحدة فقط منها.
كذلك، فإن القرارين الرقم 185/1 والرقم 186/1، الصادرين عشية استقالة الحكومة، هما في موضع الشبهة أيضاً، كون صحناوي سمح من خلالهما لشركتين خاصتين، وكما ورد حرفياً في نص القرارين “إنشاء محطات للتوزيع التلفزيوني اللاسلكي ـ الميكرووي في المواقع المحددة في الجدول الرقم 2 وفق المواصفات التقنية الخاصة ومخطط التغطية (التي تعتبر جزءاً لا يتجزأ من هذا القرار) لتوزيع وبث خدمات إذاعية وتلفزيونية في المنطقة الجغرافية المحددة حصراً وفق المواصفات التقنية المرفقة.” كما ورد في المادة الرابعة من القرارين حرفياً: “تتعهد الشركة الالتزام بالمواصفات التقنية لمحطات البث المحددة في مخطط التغطية المرفق ربطاً والذي يعتبر جزءاً من هذا القرار …”. إلا أن المفارقة الكبيرة تتمثل في عدم وجود أي معلومات في الجدول الرقم 2 المرفق بالقرارين. إذ إنه جدول فارغ تماماً وعبارة عن نموذج فقط، في حين يفترض أن يكون جزءاً لا يتجزأ من القرارين. كما لا يوجد فيه، لا المواصفات التقنية ولا مخطط التغطية ولا المناطق الجغرافية التي يجب أن تحدد حصراً وفقاً لنص القرارين.
إضافة إلى ذلك، هناك مخالفة كبيرة للمرسوم الاشتراعي الرقم 126/59 لا سيما أحكام المادة 235 منه، والتي تنص على وجوب أن يمنح الترخيص بمرسوم يتخذ في مجلس الوزراء، وقد ورد حرفياً في المادة 235 ما يلي: “تخضع إقامة المحطات اللاسلكية الخصوصية، مهما كان نوعها، سواء أكانت معدة لإرسال الإشارات والمراسلات أو لارسالها والتقاطها معاً، لترخيص يمنح بمرسوم يتخذ في مجلس الوزراء.” فكيف يصدر صحناوي القرارين المذكورين متجاوزاً بذلك سلطة مجلس الوزراء؟”.
وهناك مخالفات أيضاً للمرسوم الرقم 377/89، كون صحناوي استبعد كلياً المديرية العامة للاستثمار والصيانة عند إصدار القرارين الرقم 185/1 والرقم 186/1، في حين ينص المرسوم الرقم 377 أن “الإدارة” المولجة تطبيق هذا القانون هي المديرية العامة للاستثمار والصيانة. كما هناك ضرورة لإجراء مزايدة علنية لتأمين هذه الخدمات وتحديد حصة الخزينة من الإيرادات وليس الاكتفاء بحصة العشرين في المئة “من مجموع فواتير القبض” كما قرر صحناوي.
أخيراً، لا بد من الإيجاز أن ما قام به صحناوي لجهة إصدار القرار الرقم 188/1 ليلة استقالة الحكومة هو عملية خصخصة مقنّعة لخدمة الاتصالات الدولية خلافاً للأصول والقوانين المرعية الإجراء، وحتى من دون إعلام الجهات المختصة، ويتطلب ذلك إجراء تحقيق فوري ومساءلة من قبل رئيس الجمهورية لكون المخالفة هي مخالفة دستورية وفقاً لأحكام المادة 89 من الدستور اللبناني. كما يتطلب إجراء تحقيق فوري ومساءلة من قبل مجلس النواب من خلال لجنة تحقيق برلمانية، كون هناك مخالفات واضحة للقوانين والمراسيم الاشتراعية كما سبق ذكره. وكذلك يتطلّب إجراء تحقيق فوري ومساءلة من قبل رئيس الحكومة والجهات الرقابية المختصة والنيابة العامة التمييزية لتبيان لمصلحة من تعمل شركة “سافيكو”، بقرار مشبوه عشية استقالة الحكومة، لتأمين خدمات عن غير وجه حق تدرّ عائدات بمئات ملايين الدولارات للشركة وتحجب هذه الأموال عن خزينة الدولة.
إضافة إلى ذلك، هناك ضرورة لإجراء تحقيق فوري ومساءلة صحناوي حول جميع القرارات التي أصدرها عشية استقالة الحكومة كونه تخطى صلاحيات مجلس الوزراء عند إصدار هذه القرارات.
كشفت مصادر موثوقة في وزارة الاتصالات أنه على أثر استقالة حكومة الرئيس نجيب ميقاتي في الثامنة والنصف من مساء الجمعة في 22/3/2013، حضر في صباح اليوم التالي، أي نهار السبت في 23/3/2013 ، مستشارا وزير الاتصالات، كريم قبيسي وعصام اسماعيل، وتوجها إلى أمانة سر الوزير، وسحبا قيود المعاملات وقرارات السجلات التي تسجّل عليها المعاملات الواردة والصادرة، وطلبا من الموظفين في أمانة السر والديوان عدم تسجيل أي معاملة إلا بعد إعادة القيود إلى الأمانة.</p> وبعد يومين من سحب السجلات، حيث صادف نهار الأحد العطلة الاسبوعية والاثنين عيد البشارة (أي عطلة رسمية) أعاد المستشاران قبيسي واسماعيل السجلات الى أمانة السر. وفي اليوم عينه، أصدر وزير الاتصالات نقولا صحناوي قراراً حمل الرقم 188/1 أعطي تاريخ 22/03/2013، أي قبل ثلاثة أيام من إصدار القرار، رخّص بموجبه صحناوي لشركة “سافيكو” (وهي غير معروفة المالك بالكامل)، وبشكل حصري، استثمار خدمة الاتصالات الدولية من خلال نقل الصوت عبر بروتوكول الانترنت (VOICE OVER IP)، والتي تدر، بحسب خبير في وزارة الاتصالات، ما لا يقل عن 200 مليون دولار سنوياً على الخزينة اللبنانية، وذلك في مخالفة فاضحة للقوانين المرعية الاجراء، متجاوزاً بهذا الإجراء مجلس الوزراء والسلطات التشريعية والتنفيذية والهيئات الرقابية والمالية في الدولة اللبنانية.
وعلمت “المستقبل” أن الرئيس المكلف تمام سلام أثار الموضوع مع رئيس كتلة “الإصلاح والتغيير” العماد ميشال عون أثناء زيارته البروتوكولية له، والذي أبدى استغرابه من قرار صحناوي، مؤكداً أنه سيتحقق من الموضوع شخصياً، ومبدياً استياءه لهذا التصرف.
هذه الحادثة فاجأت المعنيين في الدولة على المستويات السياسية والإدارية والقضائية، حيث أضحت فضيحة “على عينك يا تاجر” كما قال مصدر مسؤول لـ”المستقبل”. أضاف: “إنها لمفارقة حقاً، أن يقوم وزير تحت عنوان “الإصلاح والتغيير”، وفي اليوم الأخير من عمر الحكومة، بإصدار قرار مخالف للدستور والقوانين والمراسيم التشريعية والجمهورية بهدف الترخيص لشركة خاصة لاستثمار خدمات تدرّ مئات ملايين الدولارات للشركة الخاصة (التي رُخّص لها لمدة خمس سنوات)، وتحجب هذه الأموال عن خزينة الدولة كون الوزارة هي المقدم الحصري لهذه الخدمات”.
ولفت المصدر إلى أنه “من المتعارف عليه، ووفقاً للقوانين والمراسيم المرعية الإجراء، أن وزارة الاتصالات تقوم بتأمين خدمة الاتصالات الدولية بشكل حصري وفقاً للمادة 189 من المرسوم الاشتراعي الرقم 126، تاريخ 12/6/1959. بالتالي، من غير الممكن إطلاقاً أن يمنح وزير اتصالات شركة خاصة ترخيصاً لالتزام هذه الخدمة الحصرية إلا بموجب قانون صادر عن مجلس النواب. فهذا العمل هو عبارة عن خصخصة مقنّعة بامتياز”. وعليه، يضيف المصدر، فإن الترخيص المذكور الصادر عن وزير الاتصالات يشكّل مخالفة صريحة لأحكام الدستور اللبناني وخصوصاً المادة 89 منه التي تنص حرفياً على ما يلي: “لا يجوز منح أي التزام أو امتياز لاستغلال مورد من موارد ثروة البلاد الطبيعية أو مصلحة ذات منفعة عامة أو أي احتكار إلا بموجب قانون وإلى زمن محدود”.
ما يثير العجب أيضاً، أن صحناوي استند في حيثيات قراره هذا الى عدد من المراسيم خالفها جميعها ضمن القرار نفسه. فالمرسومان الاشتراعيان الرقم 126 والرقم 127 تاريخ 12/6/1959 ينصّان على حصرية الخدمة لوزارة الاتصالات كما سبق ذكره. والمرسوم الرقم 8292 تاريخ 27/12/1961 ينص تحت بند المخابرات الدولية على ما حرفيته: “كل تعديل لاحق يطرأ على هذا النظام يجب أن يصدق بمرسوم كي يصبح نافذاً”. فكيف يصدر الوزير قراراً في هذا الشأن؟
والمرسوم الرقم 377 تاريخ 15/9/1989 يحدد أن المديرية العامة للاستثمار والصيانة هي “الإدارة” المولجة تطبيق المرسوم. فكيف يستبعد الوزير هذه المديرية العامة ويتفرد بإصدار القرار؟ كما أن المرسوم الرقم 377 يحدد في المادة 27 منه النطاق الضيق لتأمين المخابرات الدولية، وذلك كوسيلة اتصال احتياطية فقط عند تعثر الاتصالات الدولية التي تؤمنها وزارة الاتصالات ولصالح المستثمر فقط.
من الواضح أن صحناوي تفادى في قراره الرقم 188/1 الإشارة من قريب أو من بعيد إلى قانون الاتصالات الرقم 431/2002 ، أو الإشارة الى الهيئة الناظمة للاتصالات، باعتبار أن قانون الاتصالات غير نافذ. في حين أنه وفي اليوم نفسه وليلة استقالة الحكومة وقبل إصدار القرار المشار إليه، أصدر صحناوي قرارين آخرين تحت الرقم 185/1 والرقم 186/1 بتاريخ 22/3/2013 استند فيهما الى كتاب الهيئة الناظمة للاتصالات الرقم TRA/PRE/058/1203/3 تاريخ 1203/2013، ما يطرح التساؤل حول مزاجية صحناوي في اعتبار قانون الاتصالات الرقم 431 نافذاً، وبالتالي فهناك صلاحيات للهيئة الناظمة للاتصالات، أو في مكان آخر فإن القانون المذكور غير نافذ وبالتالي لا صلاحيات للهيئة في هذا الإطار. يبدو أن القانون يصبح نافذاً عندما تقتضي مصلحة صحناوي الشخصية، وغير نافذ في حال جاءت أحكام هذا القانون مخالفة لرغباته، خصوصاً أن أحكام المادة 19 من القانون الرقم 431 تنص حرفياً على الآتي: “يمنح بمرسوم يتخذ في مجلس الوزراء بناء على اقتراح الوزير وبعد إجراء مزايدة عالمية عامة ووفقاً لدفتر شروط تعدّه الهيئة الترخيص لمقدمي… خدمات الهاتف الدولي”. فكيف يصدر صحناوي قراراً بنفسه لترخيص خدمات الهاتف الدولي من دون إجراء مزايدة عالمية عامة ومن دون إعداد دفتر شروط ومن دون صدور مرسوم عن مجلس الوزراء؟
إن المشّرع اللبناني أعطى الأهمية الكبرى لمنح ترخيص هذه الخدمة من خلال المادة 19 من القانون الرقم 431 بهدف عدم نقل احتكار القطاع العام الى القطاع الخاص. بينما جاء صحناوي، وبقرار متفرد منه يتحمل مسؤوليته شخصياً، لينقل هذا الاحتكار الى شركة خاصة محدداً بقراره حصة الخزينة من هذا الترخيص بقيمة عشرة في المئة فقط من مداخيل الشركة من دون إجراء مزايدة عامة لتحديد حصة الدولة اللبنانية في هذا الإطار.
تقول مصادر مطلعة أن صحناوي، حاول التنصل من المسؤولية الشخصية التي يتحملها لإصداره من دون وجه حق القرار الرقم 188، عبر حذفه في مطلع نص القرار المذكور عبارة “إن وزير الاتصالات” واستبدالها بعبارة “إن وزارة الاتصالات”، ظناً منه أن ذلك قد يزيل عبء المسؤولية عن كاهله ويرتّبها على وزارة الاتصالات ككل. علماً أنه خلافاً للقرار رقم 188/1 المذكور أعلاه، فإن جميع القرارات الصادرة عن وزير الاتصالات تبدأ بالعبارة الملزمة “إن وزير الاتصالات” بما في ذلك القراران الرقم 185/1 والرقم 186/1 الصادران في اليوم نفسه لصدور القرار الرقم 188/1.
كما تجدر الإشارة الى أن المادة الأولى من القرار الرقم 188/1 ترخص لشركة “سافيكو” باستثمار عملية نقل الصوت إما للاتصالات outgoing، أو للاتصالات incoming، أو للاتصالات transit، وذلك كونه ورد في هذه المادة كلمة “أو” وليس كلمة “و/أو”. بالتالي، فإنه وفقاً للقرار المذكور، لا تستطيع الشركة استثمار جميع هذه الخدمات، بل خدمة واحدة فقط منها.
كذلك، فإن القرارين الرقم 185/1 والرقم 186/1، الصادرين عشية استقالة الحكومة، هما في موضع الشبهة أيضاً، كون صحناوي سمح من خلالهما لشركتين خاصتين، وكما ورد حرفياً في نص القرارين “إنشاء محطات للتوزيع التلفزيوني اللاسلكي ـ الميكرووي في المواقع المحددة في الجدول الرقم 2 وفق المواصفات التقنية الخاصة ومخطط التغطية (التي تعتبر جزءاً لا يتجزأ من هذا القرار) لتوزيع وبث خدمات إذاعية وتلفزيونية في المنطقة الجغرافية المحددة حصراً وفق المواصفات التقنية المرفقة.” كما ورد في المادة الرابعة من القرارين حرفياً: “تتعهد الشركة الالتزام بالمواصفات التقنية لمحطات البث المحددة في مخطط التغطية المرفق ربطاً والذي يعتبر جزءاً من هذا القرار …”. إلا أن المفارقة الكبيرة تتمثل في عدم وجود أي معلومات في الجدول الرقم 2 المرفق بالقرارين. إذ إنه جدول فارغ تماماً وعبارة عن نموذج فقط، في حين يفترض أن يكون جزءاً لا يتجزأ من القرارين. كما لا يوجد فيه، لا المواصفات التقنية ولا مخطط التغطية ولا المناطق الجغرافية التي يجب أن تحدد حصراً وفقاً لنص القرارين.
إضافة إلى ذلك، هناك مخالفة كبيرة للمرسوم الاشتراعي الرقم 126/59 لا سيما أحكام المادة 235 منه، والتي تنص على وجوب أن يمنح الترخيص بمرسوم يتخذ في مجلس الوزراء، وقد ورد حرفياً في المادة 235 ما يلي: “تخضع إقامة المحطات اللاسلكية الخصوصية، مهما كان نوعها، سواء أكانت معدة لإرسال الإشارات والمراسلات أو لارسالها والتقاطها معاً، لترخيص يمنح بمرسوم يتخذ في مجلس الوزراء.” فكيف يصدر صحناوي القرارين المذكورين متجاوزاً بذلك سلطة مجلس الوزراء؟”.
وهناك مخالفات أيضاً للمرسوم الرقم 377/89، كون صحناوي استبعد كلياً المديرية العامة للاستثمار والصيانة عند إصدار القرارين الرقم 185/1 والرقم 186/1، في حين ينص المرسوم الرقم 377 أن “الإدارة” المولجة تطبيق هذا القانون هي المديرية العامة للاستثمار والصيانة. كما هناك ضرورة لإجراء مزايدة علنية لتأمين هذه الخدمات وتحديد حصة الخزينة من الإيرادات وليس الاكتفاء بحصة العشرين في المئة “من مجموع فواتير القبض” كما قرر صحناوي.
أخيراً، لا بد من الإيجاز أن ما قام به صحناوي لجهة إصدار القرار الرقم 188/1 ليلة استقالة الحكومة هو عملية خصخصة مقنّعة لخدمة الاتصالات الدولية خلافاً للأصول والقوانين المرعية الإجراء، وحتى من دون إعلام الجهات المختصة، ويتطلب ذلك إجراء تحقيق فوري ومساءلة من قبل رئيس الجمهورية لكون المخالفة هي مخالفة دستورية وفقاً لأحكام المادة 89 من الدستور اللبناني. كما يتطلب إجراء تحقيق فوري ومساءلة من قبل مجلس النواب من خلال لجنة تحقيق برلمانية، كون هناك مخالفات واضحة للقوانين والمراسيم الاشتراعية كما سبق ذكره. وكذلك يتطلّب إجراء تحقيق فوري ومساءلة من قبل رئيس الحكومة والجهات الرقابية المختصة والنيابة العامة التمييزية لتبيان لمصلحة من تعمل شركة “سافيكو”، بقرار مشبوه عشية استقالة الحكومة، لتأمين خدمات عن غير وجه حق تدرّ عائدات بمئات ملايين الدولارات للشركة وتحجب هذه الأموال عن خزينة الدولة.
إضافة إلى ذلك، هناك ضرورة لإجراء تحقيق فوري ومساءلة صحناوي حول جميع القرارات التي أصدرها عشية استقالة الحكومة كونه تخطى صلاحيات مجلس الوزراء عند إصدار هذه القرارات.