سوريا اليوم
مراسل صقور الأبداع من سوريا
جويل برينكلي :� البيان
الاربعاء 3/4/2013
سرعان ما تتحول سوريا إلى صومال جديدة، دولة لا تملك حكومتها المركزية سيطرة كبيرة على الجزء الأكبر من البلاد، بينما تقاتل الطوائف والعصابات المتناحرة بعضها بعضاً، إلى جانب مقاتلتها للرئيس بشار الأسد الذي فقد مصداقيته تماماً. وفي غضون ذلك، يعاني عدد كبير من السوريين ويقتلون، كما الحال في الصومال.
وتقول الأمم المتحدة إن أكثر من 70 ألف سوري قتلوا منذ بدء الصراع قبل عامين تقريباً. ويفتقر ما لا يقل عن مليوني سوري إلى المأوى الآن، غالباً لأن منازلهم دمرت. والتيفوئيد والتهاب الكبد يعصفان بالبلاد، في الوقت الذي لا يحصل معظم السوريين على الرعاية الصحية بسهولة.
ويفتقر مليون سوري، على الأقل، إلى مصدر غذائي يمكن الاعتماد عليه. ويصل عدد السوريين الذين لم يزالوا محتجزين في سجون النظام إلى مليونين، فيما يصل عدد اللاجئين إلى الدول المجاورة، حسب الأمم المتحدة، إلى 800 ألف، ويفر سوريون آخرون بمعدل يقرب من 5000 سوري كل يوم. وفي مخيمات اللاجئين الأردنية والتركية واللبنانية القذرة، يفتقر عديدون إلى المأوى والغذاء والمياه النظيفة غالبا، ما يفضي إلى أزمة إنسانية كاملة، وفقا لتحذيرات الأمم المتحدة.
ومما يفاقم هذه الكارثة، إرسال حزب الله للميليشيات إلى سوريا لكي تقاتل من أجل الأسد. وفي المقابل، فإن جبهة النصرة، وهي الفرع السوري لتنظيم القاعدة، تقاتل ضد الأسد، إلى جانب مهاجمتها لغيرها من الجماعات الثائرة.
ومنذ فترة وجيزة، هدد الثوار السوريون بمهاجمة حزب الله في سوريا ولبنان، وذلك بعد إقدام مقاتلي الحزب على قتل بعض أفرادهم في القرى الحدودية. وبالفعل، فإن هذه الجماعات كلها تتنافس للاستيلاء على السلطة بعد السقوط الحتمي لنظام الأسد.
وحذر الأخضر الإبراهيمي، المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى سوريا، أمام مجلس الأمن مؤخراً من أن “سوريا تتفتت أمام أعيننا”.
وفي الوقت الذي تتحطم فيه هذه الدولة ويتهددها الوقوع في أيد خبيثة، تواصل الولايات المتحدة وأوروبا وحلف شمال الأطلسي امتناعها عن فعل أي شيء تقريبا. وهذا أمر يمكن تفهمه من بعض النواحي، فما زالت سوريا تشكل لغزا محيرا بالنسبة إلى الغرب.
ولنلق نظرة على الصراع داخل الإدارة الأميركية، الذي تم الكشف عنه خلال جلسة استماع عقدتها لجنة الخدمات المسلحة في مجلس الشيوخ أوائل فبراير الماضي، حيث قال مدير وكالة الاستخبارات المركزية ووزيرا الخارجية والدفاع، فضلا عن رئيس هيئة الأركان المشتركة، إنهم نصحوا الرئيس الأميركي باراك أوباما بأن الوقت قد حان لتسليح الثوار السوريين وتدريبهم.
ولكن أوباما رفض، وكان مصيبا في رفضه. فمع كل هذه الفصائل المتنافسة في سوريا، من يدري إلى أين ستذهب تلك الأسلحة؟
تذكروا ما حدث للأسلحة الليبية بعد سقوط حكم الرئيس الليبي السابق معمر القذافي. ففي منتصف فبراير الماضي، صادر ضباط أمن مصريون طنين من المتفجرات كانا في طريقهما إلى غزة عبر سيناء، وكانت تلك المتفجرات ليبية، والمتطرفون الذين استولوا على شمال مالي استخدموا الأسلحة الليبية أيضا.
وادعى السيناتور بوب كوركر، وهو الجمهوري البارز في لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ، أن تدفق الأسلحة من ليبيا أدى إلى تسليح الإرهابيين في المنطقة، وهو ما أدى بدوره إلى تمكين تنظيم القاعدة، وذلك بعد زيارة قام بها إلى المنطقة في فبراير الماضي.
واقترح المسؤولون الأميركيون الذين أيدوا تسليح الثوار، تدريب كادر من المقاتلين. انظروا إلى ما حققه ذلك من نجاح في أفغانستان، حيث قتل العشرات من عناصر القوات الأميركية وقوات التحالف، على أيدي المقاتلين الذين كانوا يدربونهم! فهل ستكون قدرتنا على رصد كل متطرف يتسلل إلى عملية التدريب في سوريا، أكبر مما هي عليه في أفغانستان؟ أشك في ذلك.
فما الذي يستطيع الغرب فعله إذن؟ أيتعين عليه أن يجلس ويشاهد تنظيم القاعدة أو حزب الله يستوليان على سوريا؟ لقد أوضحت إسرائيل أحد الاحتمالات، وذلك حين قصفت شحنة أسلحة ومركزا للبحوث العسكرية، ولم تخسر أية طائرات أو تدفع أي ثمن. فلم لا تستطيع قوات حلف شمال الأطلسي شن هجمات مستهدفة مماثلة لتسريع خروج الأسد من سدة الحكم؟
يدعو السيناتور جون ماكين، المرشح الجمهوري السابق للرئاسة، إلى استخدام صواريخ كروز لتدمير الطائرات السورية على المدرجات (وهو اقتراح طرحته في عمود كتبته في يونيو الماضي). وبطبيعة الحال، فإن من شأن أي عمل عسكري أن يثير حفيظة روسيا.. وماذا في ذلك؟
قبل بضعة أيام، قال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف: “لا يمكن لأي الجانبين أن يسمح لنفسه بالمراهنة على حل عسكري، لأن هذا الطريق لا يؤدي إلى أي شيء سوى التدمير المتبادل”. إذن، يا سيد لافروف توقف عن إرسال كميات كبيرة من المعدات العسكرية إلى الأسد، وعن عرقلة كل محاولة لإنهاء الصراع من جانب مجلس الأمن.
وباستثناء روسيا وبعض الدول الأخرى، فقد توصل العالم إلى إجماع واسع النطاق، على ضرورة رحيل الأسد بصرف النظر عما سيحدث. وفي الواقع، فقد دعت نافي بيلاي، مفوضة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، إلى التحقيق مع الأسد بشأن جرائم حرب عدة لأنه ارتكب “جرائم ضد الإنسانية”. وفي رأيها، فإنه يجب إرساله إلى المحكمة الجنائية الدولية بشكل مباشر.
الاربعاء 3/4/2013
سرعان ما تتحول سوريا إلى صومال جديدة، دولة لا تملك حكومتها المركزية سيطرة كبيرة على الجزء الأكبر من البلاد، بينما تقاتل الطوائف والعصابات المتناحرة بعضها بعضاً، إلى جانب مقاتلتها للرئيس بشار الأسد الذي فقد مصداقيته تماماً. وفي غضون ذلك، يعاني عدد كبير من السوريين ويقتلون، كما الحال في الصومال.
وتقول الأمم المتحدة إن أكثر من 70 ألف سوري قتلوا منذ بدء الصراع قبل عامين تقريباً. ويفتقر ما لا يقل عن مليوني سوري إلى المأوى الآن، غالباً لأن منازلهم دمرت. والتيفوئيد والتهاب الكبد يعصفان بالبلاد، في الوقت الذي لا يحصل معظم السوريين على الرعاية الصحية بسهولة.
ويفتقر مليون سوري، على الأقل، إلى مصدر غذائي يمكن الاعتماد عليه. ويصل عدد السوريين الذين لم يزالوا محتجزين في سجون النظام إلى مليونين، فيما يصل عدد اللاجئين إلى الدول المجاورة، حسب الأمم المتحدة، إلى 800 ألف، ويفر سوريون آخرون بمعدل يقرب من 5000 سوري كل يوم. وفي مخيمات اللاجئين الأردنية والتركية واللبنانية القذرة، يفتقر عديدون إلى المأوى والغذاء والمياه النظيفة غالبا، ما يفضي إلى أزمة إنسانية كاملة، وفقا لتحذيرات الأمم المتحدة.
ومما يفاقم هذه الكارثة، إرسال حزب الله للميليشيات إلى سوريا لكي تقاتل من أجل الأسد. وفي المقابل، فإن جبهة النصرة، وهي الفرع السوري لتنظيم القاعدة، تقاتل ضد الأسد، إلى جانب مهاجمتها لغيرها من الجماعات الثائرة.
ومنذ فترة وجيزة، هدد الثوار السوريون بمهاجمة حزب الله في سوريا ولبنان، وذلك بعد إقدام مقاتلي الحزب على قتل بعض أفرادهم في القرى الحدودية. وبالفعل، فإن هذه الجماعات كلها تتنافس للاستيلاء على السلطة بعد السقوط الحتمي لنظام الأسد.
وحذر الأخضر الإبراهيمي، المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى سوريا، أمام مجلس الأمن مؤخراً من أن “سوريا تتفتت أمام أعيننا”.
وفي الوقت الذي تتحطم فيه هذه الدولة ويتهددها الوقوع في أيد خبيثة، تواصل الولايات المتحدة وأوروبا وحلف شمال الأطلسي امتناعها عن فعل أي شيء تقريبا. وهذا أمر يمكن تفهمه من بعض النواحي، فما زالت سوريا تشكل لغزا محيرا بالنسبة إلى الغرب.
ولنلق نظرة على الصراع داخل الإدارة الأميركية، الذي تم الكشف عنه خلال جلسة استماع عقدتها لجنة الخدمات المسلحة في مجلس الشيوخ أوائل فبراير الماضي، حيث قال مدير وكالة الاستخبارات المركزية ووزيرا الخارجية والدفاع، فضلا عن رئيس هيئة الأركان المشتركة، إنهم نصحوا الرئيس الأميركي باراك أوباما بأن الوقت قد حان لتسليح الثوار السوريين وتدريبهم.
ولكن أوباما رفض، وكان مصيبا في رفضه. فمع كل هذه الفصائل المتنافسة في سوريا، من يدري إلى أين ستذهب تلك الأسلحة؟
تذكروا ما حدث للأسلحة الليبية بعد سقوط حكم الرئيس الليبي السابق معمر القذافي. ففي منتصف فبراير الماضي، صادر ضباط أمن مصريون طنين من المتفجرات كانا في طريقهما إلى غزة عبر سيناء، وكانت تلك المتفجرات ليبية، والمتطرفون الذين استولوا على شمال مالي استخدموا الأسلحة الليبية أيضا.
وادعى السيناتور بوب كوركر، وهو الجمهوري البارز في لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ، أن تدفق الأسلحة من ليبيا أدى إلى تسليح الإرهابيين في المنطقة، وهو ما أدى بدوره إلى تمكين تنظيم القاعدة، وذلك بعد زيارة قام بها إلى المنطقة في فبراير الماضي.
واقترح المسؤولون الأميركيون الذين أيدوا تسليح الثوار، تدريب كادر من المقاتلين. انظروا إلى ما حققه ذلك من نجاح في أفغانستان، حيث قتل العشرات من عناصر القوات الأميركية وقوات التحالف، على أيدي المقاتلين الذين كانوا يدربونهم! فهل ستكون قدرتنا على رصد كل متطرف يتسلل إلى عملية التدريب في سوريا، أكبر مما هي عليه في أفغانستان؟ أشك في ذلك.
فما الذي يستطيع الغرب فعله إذن؟ أيتعين عليه أن يجلس ويشاهد تنظيم القاعدة أو حزب الله يستوليان على سوريا؟ لقد أوضحت إسرائيل أحد الاحتمالات، وذلك حين قصفت شحنة أسلحة ومركزا للبحوث العسكرية، ولم تخسر أية طائرات أو تدفع أي ثمن. فلم لا تستطيع قوات حلف شمال الأطلسي شن هجمات مستهدفة مماثلة لتسريع خروج الأسد من سدة الحكم؟
يدعو السيناتور جون ماكين، المرشح الجمهوري السابق للرئاسة، إلى استخدام صواريخ كروز لتدمير الطائرات السورية على المدرجات (وهو اقتراح طرحته في عمود كتبته في يونيو الماضي). وبطبيعة الحال، فإن من شأن أي عمل عسكري أن يثير حفيظة روسيا.. وماذا في ذلك؟
قبل بضعة أيام، قال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف: “لا يمكن لأي الجانبين أن يسمح لنفسه بالمراهنة على حل عسكري، لأن هذا الطريق لا يؤدي إلى أي شيء سوى التدمير المتبادل”. إذن، يا سيد لافروف توقف عن إرسال كميات كبيرة من المعدات العسكرية إلى الأسد، وعن عرقلة كل محاولة لإنهاء الصراع من جانب مجلس الأمن.
وباستثناء روسيا وبعض الدول الأخرى، فقد توصل العالم إلى إجماع واسع النطاق، على ضرورة رحيل الأسد بصرف النظر عما سيحدث. وفي الواقع، فقد دعت نافي بيلاي، مفوضة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، إلى التحقيق مع الأسد بشأن جرائم حرب عدة لأنه ارتكب “جرائم ضد الإنسانية”. وفي رأيها، فإنه يجب إرساله إلى المحكمة الجنائية الدولية بشكل مباشر.