سوريا اليوم
مراسل صقور الأبداع من سوريا
علي الأمين السويد – الحوار المتمدن
�
يقال في نتائج الحج المبرور أنه يجعل فاعله طاهراً من الذنوب كمن ولدته امه، و لكن هذا الطهر لا يعرفه و لا يقدره إلا الله، ولا يمكن لأحد القول أن فلاناً عاد من مكة طاهراً مطهراً من الذنوب كيوم ولدته أمه أو لا، فهذا أمر غيبي لا يعرفه إلا علام الغيوب.
أما من فارق حضن زوجته، و ترك أولاده و بناته، و رمق والديه و محبيه بنظرة مودع صامت غير عائد، و خرج ليتظاهر ضد الظلم و الطغاة يوم كان التظاهر انتحاراً، أو يوم صار يحمل سلاحه متوجهاً الى ساحات الوغى و هو يعلم تماماً بأنه مقبل طوعاً على ظرف تستوي فيه فرص الحياة و الموت.
لا يوجد ما أهو أغلى من الحياة، و من يقبل على مقايضة حياته بتحقيق أمر معنوي ما مثل إعلاء كلمة الله، أو رفع ظلم، أو إحقاق حق، أو نيل كرامة، أو نيل حرية فهو في مقام الشهيد إن بقي حياً، و شهيداً إن فقد حياته، و لا يمكن وصف خروجه لملاقاة العدو سواءاً عاد حيا أم لم يعد إلا بأنه عمل بطولي مشرف في الدنيا و الآخرة حتى ولو كان زانياً، أو كاذباً، أو سكيراً، أو مختلساً،، علماً أنه من يخرج للقاء العدو لا يمكن إلا أن يكون على خلق رفيع.
المال و البنون زينة الحياة الدنيا بالنسبة للوالد، أما بالنسبة للأبناء أنفسهم فمال الدنيا كله و مثله أضعافاً مضاعفة لا يعدل ظفر اصبع من أصابعهم ، فكيف الحال فيمن يشرع بتقديم روحه خالصة لقاء أمر قد لا يحصد نتائجه هو شخصياً ، و كان يمكن التعايش معه و الموت عليه و كل ذلك خشية فقدان الحرية لساعة واحدة؟
و قصة حميد مثال على ذلك، ففي أثناء مناوشات ماقبل حرب 1967، عمل حميد كمقاتل مدرعات مهمته تصويب المدفع بإتجاه الأهداف المعادية، و كان ماهراً جدا ولكن مهاراته لم تكن تظهر إلا إذا شرب “بطحة عرق” كاملة، و ما إن يكتفي بالشرب حتى يحول مدفعه الى آلة تدمير مرعبة من الطراز الأول لمركبات العدو تعجز عن مجاراته أدق أجهزة التصويب في ذلك الوقت.
يشهد لحميد كل زملائه بدقة العمل و الكل كان يستصغر أمر سكره قياساً بنتائج فعله الى حد القبول بالأمر حتى من قبل قائده و من قبل بعض المتدينين، و قد كان الكثير منهم يجتهد لتأمين بطحات عرق لهذا المقاتل الشرس.
من يعتقد أن هذا الفعل مدان، فليعلم أن الحياة أهم من ذنب شرب الخمر و أغلى، و أكاد أجزم بأنه لو كان أكثر الناس ورعا و تدينا متواجدا بالقرب من حميد لقام على خدمته و قدم له أفضل أنواع بطحات العرق المعروفة طالما أن في ذلك نجاة له و لغيره.
و اليوم، ننظر في الخنادق التي صممت لمقارعة عدو الشعب السوري فتجد فيها رجالاً قدَّموا حياة الآخرين و سعادتهم على حياتهم و سعادتعم الشخصية، فهؤلاء رجال لا يستحقون منا الإ كل احترام وتقدير و عرفان بالجميل سيسجله التاريخ لهم كلهم و يتشرف بهم.
أما من كان يعتقد أن ذلك الخندق يضم الشيخ، و شارب الخمر، والزاني، و الكاذب، و المنافق، و طالب المناصب، و الثائر العادي فليعلم أنه ما ضرَّ هؤلاء مافعلوا قبل قرارهم بالتوجه إلى الخندق، وليعلم القاصي و الداني أن هذا الخندق الذي جعل من رواده مشاريع شهداء أو شهداء لا يمكن المزوادة على أي واحد منهم مهما بلغت أخطائه قبل التواجد في الخندق و مهما بلغ ورع الناقد و مهما طالت لحيته.
و بمناسبة كتابة هذا المقال أحيي ثوار وطني الحبيب سوريا عامة و أخص ثوار مدينتي كفرنبل المحررة جميعهم بالتحية و التقدير وهم فرسان السيف و القلم الذين حفروا الخنادق و هم يعلمون أنهم إذ يحفرون خنادقهم فإنهم إنما يحفرون قبورهم بأيديهم فيخرج بعضهم منها سليماً ليسجلهم التاريخ أبطالاً، ويخرج البعض الآخر شهيداً ليتزين بهم التاريخ كعظماء فيه و تتلقفهم الجنان ليحيوا عند ربهم كرماء فرحين بما اتاهم.
�
يقال في نتائج الحج المبرور أنه يجعل فاعله طاهراً من الذنوب كمن ولدته امه، و لكن هذا الطهر لا يعرفه و لا يقدره إلا الله، ولا يمكن لأحد القول أن فلاناً عاد من مكة طاهراً مطهراً من الذنوب كيوم ولدته أمه أو لا، فهذا أمر غيبي لا يعرفه إلا علام الغيوب.
أما من فارق حضن زوجته، و ترك أولاده و بناته، و رمق والديه و محبيه بنظرة مودع صامت غير عائد، و خرج ليتظاهر ضد الظلم و الطغاة يوم كان التظاهر انتحاراً، أو يوم صار يحمل سلاحه متوجهاً الى ساحات الوغى و هو يعلم تماماً بأنه مقبل طوعاً على ظرف تستوي فيه فرص الحياة و الموت.
لا يوجد ما أهو أغلى من الحياة، و من يقبل على مقايضة حياته بتحقيق أمر معنوي ما مثل إعلاء كلمة الله، أو رفع ظلم، أو إحقاق حق، أو نيل كرامة، أو نيل حرية فهو في مقام الشهيد إن بقي حياً، و شهيداً إن فقد حياته، و لا يمكن وصف خروجه لملاقاة العدو سواءاً عاد حيا أم لم يعد إلا بأنه عمل بطولي مشرف في الدنيا و الآخرة حتى ولو كان زانياً، أو كاذباً، أو سكيراً، أو مختلساً،، علماً أنه من يخرج للقاء العدو لا يمكن إلا أن يكون على خلق رفيع.
المال و البنون زينة الحياة الدنيا بالنسبة للوالد، أما بالنسبة للأبناء أنفسهم فمال الدنيا كله و مثله أضعافاً مضاعفة لا يعدل ظفر اصبع من أصابعهم ، فكيف الحال فيمن يشرع بتقديم روحه خالصة لقاء أمر قد لا يحصد نتائجه هو شخصياً ، و كان يمكن التعايش معه و الموت عليه و كل ذلك خشية فقدان الحرية لساعة واحدة؟
و قصة حميد مثال على ذلك، ففي أثناء مناوشات ماقبل حرب 1967، عمل حميد كمقاتل مدرعات مهمته تصويب المدفع بإتجاه الأهداف المعادية، و كان ماهراً جدا ولكن مهاراته لم تكن تظهر إلا إذا شرب “بطحة عرق” كاملة، و ما إن يكتفي بالشرب حتى يحول مدفعه الى آلة تدمير مرعبة من الطراز الأول لمركبات العدو تعجز عن مجاراته أدق أجهزة التصويب في ذلك الوقت.
يشهد لحميد كل زملائه بدقة العمل و الكل كان يستصغر أمر سكره قياساً بنتائج فعله الى حد القبول بالأمر حتى من قبل قائده و من قبل بعض المتدينين، و قد كان الكثير منهم يجتهد لتأمين بطحات عرق لهذا المقاتل الشرس.
من يعتقد أن هذا الفعل مدان، فليعلم أن الحياة أهم من ذنب شرب الخمر و أغلى، و أكاد أجزم بأنه لو كان أكثر الناس ورعا و تدينا متواجدا بالقرب من حميد لقام على خدمته و قدم له أفضل أنواع بطحات العرق المعروفة طالما أن في ذلك نجاة له و لغيره.
و اليوم، ننظر في الخنادق التي صممت لمقارعة عدو الشعب السوري فتجد فيها رجالاً قدَّموا حياة الآخرين و سعادتهم على حياتهم و سعادتعم الشخصية، فهؤلاء رجال لا يستحقون منا الإ كل احترام وتقدير و عرفان بالجميل سيسجله التاريخ لهم كلهم و يتشرف بهم.
أما من كان يعتقد أن ذلك الخندق يضم الشيخ، و شارب الخمر، والزاني، و الكاذب، و المنافق، و طالب المناصب، و الثائر العادي فليعلم أنه ما ضرَّ هؤلاء مافعلوا قبل قرارهم بالتوجه إلى الخندق، وليعلم القاصي و الداني أن هذا الخندق الذي جعل من رواده مشاريع شهداء أو شهداء لا يمكن المزوادة على أي واحد منهم مهما بلغت أخطائه قبل التواجد في الخندق و مهما بلغ ورع الناقد و مهما طالت لحيته.
و بمناسبة كتابة هذا المقال أحيي ثوار وطني الحبيب سوريا عامة و أخص ثوار مدينتي كفرنبل المحررة جميعهم بالتحية و التقدير وهم فرسان السيف و القلم الذين حفروا الخنادق و هم يعلمون أنهم إذ يحفرون خنادقهم فإنهم إنما يحفرون قبورهم بأيديهم فيخرج بعضهم منها سليماً ليسجلهم التاريخ أبطالاً، ويخرج البعض الآخر شهيداً ليتزين بهم التاريخ كعظماء فيه و تتلقفهم الجنان ليحيوا عند ربهم كرماء فرحين بما اتاهم.