سوريا اليوم
مراسل صقور الأبداع من سوريا
فايز سارة : السفير</p>
بدا الاحتفال بافتتاح السفارة السورية في الدوحة قبل أيام وكأنه خطوة استثنائية. ففي ذلك الاحتفال جرى افتتاح أول مقر دبلوماسي للمعارضة السورية وسط ضجة إعلامية ظاهرة وحضور مميز لقادة الائتلاف، بينهم رئيس الائتلاف معاذ الخطيب، وغسان هيتو رئيس الحكومة المؤقتة، إضافة إلى نزار الحراكي سفير الائتلاف في الدوحة، ورسميين قطريين يتقدمهم وزير الدولة للشؤون الخارجية خالد العطية.
غير أن خرقا أصاب استثنائية الاحتفال وإيجابيته، عندما تم تعليق لافتة على باب السفارة أشارت إلى الأخيرة بأنها «سفارة الائتلاف السوري لقوى الثورة والمعارضة»، الأمر الذي يوحي وكأن الائتلاف قد أصبح البديل عن الدولة السورية، التي تمثل الكيان الجامع للسوريين. وكان يمكن تجاوز مثل هذا الخطأ الفادح لو لم تسبقه أخطاء تجعله حلقة في سلسلة تلحق الأذى بالشعب السوري وثورته التي ما زالت تقاوم دموية النظام ودماره ببطولة منقطعة النظير من جهة، وتقاوم أخطاء أصدقاء الثورة وأبنائها إضافة إلى أخطاء المعارضة وفي المقدمة أخطاء الائتلاف السوري.
إن الأساس في الخطأ ليس في التسمية فقط وإنما في دلالات الخطوة وما أحيط بها، إذ لا بأس من أن يكون للائتلاف مكتب في الدوحة أو مقر على نحو مقره الرئيس في القاهرة، بل ربما يكون من الضروري أن يكون له مكتب هناك وفي عواصم أخرى تبدي اهتمامها الكبير بالموضوع السوري، لكن أن يشار إلى مكتب باعتباره «سفارة سوريا»، تستبدل باسم الكيان السوري اسم تجمع لتنظيمات ومعارضين سوريين، فهذا أمر لا يمكن قبوله بسبب الوظيفة التي تحددت لـ«السفارة»، والصفة الوظيفية للشخص القائم على إدارتها باعتباره «سفيرا»، والأمر في الحالتين يتصل بنقطتين جرى إعلانهما في وقت سابق؛ أولاهما اعتبار الائتلاف ممثلا للشعب السوري من جانب دول عربية وأجنبية – وأضيفت في بعض الأوقات كلمة الوحيد إلى صفته – والثانية إعطاء الائتلاف بوضعه الراهن الصفة التمثيلية للدولة السورية من خلال قرارات الجامعة العربية، رغم الاعتراضات الموضوعية التي أثيرت على تمثيلية الائتلاف منذ البداية، والتي اعترف بها الائتلاف نفسه، ووعد بإجراءات هدفها تعزيز وتقوية تمثيله للسوريين قبل أن يعطى حق تمثيل «دولتهم» وكيانهم السياسي، وانتزاع ذلك من النظام القاتل للسوريين والمدمر لكيانهم ودولتهم.
ولم يكن خطأ الائتلاف ومن صنعوه وأصدقائه في موضوع التمثيل هو الوحيد خلال الفترة القصيرة من عمر الائتلاف، فقد تم ارتكاب خطأ أكبر في موضوع تشكيل الحكومة المؤقتة، التي ظهر أن هناك عدم توافق على مبدأ تشكيلها في مستوى المعارضة عموما، وضمن الائتلاف خصوصا، وتم تجاوز عدم التوافق بطريقة التجاهل من جهة والفرض من جهة ثانية، وأضيفت إلى الخطأ السابق طريقة فرض المرشح لرئاسة الحكومة غسان هيتو، الذي كثر الحديث عن ارتباطه بجهة سياسية، تسعى لفرض سيطرتها على الثورة والمعارضة السورية وفق أسس ميكافيلية أبرزها الغاية تبرر الوسيلة.
لقد تم إعطاء المجلس الوطني السوري دورا مهما ومحوريا في تأسيس الائتلاف السوري، رغم أن المجلس العتيد فشل طوال نحو عام ونصف العام في تحقيق أي إنجازات سياسية أو تنظيمية أو إدارية، تصب في مصلحة السوريين وثورتهم، وحكم كهذا لم يصدر عن معارضي المجلس فقط، إنما صدر عن كثير من قادته ومؤيديه بمن فيهم دول وشخصيات، وقفت وراء المجلس واعترفت به ممثلا للسوريين على نحو ما فعلت لاحقا بالائتلاف السوري، وثمة توافق كبير على أن السبب في فشل المجلس الوطني يعود إلى غلبة تحالف يقوده «الإخوان المسلمون» داخل المجلس، أعطاهم القدرة والقوة في التحكم بكل ما في داخل المجلس ومحيطه من خلال عاملين أساسيين؛ أولهما المال السياسي من جهة، ودعم قوى إقليمية من جهة أخرى، أقاموا معها علاقات أكثر قوة ومتانة من علاقاتهم بالداخل السوري والقوى الفاعلة فيه، وجعلوا تلك العلاقات مدخلا لتعزيز سيطرتهم على الساحة السياسية من جهة بما في ذلك الائتلاف، وعلى الحراك العسكري في الداخل من جهة ثانية.
إن دلالات السقطات الأولى للائتلاف السوري لقوى الثورة والمعارضة إنما هي تعبير عن سيرة فشل المجلس الوطني السوري في عدم قدرته على تحقيق إنجازات جدية، تصب في مصلحة السوريين وثورتهم، وتعبير صارخ عن إصرار «الإخوان المسلمين» وحلفائهم على سياساتهم التي تهدر طاقة السوريين، وتعرقل مسار الثورة في إنجاز أهدافها، وهي تأكيد للدور غير الفاعل والجدي الذي يميز السياسات الإقليمية والدولية التي تدعي سعيها لعلاج الأزمة السورية وإخراج السوريين من حمام الدم والدمار، لكنها في المحصلة تظهر فاعلية صفرية، إذا لم نقل إنها تنتج سياسة سلبية.
ويفرض الواقع بما فيه من انسدادات وأخطاء، تطيل عمر الأزمة في سوريا، وتكلف السوريين وسوريا مزيدا من الدم والدمار، وتضع المنطقة ومصالح قوى إقليمية ودولية في دائرة الأخطار، العمل على إحداث تغييرات جوهرية في واقع المعارضة السورية وعلاقاتها الداخلية والخارجية، تبدأ من تأسيس قطب ديمقراطي سوري يكون أساسا لتعديلات جوهرية في أدوات ومسارات معالجة الأزمة السورية ووضعها على طريق حل جدي وقريب في الوقت ذاته
بدا الاحتفال بافتتاح السفارة السورية في الدوحة قبل أيام وكأنه خطوة استثنائية. ففي ذلك الاحتفال جرى افتتاح أول مقر دبلوماسي للمعارضة السورية وسط ضجة إعلامية ظاهرة وحضور مميز لقادة الائتلاف، بينهم رئيس الائتلاف معاذ الخطيب، وغسان هيتو رئيس الحكومة المؤقتة، إضافة إلى نزار الحراكي سفير الائتلاف في الدوحة، ورسميين قطريين يتقدمهم وزير الدولة للشؤون الخارجية خالد العطية.
غير أن خرقا أصاب استثنائية الاحتفال وإيجابيته، عندما تم تعليق لافتة على باب السفارة أشارت إلى الأخيرة بأنها «سفارة الائتلاف السوري لقوى الثورة والمعارضة»، الأمر الذي يوحي وكأن الائتلاف قد أصبح البديل عن الدولة السورية، التي تمثل الكيان الجامع للسوريين. وكان يمكن تجاوز مثل هذا الخطأ الفادح لو لم تسبقه أخطاء تجعله حلقة في سلسلة تلحق الأذى بالشعب السوري وثورته التي ما زالت تقاوم دموية النظام ودماره ببطولة منقطعة النظير من جهة، وتقاوم أخطاء أصدقاء الثورة وأبنائها إضافة إلى أخطاء المعارضة وفي المقدمة أخطاء الائتلاف السوري.
إن الأساس في الخطأ ليس في التسمية فقط وإنما في دلالات الخطوة وما أحيط بها، إذ لا بأس من أن يكون للائتلاف مكتب في الدوحة أو مقر على نحو مقره الرئيس في القاهرة، بل ربما يكون من الضروري أن يكون له مكتب هناك وفي عواصم أخرى تبدي اهتمامها الكبير بالموضوع السوري، لكن أن يشار إلى مكتب باعتباره «سفارة سوريا»، تستبدل باسم الكيان السوري اسم تجمع لتنظيمات ومعارضين سوريين، فهذا أمر لا يمكن قبوله بسبب الوظيفة التي تحددت لـ«السفارة»، والصفة الوظيفية للشخص القائم على إدارتها باعتباره «سفيرا»، والأمر في الحالتين يتصل بنقطتين جرى إعلانهما في وقت سابق؛ أولاهما اعتبار الائتلاف ممثلا للشعب السوري من جانب دول عربية وأجنبية – وأضيفت في بعض الأوقات كلمة الوحيد إلى صفته – والثانية إعطاء الائتلاف بوضعه الراهن الصفة التمثيلية للدولة السورية من خلال قرارات الجامعة العربية، رغم الاعتراضات الموضوعية التي أثيرت على تمثيلية الائتلاف منذ البداية، والتي اعترف بها الائتلاف نفسه، ووعد بإجراءات هدفها تعزيز وتقوية تمثيله للسوريين قبل أن يعطى حق تمثيل «دولتهم» وكيانهم السياسي، وانتزاع ذلك من النظام القاتل للسوريين والمدمر لكيانهم ودولتهم.
ولم يكن خطأ الائتلاف ومن صنعوه وأصدقائه في موضوع التمثيل هو الوحيد خلال الفترة القصيرة من عمر الائتلاف، فقد تم ارتكاب خطأ أكبر في موضوع تشكيل الحكومة المؤقتة، التي ظهر أن هناك عدم توافق على مبدأ تشكيلها في مستوى المعارضة عموما، وضمن الائتلاف خصوصا، وتم تجاوز عدم التوافق بطريقة التجاهل من جهة والفرض من جهة ثانية، وأضيفت إلى الخطأ السابق طريقة فرض المرشح لرئاسة الحكومة غسان هيتو، الذي كثر الحديث عن ارتباطه بجهة سياسية، تسعى لفرض سيطرتها على الثورة والمعارضة السورية وفق أسس ميكافيلية أبرزها الغاية تبرر الوسيلة.
لقد تم إعطاء المجلس الوطني السوري دورا مهما ومحوريا في تأسيس الائتلاف السوري، رغم أن المجلس العتيد فشل طوال نحو عام ونصف العام في تحقيق أي إنجازات سياسية أو تنظيمية أو إدارية، تصب في مصلحة السوريين وثورتهم، وحكم كهذا لم يصدر عن معارضي المجلس فقط، إنما صدر عن كثير من قادته ومؤيديه بمن فيهم دول وشخصيات، وقفت وراء المجلس واعترفت به ممثلا للسوريين على نحو ما فعلت لاحقا بالائتلاف السوري، وثمة توافق كبير على أن السبب في فشل المجلس الوطني يعود إلى غلبة تحالف يقوده «الإخوان المسلمون» داخل المجلس، أعطاهم القدرة والقوة في التحكم بكل ما في داخل المجلس ومحيطه من خلال عاملين أساسيين؛ أولهما المال السياسي من جهة، ودعم قوى إقليمية من جهة أخرى، أقاموا معها علاقات أكثر قوة ومتانة من علاقاتهم بالداخل السوري والقوى الفاعلة فيه، وجعلوا تلك العلاقات مدخلا لتعزيز سيطرتهم على الساحة السياسية من جهة بما في ذلك الائتلاف، وعلى الحراك العسكري في الداخل من جهة ثانية.
إن دلالات السقطات الأولى للائتلاف السوري لقوى الثورة والمعارضة إنما هي تعبير عن سيرة فشل المجلس الوطني السوري في عدم قدرته على تحقيق إنجازات جدية، تصب في مصلحة السوريين وثورتهم، وتعبير صارخ عن إصرار «الإخوان المسلمين» وحلفائهم على سياساتهم التي تهدر طاقة السوريين، وتعرقل مسار الثورة في إنجاز أهدافها، وهي تأكيد للدور غير الفاعل والجدي الذي يميز السياسات الإقليمية والدولية التي تدعي سعيها لعلاج الأزمة السورية وإخراج السوريين من حمام الدم والدمار، لكنها في المحصلة تظهر فاعلية صفرية، إذا لم نقل إنها تنتج سياسة سلبية.
ويفرض الواقع بما فيه من انسدادات وأخطاء، تطيل عمر الأزمة في سوريا، وتكلف السوريين وسوريا مزيدا من الدم والدمار، وتضع المنطقة ومصالح قوى إقليمية ودولية في دائرة الأخطار، العمل على إحداث تغييرات جوهرية في واقع المعارضة السورية وعلاقاتها الداخلية والخارجية، تبدأ من تأسيس قطب ديمقراطي سوري يكون أساسا لتعديلات جوهرية في أدوات ومسارات معالجة الأزمة السورية ووضعها على طريق حل جدي وقريب في الوقت ذاته