سوريا اليوم
مراسل صقور الأبداع من سوريا
هيثم وقاف ������
في غياب الإمام المهدي المنتظر،وسَّع القائلون من الشيعة، بالحكومة الإسلامية، صلاحيات الوليِّ الفقيه، لتشمل إدارة الشؤون العامة للناس،وليس فقط شؤون الدين وأحكامه. وبات الوليّ الفقيه، يملك من حيث المبدأ، صلاحيات مطلقة، تماثل ما كان يملكه الرسول، في إدارة شؤون الناس. وإذا ماكان الوليّ الفقيه، مرجعاً فقهياٌ، فإن ما يصدر عنه من فتاوى، تعتبر ملزمة داخل البلاد وخارجها.
والإقرار بالولايّة هو جزء لا يتجزأ من الإعتقاد بمسألة الإمامة،وعدم الإيمان بها يوازي عندهم الكفر البواح.
يؤمن حزب الله اللبناني، بمبدأ ولايّة الفقيه، ولا يجد غضاضة في إعلان ذلك سواء في وثائقه أوعلى لسان قادته.ويمثل هذا المبدأ بالنسبة إليه جوهر هويته، واللاّحم القدسيّ للمؤمنين المستضعفين. والحزب، شأن مختلف الأحزاب الإسلامية، يعتبر هويته الإسلامية،عابرة لكل الهويات الوطنية والقومية وتسمو عليها.
وكجزء من الإلتزام العقائدي، بالإسلام وبالولايّة. أقرَّ الحزب بوجوب قيام الحكومة الإسلامية. فغياب الإمام المنتظر ليس مسوغاً، بأي حال، لتعطيل الشريعة. لكن وجوب قيام هذه الحكومة، مشروط بالمكان والزمان المناسبين بحسب الإمام الخميني، لذلك سحب الحزب هذا المطلب من التدوال مؤقتاً،لعدم توافر تلك الشروط. بعد أن رفعه في رسالته إلى المستضعفين عام 1985. دون أن يعني ذلك، أنه لم يعد من مرتكزاته الإيمانية. فماهو عقائدي يبقى ثابتاً، لايتغير بتغير الأحوال.�
حزب الله وإيران:
ليست العلاقة، بين حزب الله وإيران، مجرد تحالف استراتيجي، مبنيّ على تشابك المصالح، في هذه المنطقة من العالم. بل هي في الأساس، التزام عقائدي من جهة الحزب، بولايّة الفقيه الإيراني. ما يجعل من إيران مرجعية دينية وسياسية له. من هنا ليس غريباً،أن يلتزم الحزب بأجندة إيرانية، قد لا تتوافق دائماً، مع مصلحة لبنان البلد،ولا حتى مع مصلحة الحزب نفسه. والواقع أن الحزب، لم يكن في يوم من الأيام، كياناً سياسياً مستقلاً. وهو في واحد من أغراض نشأته، يمثل ذراعاًعسكرية، وسياسية، ودعوية لإيران في المنطقة. وحاملاً من حوامل مشروعها للهيمنة. في هذا السياق يتوجب النظر،إلى نشاط الحزب الإلهي، خارج حدوده الوطنية. كدعمه المقاتلين الشيعة في العراق،أو الحوثيين في اليمن. ناهيك عن ما يتهم به الحزب، من أعمال إرهابية في مناطق متعددة من العالم. مثل هذه النشاطات، لاتندرج في إطار المصلحة السياسية المباشرة للحزب، ولا في إطارالمصلحة الوطنية للبنان، بل تندرج في خدمة الإستراتيجية والسياسات الإيرانية.
حزب الله وسوريا:
في ظل سيطرة النظام السوري على لبنان، ولد حزب الله برعاية إيرانية مباشرة. وشيئاً فشيئاً تطورت علاقته به، ليس دون منعرجات، حتى بلغت مستوى التحالف الإستراتيجي. وقد قويّ موقع الحزب في أجندات النظام،خاصة بعد إتفاق اوسلو 1993. ومع خروج الجيش السوري من لبنان، صارتسلط النظام السوري على القرارات السيادية للبنان، يمرّ بالضرورة عبر حزب الله وحلفائه. لم يكن وارداً في فلسفة حافظ الأسد التسلطية، أن يقبل بنديّة العلاقة مع حزب الله في إطار هذا التحالف. وخلال فترة حكمه، مثلَّ نظامه، المرجعية السياسية والأمنية للحزب. في الواقع كانت سياسة الأسد الأول، تجاه إيران نفسها، تقوم على نوع من التوازن، بين تحالفه الإستراتيجي معها من جهة، وبين حرصه على علاقات طيبة مع دول الخليج ومصر،وعلى علاقات مميزة مع السعودية.وكان يتقن فنَّ اللعب على التناقضات، واستثمار إمكانات سوريا، وموقعها، لخدمة مصالح نظامه.عندما جاء الأسد الثاني، كان يدرك مدى افتقار نظام الحكم، في سوريا للشرعية. وبدت هذه الشرعية أكثر تهافتاً بسبب، من بدعة التوريث. وفي محاولة منه للتقرب إلى الطائفة السنية، وذرّالرماد في العيون، بادر الى الزواج من هذه الطائفة. وكذلك فعل أخوه، ساعده الأيمن. وأعاد الإعتبار لمدينة حلب، بعد أن همشت وعوقبت على موقفها المناهض للنظام، في الثمانينات من القرن الماضي.وضمّ شرائح جديدة من الطائفة السنية الى النظام، في إطار السياسات النيوليبرالية، التي انتهجتها حكوماته، والتي عبرت عنها بشكل واضح الخطة الخمسية العاشرة عام 2005 .
�نستطيع القول، أن تقدير الأسد الثاني لمدى تهافت شرعيته،وبسبب من الضغوط المختلفة التي تعرض لها نظامه، خاصة بعد اغتيال الرئيس الحريري، دفعاه إلى مزيد من الرهان على الحليف الإيراني. بل إلى أن يرى فيه، الضامن القوي،لاستقرار نظام حكمه واستمراره. فزاد من ارتباطه به على كل المستويات، وفتح له المجال لتشييع المناطق السنية في البلاد،والولايّة على المقامات الشيعية حيثما وجدت. في حين كان الأبّ شديد الحساسية، حيال موضوع التغلغل الشيعي، وأخضعه لمراقبته الأمنية الصارمة.
في هذا المناخ ارتقى موقع حزب الله، في علاقته مع النظام السوري. وفي محنة الأسد الحالية صار يقدم له النصائح السياسية علناً، الأمر الذي لم يكن وارداً في عهد الأسد الأبّ.
حزب الله والثورة السورية:
مع بداية الربيع العربي، تكشفت،على نحو فاقع،الإنحيازات الطائفية للحزب، وبرزت قوة الإيديولوجية الدينية،التي دفعته إلى التخندق الطائفي والمذهبي،في لحظة تاريخية فارقة، في حياة الشعوب العربية.
لم ينفك الحزب طوال السنتين الماضيتين، من عمر الثورة السورية، عن التأكيد على تحالفه المصيريّ مع النظام الأسدي. وهو لم يؤيده سياسياً،وإعلامياً فقط.بل شاركه في قتل شعبه. لقد قاتلت عناصر من الحزب، إلى جانب قوات النظام، في أكثر من موقع على الأراضي السورية. واعترف حسن نصر الله نفسه، بوجودمقاتلين تابعين للحزب، يقاتلون في القرى القريبة من الحدود السورية وهدد قائلاً:“ لايجب على أحد أن يخطئ بحساباته معنا“
�ليس من المستبعد، بسبب من إرتهان الحزب للسياسة الإيرانية ،وفي غياب البديل الضامن عن النظام السوري،أن يتورط الحزب، في خيارات تتقدم فيها المصالح الإيرانية،على مصالحه كحزب ومصالح لبنان كله. ويتساءل الشيعة في لبنان،إلى أين يأخذهم حزب الله في مغامرة دفاعه،عن نظام متهالك، بات عبئاً، ليس على شعبه فقط، بل على محيطه أيضاً؟!
تفترض العقلانية السياسية،أن يترك الحزب مسافة بينه،وبين نظام أمعن في دمويته. وأن لايخاطربمستقبله السياسي،من أجل شخص بات بحكم المهزوم. وأن يبحث لنفسه عن تحالفات جديدة.هذا يعني أن سقوط النظام السوري،لا يستتبع، بحكم الضرورة، سقوطاً مماثلاً لحزب الله.أو تغيراً خطيراً، لصالح أعدائه، في المعادلة السياسية اللبنانية. سيما وأن لدى الحزب من النفوذ والسلاح، مايكفي حالياً، لردع أية قوة تحاول فرض أجندتها عليه، كرهاً.
ولو أن الحزب، ينطلق في سياسته، من معطيات وطنية صرفة. لأدرك لزوم الإستجابة، لطموحات الشعب السوري، في الحرية والديموقراطية. ولأدرك، أن نعمة الجغرافيا التي يوفرها له هذا النظام اليوم،لايجب أن تتحول غداً، إلى لعنة عليه، عند انتصار الثورة.
لكن إيران الوليّ الفقيه، ترى أن غياب الأسدية، يعني انفراط، واسطة عقدها الإمبراطوري، من إيران إلى لبنان. وهي على دراية، بأن سياستها الداعمة لبقاء الأسد، تقود سوريا إلى حرب أهلية طويلة الأمد. في هذا المجال، تتشابه خيارات النظام وإيران، إلى حد التطابق. فكلاهما يدعوان، إلى تسوية سياسية، تحت سقف النظام وبشروطه. فالأسد “خط أحمر“ كما قال علي أكبرولاياتي مساعد المرشد الإيراني، آية الله علي خامنئي.ولأن هذا الحلّ السياسي، بات مستحيلاً فإن خيار النظام وحلفائه الطائفيين، هو على الأغلب، في الذهاب إلى حرب أهلية. ذلك يعني مزيداً من التورط العسكري، لإيران، ولحزب الله، ولعراق المالكي. إن خيارات النظام هي خيارات إيرانية، وليست روسية، وقدرة الروس في التأثير، تتوقف عندما يطرحون جدياً تنحيِّ الأسد.
إن الطغمة الحاكمة،وعلى خلفية يأسها من النصر، تدفع البلاد باتجاه حرب طائفية، يشاركها فيها، حلفاؤها الطائفيون. حرب تقود،إلى قيام دويلة طائفية،أوإلى حكم البلاد،من خلال صيغة تحاصصية طائفية.أو تسمح بالحد الأدنى، بإفلات الطغمة من العقاب.
ويتحضرالنظام وحلفاؤه،للساعة التي تنهار فيها سلطة الدولة المركزية، على نحو شامل.ولملئ الفراغ الناجم عن ذلك، يتمّ تشكيل جيش طائفي، كبديل عن الجيش الرسميّ المتهالك. وسيتدفق المقاتلون من حزب الله، وحزب الدعوة،والحرس الثوري الإيراني. ليلعبوا أوراقهم الطائفية على المكشوف، في الساحة السورية.
واذا طال أمد الصراع،ودخلنا في فوضى المليشيات، فليس مستبعداً ولادة حزب الله السوري. إلى جوار شقيقيه اللبناني والعراقي.حزبيدعو إلى التشيع،وإلى ولايّة الفقيه،وإلى قيام الحكومة الإسلامية. كما حدث في لبنان أوائل الثمانينات من القرن الماضي.
لقد صدرت مؤخراً، دعوة من مجلس الإفتاء الأعلى، تعتبرالجهاد دفاعاً عن الوطن(كذا) “فرض عين“.وبغض النظر عما اذا كانت هذه الدعوة، دليلاً على ما وصل إليه النظام“ العلماني“من استنزاف وإحباط . تجب الإشارة إلى أن هذه الدعوة، تتوجه بشكل خاص،إلى حلفاء النظام الطائفيين،وتستبطن محاولة النظام الدؤوبة، لتحويل الثورة، إلى صراع إقليمي طائفي معلنّ ومفتوح.
في المقلب الآخر،هناك قوىً إسلامية جهادية، كجبهة النصرة، تدعو إلى حكم إسلامي صريح. وتنظر إلى الصراع في سوريا من منظار طائفي. وهي مدعومة من قوى إقليمية، لطالما دقت ناقوس الخطرالشيعي. قوى، تحاول تثمير هذا الضرب من الصراع، لخدمة مصالحها الحيوية.
سوريا الآن، نهب للدعوات الجهادية، من كل حدّب وصّوب.النظام يدعو إلى الجهاد،والمعارضة الإسلامية المسلحة، تدعو الى الجهاد أيضاً. أما الثورة،بعد عامين على انطلاقتها، فهي أقرب إلى النصرعلى الطغمة الحاكمة، لكنها أبعد عن أهدافها في الحرية والديموقراطية.
في غياب الإمام المهدي المنتظر،وسَّع القائلون من الشيعة، بالحكومة الإسلامية، صلاحيات الوليِّ الفقيه، لتشمل إدارة الشؤون العامة للناس،وليس فقط شؤون الدين وأحكامه. وبات الوليّ الفقيه، يملك من حيث المبدأ، صلاحيات مطلقة، تماثل ما كان يملكه الرسول، في إدارة شؤون الناس. وإذا ماكان الوليّ الفقيه، مرجعاً فقهياٌ، فإن ما يصدر عنه من فتاوى، تعتبر ملزمة داخل البلاد وخارجها.
والإقرار بالولايّة هو جزء لا يتجزأ من الإعتقاد بمسألة الإمامة،وعدم الإيمان بها يوازي عندهم الكفر البواح.
يؤمن حزب الله اللبناني، بمبدأ ولايّة الفقيه، ولا يجد غضاضة في إعلان ذلك سواء في وثائقه أوعلى لسان قادته.ويمثل هذا المبدأ بالنسبة إليه جوهر هويته، واللاّحم القدسيّ للمؤمنين المستضعفين. والحزب، شأن مختلف الأحزاب الإسلامية، يعتبر هويته الإسلامية،عابرة لكل الهويات الوطنية والقومية وتسمو عليها.
وكجزء من الإلتزام العقائدي، بالإسلام وبالولايّة. أقرَّ الحزب بوجوب قيام الحكومة الإسلامية. فغياب الإمام المنتظر ليس مسوغاً، بأي حال، لتعطيل الشريعة. لكن وجوب قيام هذه الحكومة، مشروط بالمكان والزمان المناسبين بحسب الإمام الخميني، لذلك سحب الحزب هذا المطلب من التدوال مؤقتاً،لعدم توافر تلك الشروط. بعد أن رفعه في رسالته إلى المستضعفين عام 1985. دون أن يعني ذلك، أنه لم يعد من مرتكزاته الإيمانية. فماهو عقائدي يبقى ثابتاً، لايتغير بتغير الأحوال.�
حزب الله وإيران:
ليست العلاقة، بين حزب الله وإيران، مجرد تحالف استراتيجي، مبنيّ على تشابك المصالح، في هذه المنطقة من العالم. بل هي في الأساس، التزام عقائدي من جهة الحزب، بولايّة الفقيه الإيراني. ما يجعل من إيران مرجعية دينية وسياسية له. من هنا ليس غريباً،أن يلتزم الحزب بأجندة إيرانية، قد لا تتوافق دائماً، مع مصلحة لبنان البلد،ولا حتى مع مصلحة الحزب نفسه. والواقع أن الحزب، لم يكن في يوم من الأيام، كياناً سياسياً مستقلاً. وهو في واحد من أغراض نشأته، يمثل ذراعاًعسكرية، وسياسية، ودعوية لإيران في المنطقة. وحاملاً من حوامل مشروعها للهيمنة. في هذا السياق يتوجب النظر،إلى نشاط الحزب الإلهي، خارج حدوده الوطنية. كدعمه المقاتلين الشيعة في العراق،أو الحوثيين في اليمن. ناهيك عن ما يتهم به الحزب، من أعمال إرهابية في مناطق متعددة من العالم. مثل هذه النشاطات، لاتندرج في إطار المصلحة السياسية المباشرة للحزب، ولا في إطارالمصلحة الوطنية للبنان، بل تندرج في خدمة الإستراتيجية والسياسات الإيرانية.
حزب الله وسوريا:
في ظل سيطرة النظام السوري على لبنان، ولد حزب الله برعاية إيرانية مباشرة. وشيئاً فشيئاً تطورت علاقته به، ليس دون منعرجات، حتى بلغت مستوى التحالف الإستراتيجي. وقد قويّ موقع الحزب في أجندات النظام،خاصة بعد إتفاق اوسلو 1993. ومع خروج الجيش السوري من لبنان، صارتسلط النظام السوري على القرارات السيادية للبنان، يمرّ بالضرورة عبر حزب الله وحلفائه. لم يكن وارداً في فلسفة حافظ الأسد التسلطية، أن يقبل بنديّة العلاقة مع حزب الله في إطار هذا التحالف. وخلال فترة حكمه، مثلَّ نظامه، المرجعية السياسية والأمنية للحزب. في الواقع كانت سياسة الأسد الأول، تجاه إيران نفسها، تقوم على نوع من التوازن، بين تحالفه الإستراتيجي معها من جهة، وبين حرصه على علاقات طيبة مع دول الخليج ومصر،وعلى علاقات مميزة مع السعودية.وكان يتقن فنَّ اللعب على التناقضات، واستثمار إمكانات سوريا، وموقعها، لخدمة مصالح نظامه.عندما جاء الأسد الثاني، كان يدرك مدى افتقار نظام الحكم، في سوريا للشرعية. وبدت هذه الشرعية أكثر تهافتاً بسبب، من بدعة التوريث. وفي محاولة منه للتقرب إلى الطائفة السنية، وذرّالرماد في العيون، بادر الى الزواج من هذه الطائفة. وكذلك فعل أخوه، ساعده الأيمن. وأعاد الإعتبار لمدينة حلب، بعد أن همشت وعوقبت على موقفها المناهض للنظام، في الثمانينات من القرن الماضي.وضمّ شرائح جديدة من الطائفة السنية الى النظام، في إطار السياسات النيوليبرالية، التي انتهجتها حكوماته، والتي عبرت عنها بشكل واضح الخطة الخمسية العاشرة عام 2005 .
�نستطيع القول، أن تقدير الأسد الثاني لمدى تهافت شرعيته،وبسبب من الضغوط المختلفة التي تعرض لها نظامه، خاصة بعد اغتيال الرئيس الحريري، دفعاه إلى مزيد من الرهان على الحليف الإيراني. بل إلى أن يرى فيه، الضامن القوي،لاستقرار نظام حكمه واستمراره. فزاد من ارتباطه به على كل المستويات، وفتح له المجال لتشييع المناطق السنية في البلاد،والولايّة على المقامات الشيعية حيثما وجدت. في حين كان الأبّ شديد الحساسية، حيال موضوع التغلغل الشيعي، وأخضعه لمراقبته الأمنية الصارمة.
في هذا المناخ ارتقى موقع حزب الله، في علاقته مع النظام السوري. وفي محنة الأسد الحالية صار يقدم له النصائح السياسية علناً، الأمر الذي لم يكن وارداً في عهد الأسد الأبّ.
حزب الله والثورة السورية:
مع بداية الربيع العربي، تكشفت،على نحو فاقع،الإنحيازات الطائفية للحزب، وبرزت قوة الإيديولوجية الدينية،التي دفعته إلى التخندق الطائفي والمذهبي،في لحظة تاريخية فارقة، في حياة الشعوب العربية.
لم ينفك الحزب طوال السنتين الماضيتين، من عمر الثورة السورية، عن التأكيد على تحالفه المصيريّ مع النظام الأسدي. وهو لم يؤيده سياسياً،وإعلامياً فقط.بل شاركه في قتل شعبه. لقد قاتلت عناصر من الحزب، إلى جانب قوات النظام، في أكثر من موقع على الأراضي السورية. واعترف حسن نصر الله نفسه، بوجودمقاتلين تابعين للحزب، يقاتلون في القرى القريبة من الحدود السورية وهدد قائلاً:“ لايجب على أحد أن يخطئ بحساباته معنا“
�ليس من المستبعد، بسبب من إرتهان الحزب للسياسة الإيرانية ،وفي غياب البديل الضامن عن النظام السوري،أن يتورط الحزب، في خيارات تتقدم فيها المصالح الإيرانية،على مصالحه كحزب ومصالح لبنان كله. ويتساءل الشيعة في لبنان،إلى أين يأخذهم حزب الله في مغامرة دفاعه،عن نظام متهالك، بات عبئاً، ليس على شعبه فقط، بل على محيطه أيضاً؟!
تفترض العقلانية السياسية،أن يترك الحزب مسافة بينه،وبين نظام أمعن في دمويته. وأن لايخاطربمستقبله السياسي،من أجل شخص بات بحكم المهزوم. وأن يبحث لنفسه عن تحالفات جديدة.هذا يعني أن سقوط النظام السوري،لا يستتبع، بحكم الضرورة، سقوطاً مماثلاً لحزب الله.أو تغيراً خطيراً، لصالح أعدائه، في المعادلة السياسية اللبنانية. سيما وأن لدى الحزب من النفوذ والسلاح، مايكفي حالياً، لردع أية قوة تحاول فرض أجندتها عليه، كرهاً.
ولو أن الحزب، ينطلق في سياسته، من معطيات وطنية صرفة. لأدرك لزوم الإستجابة، لطموحات الشعب السوري، في الحرية والديموقراطية. ولأدرك، أن نعمة الجغرافيا التي يوفرها له هذا النظام اليوم،لايجب أن تتحول غداً، إلى لعنة عليه، عند انتصار الثورة.
لكن إيران الوليّ الفقيه، ترى أن غياب الأسدية، يعني انفراط، واسطة عقدها الإمبراطوري، من إيران إلى لبنان. وهي على دراية، بأن سياستها الداعمة لبقاء الأسد، تقود سوريا إلى حرب أهلية طويلة الأمد. في هذا المجال، تتشابه خيارات النظام وإيران، إلى حد التطابق. فكلاهما يدعوان، إلى تسوية سياسية، تحت سقف النظام وبشروطه. فالأسد “خط أحمر“ كما قال علي أكبرولاياتي مساعد المرشد الإيراني، آية الله علي خامنئي.ولأن هذا الحلّ السياسي، بات مستحيلاً فإن خيار النظام وحلفائه الطائفيين، هو على الأغلب، في الذهاب إلى حرب أهلية. ذلك يعني مزيداً من التورط العسكري، لإيران، ولحزب الله، ولعراق المالكي. إن خيارات النظام هي خيارات إيرانية، وليست روسية، وقدرة الروس في التأثير، تتوقف عندما يطرحون جدياً تنحيِّ الأسد.
إن الطغمة الحاكمة،وعلى خلفية يأسها من النصر، تدفع البلاد باتجاه حرب طائفية، يشاركها فيها، حلفاؤها الطائفيون. حرب تقود،إلى قيام دويلة طائفية،أوإلى حكم البلاد،من خلال صيغة تحاصصية طائفية.أو تسمح بالحد الأدنى، بإفلات الطغمة من العقاب.
ويتحضرالنظام وحلفاؤه،للساعة التي تنهار فيها سلطة الدولة المركزية، على نحو شامل.ولملئ الفراغ الناجم عن ذلك، يتمّ تشكيل جيش طائفي، كبديل عن الجيش الرسميّ المتهالك. وسيتدفق المقاتلون من حزب الله، وحزب الدعوة،والحرس الثوري الإيراني. ليلعبوا أوراقهم الطائفية على المكشوف، في الساحة السورية.
واذا طال أمد الصراع،ودخلنا في فوضى المليشيات، فليس مستبعداً ولادة حزب الله السوري. إلى جوار شقيقيه اللبناني والعراقي.حزبيدعو إلى التشيع،وإلى ولايّة الفقيه،وإلى قيام الحكومة الإسلامية. كما حدث في لبنان أوائل الثمانينات من القرن الماضي.
لقد صدرت مؤخراً، دعوة من مجلس الإفتاء الأعلى، تعتبرالجهاد دفاعاً عن الوطن(كذا) “فرض عين“.وبغض النظر عما اذا كانت هذه الدعوة، دليلاً على ما وصل إليه النظام“ العلماني“من استنزاف وإحباط . تجب الإشارة إلى أن هذه الدعوة، تتوجه بشكل خاص،إلى حلفاء النظام الطائفيين،وتستبطن محاولة النظام الدؤوبة، لتحويل الثورة، إلى صراع إقليمي طائفي معلنّ ومفتوح.
في المقلب الآخر،هناك قوىً إسلامية جهادية، كجبهة النصرة، تدعو إلى حكم إسلامي صريح. وتنظر إلى الصراع في سوريا من منظار طائفي. وهي مدعومة من قوى إقليمية، لطالما دقت ناقوس الخطرالشيعي. قوى، تحاول تثمير هذا الضرب من الصراع، لخدمة مصالحها الحيوية.
سوريا الآن، نهب للدعوات الجهادية، من كل حدّب وصّوب.النظام يدعو إلى الجهاد،والمعارضة الإسلامية المسلحة، تدعو الى الجهاد أيضاً. أما الثورة،بعد عامين على انطلاقتها، فهي أقرب إلى النصرعلى الطغمة الحاكمة، لكنها أبعد عن أهدافها في الحرية والديموقراطية.