سوريا اليوم
مراسل صقور الأبداع من سوريا
السفير
في الخامس عشر من شباط، استقل وليد جنبلاط «عصفورة» (طائرة) زميله في «جبهة النضال» نعمة طعمه متوجها الى الرياض. جاءه خبر الموعد مع الأمير بندر بن سلطان، (مدير جهاز المخابرات) قبل ذلك بأيام قليلة، عن طريق السفير السعودي في بيروت علي عواض العسيري. </p>لم يكن جنبلاط يريد من الزيارة أكثر من وظيفتها الأساسية، وهي التعويض عن زيارة سبقتها ولم تنجح في اعادة فتح الخطوط مع المملكة. قام الرجل غداة وصوله بواجب التعزية بالأمير سطام بن عبد العزيز، وصافح هناك عددا كبيرا من الأمراء السعوديين وأبرزهم الأمير مقرن بن عبد العزيز، الذي غدا نائبا ثانيا لرئيس مجلس الوزراء السعودي. سأله الأخير عن أحواله على هامش العزاء، ودار حوار سريع انتهى بوعد للقاء مجددا.
في اليوم التالي، استقبله بندر بن سلطان. امتد الحديث طويلا بين الرجلين، من الثامنة ليلا وحتى الثانية والنصف فجرا. صالا وجالا في ملفات سوريا والعراق وايران وفلسطين ولبنان والأردن ومصر. استفاد الزعيم الدرزي من ذاكرة بندر الحديدية. روى له فصولا من كتاب المفاوضات الشاقة بين حافظ الأسد وبيل كلينتون في العام ألفين، أي قبل أشهر قليلة من رحيل الرئيس السوري السابق.
في تلك السهرة الشهيرة، طلب بندر من جنبلاط أن ينزل عند خاطر سعد الحريري والسعودية، فيقدم التعويض المطلوب: وهل هناك أثمن من رأس نجيب ميقاتي و«حكومة حزب الله»؟
لم يعط جنبلاط جوابا، ولكنه أدرك أن هذا المطلب هو ألف باء إعادة تطبيع العلاقة بينه وبين السعودية، وهو قال لسائليه بعد عودته الى بيروت، ان الزيارة «فتحت الأبواب وهذا هو الأهم».
ظلت عبارات بندر ترن في أذني وليد جنبلاط. بقاء أشرف ريفي على رأس قوى الأمن الداخلي مطلب سعودي وربما مطلب شخصي لمدير المخابرات السعودية… قال جنبلاط في أحد تصريحاته أن لا شيء يمنع تشكيل حكومة جديدة تتولى الاشراف على الانتخابات.
مع اقتراب موعد انتهاء ولاية ريفي، طلب جنبلاط من غازي العريضي ووائل أبو فاعور وعلاء الدين ترو أن لا يكلوا ولا يملوا. لسان حالهم على التوالي أمام ميقاتي: لو كنا مكانك لن نقبل بأن نستمر ما لم يمدد لريفي. بعد ذلك قال أحدهم «الكلمة السحرية»: اذا لم تستقل أنت احتجاجا على رفض التمديد لأشرف ريفي، سنبادر نحن الى الاستقالة.
ماذا إذا استقال ممثلو الزعيم الدرزي احتجاجا على إقصاء السني أشرف ريفي؟ عندها ستكون ردة فعل ميقاتي الاستقالة حتما، لكن سيبدو كمن يحاول أن ينجو بنفسه، وبالتالي سيكون محرجا أمام شارعه.
حتى ما قبل سفره الى روما للمشاركة في احتفال تنصيب البابا الجديد، كان ميقاتي، يأمل بمخرج لريفي ولو أنه كان يراه صعبا. عاد من روما، وإذا بريفي يأتيه بـ«صيغة رفيق الحسن». تبناها جنبلاط وميشال سليمان ولم يعترض عليها بري.
وتحت الضغط الجنبلاطي، اتخذ ميقاتي قراره: اما أشرف أو الحكومة… وظل حتى اللحظة الأخيرة، يحاول اقناع السيد حسن نصرالله عبر معاونه السياسي الحاج حسين خليل، بأن «بيعوني قضية أشرف»، في محاولة منه لاختبار حقيقة «الموال الجنبلاطي»، غير أن الحزب كان قد أيقن أن هناك محاولة ابتزاز مكشوفة يقوم بها رئيس الحكومة، وانه سيحاول تمرير التمديد لأشرف ريفي كما مرر التمويل للمحكمة، ولكن السؤال الذي كان يردده كبار القياديين في الحزب: «هل هذه الحكومة مفيدة لنا أم لـ«14 آذار» وللغرب منذ تشكيلها حتى الآن حتى يتخلوا عنها بهذه السهولة؟».
هذا السؤال كان يحمل في طياته نوعا من الاطمئنان الضمني بأن ميقاتي لن يفعلها، وإذا حاول، سيكون هناك من يثنيه دوليا. لذلك، قيل له: «اتخذنا قرارنا ولا عودة عنه، وافعل أنت ما يريحك».
أيقن ميقاتي أن ساعة رحيل الحكومة دنت. شغّل راداراته الدولية، فلم يسمع الصدى الذي سمعه في ساعات ما بعد استشهاد وسام الحسن. قيل له من أكثر من جهة أن ريفي حجر زاوية لا يمكن التساهل مع أية محاولة للتفريط به. «حزب الله» لا «يسايره» كما جرت العادة، وبري لا يستطيع أن يمده سوى بالدعم المعنوي، ورئيس الجمهورية مهتم بقضية «الإشراف»… بكل ما تحمل في طياتها من محاولة لتعطيل الحكومة…». آن أوان الاستقالة، وهذا هو توقيتي وشعاري لها قبل أن يسبقني أحد اليها»… وهكذا كان في ليل الثاني والعشرين من آذار 2013.
بيّنت ردود الفعل صحة تقديرات ميقاتي بخياره الاستقالة، لكن اقتناعه، بأن جنبلاط في جيبته، في مشروع العودة الى السرايا، لم يكن في محله.
هنأ السعوديون والحريري ميقاتي على خطوته وجنبلاط على «فعلته». ميشال سليمان في قمة الدوحة بعد ثلاثة ايام من الاستقالة. ميقاتي الى لندن (29 آذار) برفقة عائلته. وائل ابو فاعور برفقة تيمور وليد جنبلاط ونعمه طعمه الى الرياض عشية الأول من نيسان.
في الدوحة، هناك من لاحظ من أعضاء الوفد الرئاسي اللبناني «نبرة خليجية لا تصب في خانة نجيب ميقاتي مجددا».
في لندن، استشعر ميقاتي بأن بعض ما بلغه من معطيات قبل سفره من بيروت، عن تردد أسماء أخرى في سماء التكليف، لم يكن بريئا.
في الرياض، قدم أبو فاعور، تيمور للأمير بندر وقال له: « هذا ابنك الثاني وستكون مسؤولا عن رعايته». هي العبارة التي رنت في أذنَي تيمور وذكرته بما كان والده قد طلبه من السيد حسن نصرالله قبل عامين ونيف تقريبا، وبالكلمات ذاتها تقريبا!
اعتقد جنبلاط للوهلة الأولى، أن ما بعد الاستقالة، ليس كما قبلها، لكن السعوديين حسموا بأن ميقاتي لن يعود، لأن الحريري اتخذ قراره وهو حاقد على نجيب ولن يقبل بعودته الى السرايا مطلقا… حصل أخذ ورد، وفتحت الخطوط أكثر من مرة بين أبو فاعور وجنبلاط، فاستقر الرأي السعودي على اقتراح تمام سلام.
عاد ابو فاعور من الرياض وتناول العشاء الى مائدة «الريس» في كليمنصو، ووضعه في أجواء الرحلة السعودية.
عند هذا الحد بدأت مهمة جنبلاط اللبنانية. أوفد وائل ابو فاعور الى رئيس الجمهورية الذي بارك سريعا، ولو انه حاول أن يستفسر من الوزير الاشتراكي عن «سر» حقد سعد على نجيب برغم كل ما قدمه الرجل له ولـ«فريق 14 آذار».
شملت مهمة أبو فاعور رئيس مجلس النواب، وقد شرح له كيف أن «البيك» قطع الطريق على احتمال وصول مرشح «مستقبلي» فاقع لرئاسة الحكومة مثل أشرف ريفي، وبالتالي تمنى عليه تسهيل مهمة تمام وقدم اليه والى «حزب الله» تعهدا شفهيا لا يقبل أي التباس: «لا مشاركة اشتراكية في أي حكومة غير حكومة الوحدة الوطنية (يتمثل فيها بري و«حزب الله» وباقي حلفائهما بطبيعة الحال)، واذا تم تشكيل أي حكومة أخرى، لن تحظى بثقتنا في مجلس النواب».
يصح القول ان بري قرر تنفيذ انقلاب على الانقلاب وان «حزب الله» تجاوب معه ولو انه وجد صعوبة في محاولة اقناع «الجنرال». الترجمة جاءت من اجتماع الأقطاب الموارنة في بكركي وإعلانهم للمرة الأخيرة عن دفن «قانون الستين» بلا أي أسف.
أما ميقاتي فقد عاد من لندن مساء الثلاثاء في الثاني من نيسان ورفض الرد على اتصالات كثيرين، بعدما أيقن أن جنبلاط انقلب عليه… وقال «رب ضارة نافعة».
لم يكن غريبا على كل من يعرف جنبلاط أن «يفهم» حساباته: من انقلب على سوريا الدولة المركزية والجارة القريبة، مرتين، وعلى سعد الحريري بكل ما يمثله سعوديا ودوليا وطائفيا وانتخابيا وماليا، هل سيقيم حسابا لابن طرابلس نجيب ميقاتي؟
أصبحت المعادلة واضحة: الحكومة لكم والقانون الانتخابي لي. هل يمكن أن تتألف الحكومة ويولد قانون انتخابي؟
كل المعطيات تشير الى أن ثمة صعوبة لبنانية بالغة في التوصل الى تفاهم على الحكومة او القانون، ما يجعل السؤال البديهي: هل نحن أمام إشكالية متصلة بافتقاد الراعي الخارجي أم ان الصيغة نفسها تجعل اللبنانيين مجددا يعجزون عن إيجاد مخارج لقضاياهم الصغيرة والكبيرة؟ وهل صار لزاما عليهم البحث عن راع خارجي أو صيغة جديدة؟
في الخامس عشر من شباط، استقل وليد جنبلاط «عصفورة» (طائرة) زميله في «جبهة النضال» نعمة طعمه متوجها الى الرياض. جاءه خبر الموعد مع الأمير بندر بن سلطان، (مدير جهاز المخابرات) قبل ذلك بأيام قليلة، عن طريق السفير السعودي في بيروت علي عواض العسيري. </p>لم يكن جنبلاط يريد من الزيارة أكثر من وظيفتها الأساسية، وهي التعويض عن زيارة سبقتها ولم تنجح في اعادة فتح الخطوط مع المملكة. قام الرجل غداة وصوله بواجب التعزية بالأمير سطام بن عبد العزيز، وصافح هناك عددا كبيرا من الأمراء السعوديين وأبرزهم الأمير مقرن بن عبد العزيز، الذي غدا نائبا ثانيا لرئيس مجلس الوزراء السعودي. سأله الأخير عن أحواله على هامش العزاء، ودار حوار سريع انتهى بوعد للقاء مجددا.
في اليوم التالي، استقبله بندر بن سلطان. امتد الحديث طويلا بين الرجلين، من الثامنة ليلا وحتى الثانية والنصف فجرا. صالا وجالا في ملفات سوريا والعراق وايران وفلسطين ولبنان والأردن ومصر. استفاد الزعيم الدرزي من ذاكرة بندر الحديدية. روى له فصولا من كتاب المفاوضات الشاقة بين حافظ الأسد وبيل كلينتون في العام ألفين، أي قبل أشهر قليلة من رحيل الرئيس السوري السابق.
في تلك السهرة الشهيرة، طلب بندر من جنبلاط أن ينزل عند خاطر سعد الحريري والسعودية، فيقدم التعويض المطلوب: وهل هناك أثمن من رأس نجيب ميقاتي و«حكومة حزب الله»؟
لم يعط جنبلاط جوابا، ولكنه أدرك أن هذا المطلب هو ألف باء إعادة تطبيع العلاقة بينه وبين السعودية، وهو قال لسائليه بعد عودته الى بيروت، ان الزيارة «فتحت الأبواب وهذا هو الأهم».
ظلت عبارات بندر ترن في أذني وليد جنبلاط. بقاء أشرف ريفي على رأس قوى الأمن الداخلي مطلب سعودي وربما مطلب شخصي لمدير المخابرات السعودية… قال جنبلاط في أحد تصريحاته أن لا شيء يمنع تشكيل حكومة جديدة تتولى الاشراف على الانتخابات.
مع اقتراب موعد انتهاء ولاية ريفي، طلب جنبلاط من غازي العريضي ووائل أبو فاعور وعلاء الدين ترو أن لا يكلوا ولا يملوا. لسان حالهم على التوالي أمام ميقاتي: لو كنا مكانك لن نقبل بأن نستمر ما لم يمدد لريفي. بعد ذلك قال أحدهم «الكلمة السحرية»: اذا لم تستقل أنت احتجاجا على رفض التمديد لأشرف ريفي، سنبادر نحن الى الاستقالة.
ماذا إذا استقال ممثلو الزعيم الدرزي احتجاجا على إقصاء السني أشرف ريفي؟ عندها ستكون ردة فعل ميقاتي الاستقالة حتما، لكن سيبدو كمن يحاول أن ينجو بنفسه، وبالتالي سيكون محرجا أمام شارعه.
حتى ما قبل سفره الى روما للمشاركة في احتفال تنصيب البابا الجديد، كان ميقاتي، يأمل بمخرج لريفي ولو أنه كان يراه صعبا. عاد من روما، وإذا بريفي يأتيه بـ«صيغة رفيق الحسن». تبناها جنبلاط وميشال سليمان ولم يعترض عليها بري.
وتحت الضغط الجنبلاطي، اتخذ ميقاتي قراره: اما أشرف أو الحكومة… وظل حتى اللحظة الأخيرة، يحاول اقناع السيد حسن نصرالله عبر معاونه السياسي الحاج حسين خليل، بأن «بيعوني قضية أشرف»، في محاولة منه لاختبار حقيقة «الموال الجنبلاطي»، غير أن الحزب كان قد أيقن أن هناك محاولة ابتزاز مكشوفة يقوم بها رئيس الحكومة، وانه سيحاول تمرير التمديد لأشرف ريفي كما مرر التمويل للمحكمة، ولكن السؤال الذي كان يردده كبار القياديين في الحزب: «هل هذه الحكومة مفيدة لنا أم لـ«14 آذار» وللغرب منذ تشكيلها حتى الآن حتى يتخلوا عنها بهذه السهولة؟».
هذا السؤال كان يحمل في طياته نوعا من الاطمئنان الضمني بأن ميقاتي لن يفعلها، وإذا حاول، سيكون هناك من يثنيه دوليا. لذلك، قيل له: «اتخذنا قرارنا ولا عودة عنه، وافعل أنت ما يريحك».
أيقن ميقاتي أن ساعة رحيل الحكومة دنت. شغّل راداراته الدولية، فلم يسمع الصدى الذي سمعه في ساعات ما بعد استشهاد وسام الحسن. قيل له من أكثر من جهة أن ريفي حجر زاوية لا يمكن التساهل مع أية محاولة للتفريط به. «حزب الله» لا «يسايره» كما جرت العادة، وبري لا يستطيع أن يمده سوى بالدعم المعنوي، ورئيس الجمهورية مهتم بقضية «الإشراف»… بكل ما تحمل في طياتها من محاولة لتعطيل الحكومة…». آن أوان الاستقالة، وهذا هو توقيتي وشعاري لها قبل أن يسبقني أحد اليها»… وهكذا كان في ليل الثاني والعشرين من آذار 2013.
بيّنت ردود الفعل صحة تقديرات ميقاتي بخياره الاستقالة، لكن اقتناعه، بأن جنبلاط في جيبته، في مشروع العودة الى السرايا، لم يكن في محله.
هنأ السعوديون والحريري ميقاتي على خطوته وجنبلاط على «فعلته». ميشال سليمان في قمة الدوحة بعد ثلاثة ايام من الاستقالة. ميقاتي الى لندن (29 آذار) برفقة عائلته. وائل ابو فاعور برفقة تيمور وليد جنبلاط ونعمه طعمه الى الرياض عشية الأول من نيسان.
في الدوحة، هناك من لاحظ من أعضاء الوفد الرئاسي اللبناني «نبرة خليجية لا تصب في خانة نجيب ميقاتي مجددا».
في لندن، استشعر ميقاتي بأن بعض ما بلغه من معطيات قبل سفره من بيروت، عن تردد أسماء أخرى في سماء التكليف، لم يكن بريئا.
في الرياض، قدم أبو فاعور، تيمور للأمير بندر وقال له: « هذا ابنك الثاني وستكون مسؤولا عن رعايته». هي العبارة التي رنت في أذنَي تيمور وذكرته بما كان والده قد طلبه من السيد حسن نصرالله قبل عامين ونيف تقريبا، وبالكلمات ذاتها تقريبا!
اعتقد جنبلاط للوهلة الأولى، أن ما بعد الاستقالة، ليس كما قبلها، لكن السعوديين حسموا بأن ميقاتي لن يعود، لأن الحريري اتخذ قراره وهو حاقد على نجيب ولن يقبل بعودته الى السرايا مطلقا… حصل أخذ ورد، وفتحت الخطوط أكثر من مرة بين أبو فاعور وجنبلاط، فاستقر الرأي السعودي على اقتراح تمام سلام.
عاد ابو فاعور من الرياض وتناول العشاء الى مائدة «الريس» في كليمنصو، ووضعه في أجواء الرحلة السعودية.
عند هذا الحد بدأت مهمة جنبلاط اللبنانية. أوفد وائل ابو فاعور الى رئيس الجمهورية الذي بارك سريعا، ولو انه حاول أن يستفسر من الوزير الاشتراكي عن «سر» حقد سعد على نجيب برغم كل ما قدمه الرجل له ولـ«فريق 14 آذار».
شملت مهمة أبو فاعور رئيس مجلس النواب، وقد شرح له كيف أن «البيك» قطع الطريق على احتمال وصول مرشح «مستقبلي» فاقع لرئاسة الحكومة مثل أشرف ريفي، وبالتالي تمنى عليه تسهيل مهمة تمام وقدم اليه والى «حزب الله» تعهدا شفهيا لا يقبل أي التباس: «لا مشاركة اشتراكية في أي حكومة غير حكومة الوحدة الوطنية (يتمثل فيها بري و«حزب الله» وباقي حلفائهما بطبيعة الحال)، واذا تم تشكيل أي حكومة أخرى، لن تحظى بثقتنا في مجلس النواب».
يصح القول ان بري قرر تنفيذ انقلاب على الانقلاب وان «حزب الله» تجاوب معه ولو انه وجد صعوبة في محاولة اقناع «الجنرال». الترجمة جاءت من اجتماع الأقطاب الموارنة في بكركي وإعلانهم للمرة الأخيرة عن دفن «قانون الستين» بلا أي أسف.
أما ميقاتي فقد عاد من لندن مساء الثلاثاء في الثاني من نيسان ورفض الرد على اتصالات كثيرين، بعدما أيقن أن جنبلاط انقلب عليه… وقال «رب ضارة نافعة».
لم يكن غريبا على كل من يعرف جنبلاط أن «يفهم» حساباته: من انقلب على سوريا الدولة المركزية والجارة القريبة، مرتين، وعلى سعد الحريري بكل ما يمثله سعوديا ودوليا وطائفيا وانتخابيا وماليا، هل سيقيم حسابا لابن طرابلس نجيب ميقاتي؟
أصبحت المعادلة واضحة: الحكومة لكم والقانون الانتخابي لي. هل يمكن أن تتألف الحكومة ويولد قانون انتخابي؟
كل المعطيات تشير الى أن ثمة صعوبة لبنانية بالغة في التوصل الى تفاهم على الحكومة او القانون، ما يجعل السؤال البديهي: هل نحن أمام إشكالية متصلة بافتقاد الراعي الخارجي أم ان الصيغة نفسها تجعل اللبنانيين مجددا يعجزون عن إيجاد مخارج لقضاياهم الصغيرة والكبيرة؟ وهل صار لزاما عليهم البحث عن راع خارجي أو صيغة جديدة؟