سوريا اليوم
مراسل صقور الأبداع من سوريا
�سامي ابراهيم : كلنا شركاء�
إن كانت المنظومة الديكتاتورية التي حكمت سوريا منذ أربعة عقود قد سبّبت ويلات وكوارث على الشعب السوري العريق وقد خلّفت كل هذا القتل والترويع والإرهاب والاعتقال، ناهيك عن فشلها في زرع الأمان والاستقرار لتتحول سوريا إلى بلد الموت والجحيم حيث جثث السوريين تملأ شوارع مدنها وقراها، وفشل اقتصادي ألحق بالبلاد كوارث اقتصادية لن ينهض منها إلا بعد سنوات طويلة، فان اقل ما يمكن أن يقال عن الثورة السورية أنها تطمح لتغيير تلك المنظومة وإقامة نظام جديد ديمقراطي ينادي بحياة تليق بالسوريين، إنها ثورة من أجل الحرية، وما يمكن أن تخلق هذه الحرية من فرص تطور المجتمع السوري وتحسن صورة الحياة لدى الإنسان السوري.
ولكن إن واجهنا مصطلح أزمة الثورة، فأين يقع الخلل في الحراك الثوري؟
إسقاط النظام في سوريا فرض نفسه كواقع وكحالة توحد جميع القوى وتيارات الحراك الثوري المطالبة بالتغيير وهو الهاجس الأول والدافع المحرك لغالبية السوريين الذين باتوا يريدون وضع حد لمعاناتهم وإنهاء هذا البؤس والشقاء الذي سبّبه ولا يزال يسبّبه بقاء هذا النظام، وهو الوقود الذي يغذي باستمرار نار الثورة لتبقى شعلتها متقدة كلما خفت لهيبها وتسلل اليأس إلى القلوب.
بالمقابل فإن المطالبة الآن بـــ “عقلنة” الحراك الثوري وتنظيمه وترتيبه ليواكب تنظيم الحياة الحديثة هي مطالبة مثالية بعيدة عن الواقع لا تنظر للأمور من منظور شامل. �
ينتقد العديد من المفكرين العرب الحراك الثوري ليحكموا على أفعاله ونتائجه بصورة مجتزأة بدون الإحاطة الكافية بالظروف التاريخية والاجتماعية والموضوعية والفوارق الطبقية التي أنتجتها منظومة الاستبداد التي تحكم سوريا منذ عشرات السنين.
ولكن أزمة الثورة في سوريا ليست في فوضوية الحراك ولا في تخبط طروحات وتصورات القوى الثورية في ظل الظروف المضادة التي تمارس من قبل الدول العظمى لاستمرار الصراع في سوريا، بل إشكالية الثورة السورية في عدد من النقاط اهمها:
بمعنى أدق فإن ما يحدث في الساحة السورية هو أن العسكري هو من يقود السياسي بدلا من ان يكون العكس.
وبذلك تم وضع العربة أمام الحصان، ولتبني الطبقة السياسية مواقفها وتصوراتها وترسم أحلامها وبرامجها وتشكل هيئاتها وفقا لما يمكن للقوة العسكرية لفصائل المقاومة الشعبية المختلفة أن تحققه من انتصار ميداني وعسكري على جيش النظام.
هناك توهان وضياع بين من يقاتل بالمعنى الحرفي ويحقق المكاسب الميدانية والانتصارات العسكرية من جهة ومن يطالب ويقود العملية السياسية ويحقق نجاحات واعترافات دولية ويزيد الضغوطات وعزلة النظام من جهة أخرى، صحيح أن الاثنين يساهمان في زعزعة النظام وإضعافه وبالنهاية إسقاطه المحتّم، ولكن هذا لن يعفينا من أزمة بين من (يجب) أن يحكم ومن (يبدو) انه سيحكم.
ليتحول مشهد الحراك الثوري برمّته إلى (استعراض منفرد) للقوة، وتبدو القوة السياسية في الخارج بمختلف كياناتها وكأن دورها يقتصر فقط على إظهار (البطل) الذي يصنع المجد ويحقق المعجزات بملاحم بطولاته الأسطورية وشجاعة رجاله.
…………………
�القوى الثورية في سوريا تتمثل في كيانين:
ولكن هذه القوى السياسية كانت منبعا للأفكار الثورية، لأن الأحزاب في النهاية هي منظومات فكرية تضع تصوراتها وتقدم طرحا “نظريا” للعمل الثوري من قبل نخب مثقفة مؤدلجة، فهي قدمت ذخيرة فكرية معقولة تزيد من وعي الشعب والشباب الثائر الغير المنظم ضمن اطر تنظيمية.
في أيام الحراك السلمي انتقدت النظام الحاكم وفضحت فساده وأبرزت أخطائه القاتلة ودلت على مواطن ضعفه ولا وطنيته، فهي تسخّر جهود نخبها المثقفة وأقلامهم لرصد نتائج حكم منظومة أمنية قمعية مدتها عشرات السنوات وما فعلته بالمجتمع من ترسيخ للطائفية والتزمت الديني وتاليه للقائد وفضح جرائمه واعتقالاته وما يجري في أقبية السجون وغرف التحقيق التابعة للمخابرات السورية.
إذا فهي تحاول إقناع الشعب بضرورة وحتمية التغيير، والتأكيد على زوال هذا النظام، مع تقديم رؤى وتصورات معقولة لمرحلة قادمة تحمل أملا وتفاؤلا في نفوس السوريين الطامحين في حياة رغيدة أكثر إشراقا. فهي الثائر السلمي الذي لا يحمل السلاح.
ولكنها قطعا ليست مستوردة من الخارج ولم يكن أفرادها من مجاهدي القاعدة، حتى لو دخل الآن مقاتلون من الخارج (يحملون عقائد جهادية) ولكن نسبتهم بالنسبة للكيان المقاتل على الأرض ضئيلة بحيث لا تقارن من حيث العدد والعدّة لا مع جيش النظام ولا مع عدد الثوار السوريين، ليصبّ الإعلام العالمي تركيزه عليهم وكأنهم ــــأي دخلاء القاعدةـــــ هم من يقاتلون وحدهم على الأرض كذريعة لتتنصّل الدول الكبرى من مسؤولياتها وتبرير عدم تدخلها في سوريا وإخفاءً لنفاقها وكذبها في “حماية المدنيين” الذي استخدم كذريعة في مناطق أخرى من العالم.
ناهيك عن وجود فعلي لمقاتلي “حزب الله” الذي يشيع قتلاه على مرأى ومسمع من العالم اجمع والذي يقصف ويحتل قرى سورية، ووجود مقاتلين من الحرس الثوري الإيراني وتقارير تتكلم عن مشاركة كتائب من جيش المهدي، ثم هناك الخبراء العسكريين الميدانيين الروس، طبعا من دون تغافل الدعم اللامحدود لهذه الدول للنظام السوري.
ولكن وإن كان ولابد من أن يعاب على الحراك الثوري وجود مقاتلين أجانب وجعلها الشماعة التي تزعزع الثقة بثورة الحرية والكرامة فمجرد إلقاء نظرة خاطفة على قوى الطرف الآخر “نظام القتل والإجرام” يجعلنا متأكدين أنه قد قطع أشواطا طويلة في استيراد المقاتلين الأجانب واعتماده عليهم في قيادة دفة الصراع، وبالتالي فإن أي جدل فيما يتعلق بموضوع الغرباء من شأنه أن يشكك بمصداقية الثورة السورية العظيمة هو كيل بمكيالين واستخفاف بعقول السوريين وإهانة لدماء آلاف السوريين وأرواحهم التي قدموها قرابين على مذبح الحرية
إن كانت المنظومة الديكتاتورية التي حكمت سوريا منذ أربعة عقود قد سبّبت ويلات وكوارث على الشعب السوري العريق وقد خلّفت كل هذا القتل والترويع والإرهاب والاعتقال، ناهيك عن فشلها في زرع الأمان والاستقرار لتتحول سوريا إلى بلد الموت والجحيم حيث جثث السوريين تملأ شوارع مدنها وقراها، وفشل اقتصادي ألحق بالبلاد كوارث اقتصادية لن ينهض منها إلا بعد سنوات طويلة، فان اقل ما يمكن أن يقال عن الثورة السورية أنها تطمح لتغيير تلك المنظومة وإقامة نظام جديد ديمقراطي ينادي بحياة تليق بالسوريين، إنها ثورة من أجل الحرية، وما يمكن أن تخلق هذه الحرية من فرص تطور المجتمع السوري وتحسن صورة الحياة لدى الإنسان السوري.
ولكن إن واجهنا مصطلح أزمة الثورة، فأين يقع الخلل في الحراك الثوري؟
إسقاط النظام في سوريا فرض نفسه كواقع وكحالة توحد جميع القوى وتيارات الحراك الثوري المطالبة بالتغيير وهو الهاجس الأول والدافع المحرك لغالبية السوريين الذين باتوا يريدون وضع حد لمعاناتهم وإنهاء هذا البؤس والشقاء الذي سبّبه ولا يزال يسبّبه بقاء هذا النظام، وهو الوقود الذي يغذي باستمرار نار الثورة لتبقى شعلتها متقدة كلما خفت لهيبها وتسلل اليأس إلى القلوب.
بالمقابل فإن المطالبة الآن بـــ “عقلنة” الحراك الثوري وتنظيمه وترتيبه ليواكب تنظيم الحياة الحديثة هي مطالبة مثالية بعيدة عن الواقع لا تنظر للأمور من منظور شامل. �
ينتقد العديد من المفكرين العرب الحراك الثوري ليحكموا على أفعاله ونتائجه بصورة مجتزأة بدون الإحاطة الكافية بالظروف التاريخية والاجتماعية والموضوعية والفوارق الطبقية التي أنتجتها منظومة الاستبداد التي تحكم سوريا منذ عشرات السنين.
ولكن أزمة الثورة في سوريا ليست في فوضوية الحراك ولا في تخبط طروحات وتصورات القوى الثورية في ظل الظروف المضادة التي تمارس من قبل الدول العظمى لاستمرار الصراع في سوريا، بل إشكالية الثورة السورية في عدد من النقاط اهمها:
- عجز الحراك الثوري وفشله في خلق حالة أو بيئة تتيح لقوى الثورة المختلفة والمتنوعة من امتلاك مقادير قوة متكافئة (عسكريا وفكريا وسياسيا).
- غياب التنسيق والتكامل بين الجناحين السياسي والعسكري.
- خلل بنيوي يكمن في هيكلية المعارضة بسبب تجفيف الحياة السياسية لسنوات طويلة رزحت فيها سوريا تحت قبضة قمعية بمؤسسات أمنية أخضعت الشعب بقوة الحديد والنار، ألغت الآخر وأقصته عن المشاركة في الحياة السياسية.
- عدم قدرة الحراك الثوري على إنتاج رؤى وآليات عمل بالاعتماد على العامل الوطني الذاتي وتغليب الرهان على العامل الخارجي مما أفسح المجال للأطراف الخارجية في محاولة التأثير على مسار الثورة بما يخدم مصالحها، ليتم الاعتماد على الأطراف الخارجية وعدم استقلالية القرار الوطني السوري ليرتبط بمصالح دول تعمل على فرض أجنداتها وسياساتها على مواقف المعارضة.
- اسلمة الثورة كرد فعل مباشر على النزعة الطائفية الصريحة من قبل النظام، وتمردا على سنوات طويلة من القمع والقهر لتيارات وأحزاب الإسلام السياسي لتكون حجة وذريعة تعتمدها الدول الكبرى في عدم تقديم مساعدات وأسلحة نوعية وفرض حظر جوي ومناطق آمنة ولطالما كانت هذه هي الورقة السياسية التي أجاد لعبها النظام.
بمعنى أدق فإن ما يحدث في الساحة السورية هو أن العسكري هو من يقود السياسي بدلا من ان يكون العكس.
وبذلك تم وضع العربة أمام الحصان، ولتبني الطبقة السياسية مواقفها وتصوراتها وترسم أحلامها وبرامجها وتشكل هيئاتها وفقا لما يمكن للقوة العسكرية لفصائل المقاومة الشعبية المختلفة أن تحققه من انتصار ميداني وعسكري على جيش النظام.
هناك توهان وضياع بين من يقاتل بالمعنى الحرفي ويحقق المكاسب الميدانية والانتصارات العسكرية من جهة ومن يطالب ويقود العملية السياسية ويحقق نجاحات واعترافات دولية ويزيد الضغوطات وعزلة النظام من جهة أخرى، صحيح أن الاثنين يساهمان في زعزعة النظام وإضعافه وبالنهاية إسقاطه المحتّم، ولكن هذا لن يعفينا من أزمة بين من (يجب) أن يحكم ومن (يبدو) انه سيحكم.
ليتحول مشهد الحراك الثوري برمّته إلى (استعراض منفرد) للقوة، وتبدو القوة السياسية في الخارج بمختلف كياناتها وكأن دورها يقتصر فقط على إظهار (البطل) الذي يصنع المجد ويحقق المعجزات بملاحم بطولاته الأسطورية وشجاعة رجاله.
…………………
- من هي قوى الثورة السورية؟ هل هي أصيلة؟ ما هويتها؟ ماهي مشاريعها؟ هل هناك تشويه للقوى الثورية أو جهل ببرامجها؟
- ماهي خريطة القوى الثورية وماتأثيرها في الشعب السوري؟
�القوى الثورية في سوريا تتمثل في كيانين:
- الأول الأحزاب السياسية وتياراتها، وهنا الأحزاب السورية والتيارات المتعددة يختلف تمثيلها الجماهيري بعضها عن بعض، وقاعدتها الشعبية أو كوادرها وأطرها مهما كانت كبيرة أو صغيرة فهي أولا: منطقيا ولأنها تحمل الهوية السورية فهذا يعني أنها نشأت من سوريا وبالتالي لها قواعد شعبية بغض النظر عن حجم تمثيلها واتساع قواعدها.
ولكن هذه القوى السياسية كانت منبعا للأفكار الثورية، لأن الأحزاب في النهاية هي منظومات فكرية تضع تصوراتها وتقدم طرحا “نظريا” للعمل الثوري من قبل نخب مثقفة مؤدلجة، فهي قدمت ذخيرة فكرية معقولة تزيد من وعي الشعب والشباب الثائر الغير المنظم ضمن اطر تنظيمية.
في أيام الحراك السلمي انتقدت النظام الحاكم وفضحت فساده وأبرزت أخطائه القاتلة ودلت على مواطن ضعفه ولا وطنيته، فهي تسخّر جهود نخبها المثقفة وأقلامهم لرصد نتائج حكم منظومة أمنية قمعية مدتها عشرات السنوات وما فعلته بالمجتمع من ترسيخ للطائفية والتزمت الديني وتاليه للقائد وفضح جرائمه واعتقالاته وما يجري في أقبية السجون وغرف التحقيق التابعة للمخابرات السورية.
إذا فهي تحاول إقناع الشعب بضرورة وحتمية التغيير، والتأكيد على زوال هذا النظام، مع تقديم رؤى وتصورات معقولة لمرحلة قادمة تحمل أملا وتفاؤلا في نفوس السوريين الطامحين في حياة رغيدة أكثر إشراقا. فهي الثائر السلمي الذي لا يحمل السلاح.
- الكيان الثاني المتمثل في القوى الثورية هو الكيان العسكري أي مقاتلو المعارضة وهنا ندخل في تعقيدات الحالة السورية على الأرض لنرى جماعات مختلفة منفصلة غير مترابطة وغير موحّدة القيادة ولا تنسيق بينها ولا يجمعها أي رابط سوى أن عدوها واحد وهو جيش النظام وشبيحته.
ولكنها قطعا ليست مستوردة من الخارج ولم يكن أفرادها من مجاهدي القاعدة، حتى لو دخل الآن مقاتلون من الخارج (يحملون عقائد جهادية) ولكن نسبتهم بالنسبة للكيان المقاتل على الأرض ضئيلة بحيث لا تقارن من حيث العدد والعدّة لا مع جيش النظام ولا مع عدد الثوار السوريين، ليصبّ الإعلام العالمي تركيزه عليهم وكأنهم ــــأي دخلاء القاعدةـــــ هم من يقاتلون وحدهم على الأرض كذريعة لتتنصّل الدول الكبرى من مسؤولياتها وتبرير عدم تدخلها في سوريا وإخفاءً لنفاقها وكذبها في “حماية المدنيين” الذي استخدم كذريعة في مناطق أخرى من العالم.
ناهيك عن وجود فعلي لمقاتلي “حزب الله” الذي يشيع قتلاه على مرأى ومسمع من العالم اجمع والذي يقصف ويحتل قرى سورية، ووجود مقاتلين من الحرس الثوري الإيراني وتقارير تتكلم عن مشاركة كتائب من جيش المهدي، ثم هناك الخبراء العسكريين الميدانيين الروس، طبعا من دون تغافل الدعم اللامحدود لهذه الدول للنظام السوري.
ولكن وإن كان ولابد من أن يعاب على الحراك الثوري وجود مقاتلين أجانب وجعلها الشماعة التي تزعزع الثقة بثورة الحرية والكرامة فمجرد إلقاء نظرة خاطفة على قوى الطرف الآخر “نظام القتل والإجرام” يجعلنا متأكدين أنه قد قطع أشواطا طويلة في استيراد المقاتلين الأجانب واعتماده عليهم في قيادة دفة الصراع، وبالتالي فإن أي جدل فيما يتعلق بموضوع الغرباء من شأنه أن يشكك بمصداقية الثورة السورية العظيمة هو كيل بمكيالين واستخفاف بعقول السوريين وإهانة لدماء آلاف السوريين وأرواحهم التي قدموها قرابين على مذبح الحرية