ميساء أحمد
مشرفة
إن أوَّل خطوة على العبد أن يتخذها في الطريق هي معرفة الله سبحانه وتعالى، لإنها المقصِد الأسمى للإنسان في الحيــــــاة ..
قال تعالى مخاطبًا نبيه {فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مُتَقَلَّبَكُمْ وَمَثْوَاكُمْ} [محمد: 19] .. وقد ترجم الإمام البخاري في صحيحه بابًا بعنوان (العلم قبل القول والعمل) ..
وهذا العلم هو معرفة الله عزَّ وجلَّ ..
ومحله هو القلب .. يقول ابن القيم في (الفوائد) "أنزه الموجودات وأظهرها وأنورها وأشرفها وأعلاها ذاتاً وقدراً وأوسعها: عرش الرحمن جلَّ جلاله، لذلك صَلُحَ لاستوائه عليه، وكل ما كان أقرب إلى العرش كان أنوَّر وأنزه وأشرف مما بَعُدَ عنه، ولهذا كانت جنة الفردوس أعلى الجنات وأشرفها وأنورها وأجلَّها لقربها من العرش إذ هو سقفها، وكل ما بَعُدَ عنه كان أظلم وأضيق، ولهذا كان أسفل سافلين شر الأمكنة وأضيقها وأبعدها من كل خير . وخلق الله القلوب وجعلها محلاًّ لمعرفته ومحبته وإرادته، فهي عرش المثل الأعلى الذي هو معرفته ومحبته وإرادته" [الفوائد (1:29)].
فينبغي أن يمتلأ القلب بمعرفة الله عزَّ وجلَّ .. مما يدفع العبد إلى خشية الله قبل الإقدام على أي معصية؛ لأنه يعلم أن ربَّه سميع بصيـــــر .. ويستشعر قربه حين مناجاته .. ويكون حليمًا في معاملته للناس، رغبةً في حلم ربِّه سبحانه وتعالى ولطفه.
ولقد فطر الله عزَّ وجلَّ القلوب على معرفته .. وطالما كان القلب بعيدًا عن معرفة بارئه، فإنه يظل مستوحشًا .. لأن الله تعالى قد خلق جميع عباده حنفاء، قال الرسول الله ذات يوم في خطبته "ألا إن ربي أمرني أن أعلمكم ما جهلتم مما علمني يومي هذا: كل مال نحلته عبدا حلال، وإني خلقت عبادي حنفــــاء كلهم وإنهم أتتهم الشياطين فاجتالتهم عن دينهم وحرمت عليهم ما أحللت لهم وأمرتهم أن يشركوا بي ما لم أنزل به سلطانا .." [صحيح مسلم (5109)]
ومعرفة الله تُزكي النفس .. فتجعلك تتخلص من الآفات التي كنت تعاني منها قبل معرفته، كالغضب وغيره .. لأن الربَّ شكور وسُيثيبك على طاعتك، بأن يجعل للإيمان أثرًا في قلبك .. فإن لم تجد هذا الأثر، فاعلم أنك واهم وأن علمك وطاعتك لم ينفعاك بشيء !
يقول ابن القيم "والفطرة فطرتان: فطرة تتعلق بالقلب وهي معرفة الله ومحبته وإيثاره على ما سواه، وفطرة عملية وهي هذه الخصال (أي: سُنن الفطرة)، فالأولى: تزكي الروح وتطهر القلب، والثانية: تطهر البدن وكل منهما تمد الأخرى وتقويها" [تحفة المودود (112)]
ومن عرف الله حق المعرفة، فقد وجبت له سعادة الدنيا والآخرة .. قال مالك بن دينار: خرج أهل الدنيا من الدنيا ولم يذوقوا أطيب شيء فيها، قالوا: وما هو يا أبا يحيى؟، قال: معرفة الله تعالى. [حلية الأولياء (1,373)]
فمهما حصَّلت من متاع الدنيـــا، فإنه لا يعدِل شيئًا بجانب لحظة الأنس بالله تعالى،،
والجهل بالله تعالى يُوجِب الشقاء في الدنيـــــا والآخرة ..
فالجهل بالله هو أصل كل آفة .. فمن لا يعرف ربَّه لا يرضى بقدره، مما يوقعه في عذاب وآلام التسخُّط ..
ولا يعصي الله عزَّ وجلَّ إلا جــــاهل .. مهما أوتي من علومٍ ذهنية، فإن العلم الحقيقي هو الذي يجعل المرء يخشى ربَّه ويستحيي من معصيته ..
يقول تعالى {إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللَّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ فَأُولَئِكَ يَتُوبُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا} [النساء: 17] .. قال قتادة: عن أبي العالية: أنه كان يحدث: أن أصحاب رسول الله كانوا يقولون: كل ذنب أصابه عبد فهو بجهالة.
إذًا، كيف نُمكِّن قلوبنا من معرفة الله عزَّ وجلَّ؟
تنقسم معرفة الله عزَّ وجلَّ إلى نوعين:
1) معرفة الإقرار .. 2) معرفة توجِب الحيـــــــاء والمحبة ..
كما يقول ابن القيم في (الفوائد) "معرفة الله سبحــــانه نوعـــان :
الأول: معرفة إقرار .. وهي التي اشترك فيها الناس، البر والفاجر والمطيع والعاصي.
والثاني: معرفة توجب الحياء منه والمحبة له .. وتعلق القلب به والشوق إلى لقائه وخشيته والإنابة إليه والأنس به والفرار من الخلق إليه. وهذه هي المعرفة الخاصة الجارية على لسان القوم، وتفاوتهم فيها لا يحصيه إلا الذي عرَّفهم بنفسه وكشف لقلوبهم من معرفته ما أخفاه عن سواهم وكلٌ أشار إلى هذه المعرفة بحسب مقام وما كشف له منها." [الفوائد (1:186,187)]
ولن تتمكن من معرفة الله سبحانه وتعالى إلا بالرجوع إلى الشرع، وليس عن طريق قدراتك الذهنية والوجدانية وحدها.
يقول ابن القيم "ولهذه المعرفة بــــابــــان واسعـــان :
الباب الأول: التفكر والتأمل في آيات القرآن كلها .. والفهم الخاص عن الله ورسوله .
والباب الثاني: التفكر في آياته المشهودة .. وتأمل حكمته فيها وقدرته ولطفه وإحسانه وعدله وقيامة بالقسط على خلقه.
وجماع ذلك : الفقه في معاني أسمائه الحسنى .. وجلالها وكمالها وتفرده بذلك وتعلقها بالخلق والأمر، فيكون فقيهًا في أوامره ونواهيه، فقيهًا في قضائه وقدره، فقيهًا في أسمائه وصفاته، فقيهًا في الحكم الديني الشرعي والحكم الكوني القدري، و{ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ}" [الفوائد (1:187)]
فلن تعرف الله إلا بـــالله .. وهذا عن طريـــــق:
أولاً: التفكُّر والتأمل في آيـــــات القرآن الكريم ..
بالأخص تأمل أسماء الله جلَّ وعلا وصفاته التي تكون في أواخر الآيــــات، فتستشعرها وتُدخِلها إلى قلبك .. والتفكُّر في الحكمة من ورودها في تلك المواضع من القرآن الكريم.
ثانيًا: التفكُّر في رسائـــل الله في الكون ..
فتُكثِر من النظر إلى بدائع خلقه في السمـــاء والأرض؛ كي تستشعر عظمة وجمال الكبيـــر المُتعـَــاَل ..
وكذلك تتفكَّر في آيات الله المُرسلة إليك من إبتلاءات وعظات، وآثــــــار رحمته عليك وعلى سائر عبـــــــاده .. فتتعرف عليه بمعرفة مدى فقرك وإحتياجك إليه سبحـــــانه ..
وحينما تتأمل في آيـــــــات الله المتلوة والمُشاهدة، ستستشعر قُربه وتُمكِن معرفته وحبه من قلبك ..
ولكن احذر أن تقطع عن قلبك تلك الإمدادات، التي هي بمثابة الهواء الذي يمده بالحيــــــاة،،
قال تعالى مخاطبًا نبيه {فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مُتَقَلَّبَكُمْ وَمَثْوَاكُمْ} [محمد: 19] .. وقد ترجم الإمام البخاري في صحيحه بابًا بعنوان (العلم قبل القول والعمل) ..
وهذا العلم هو معرفة الله عزَّ وجلَّ ..
ومحله هو القلب .. يقول ابن القيم في (الفوائد) "أنزه الموجودات وأظهرها وأنورها وأشرفها وأعلاها ذاتاً وقدراً وأوسعها: عرش الرحمن جلَّ جلاله، لذلك صَلُحَ لاستوائه عليه، وكل ما كان أقرب إلى العرش كان أنوَّر وأنزه وأشرف مما بَعُدَ عنه، ولهذا كانت جنة الفردوس أعلى الجنات وأشرفها وأنورها وأجلَّها لقربها من العرش إذ هو سقفها، وكل ما بَعُدَ عنه كان أظلم وأضيق، ولهذا كان أسفل سافلين شر الأمكنة وأضيقها وأبعدها من كل خير . وخلق الله القلوب وجعلها محلاًّ لمعرفته ومحبته وإرادته، فهي عرش المثل الأعلى الذي هو معرفته ومحبته وإرادته" [الفوائد (1:29)].
فينبغي أن يمتلأ القلب بمعرفة الله عزَّ وجلَّ .. مما يدفع العبد إلى خشية الله قبل الإقدام على أي معصية؛ لأنه يعلم أن ربَّه سميع بصيـــــر .. ويستشعر قربه حين مناجاته .. ويكون حليمًا في معاملته للناس، رغبةً في حلم ربِّه سبحانه وتعالى ولطفه.
ولقد فطر الله عزَّ وجلَّ القلوب على معرفته .. وطالما كان القلب بعيدًا عن معرفة بارئه، فإنه يظل مستوحشًا .. لأن الله تعالى قد خلق جميع عباده حنفاء، قال الرسول الله ذات يوم في خطبته "ألا إن ربي أمرني أن أعلمكم ما جهلتم مما علمني يومي هذا: كل مال نحلته عبدا حلال، وإني خلقت عبادي حنفــــاء كلهم وإنهم أتتهم الشياطين فاجتالتهم عن دينهم وحرمت عليهم ما أحللت لهم وأمرتهم أن يشركوا بي ما لم أنزل به سلطانا .." [صحيح مسلم (5109)]
ومعرفة الله تُزكي النفس .. فتجعلك تتخلص من الآفات التي كنت تعاني منها قبل معرفته، كالغضب وغيره .. لأن الربَّ شكور وسُيثيبك على طاعتك، بأن يجعل للإيمان أثرًا في قلبك .. فإن لم تجد هذا الأثر، فاعلم أنك واهم وأن علمك وطاعتك لم ينفعاك بشيء !
يقول ابن القيم "والفطرة فطرتان: فطرة تتعلق بالقلب وهي معرفة الله ومحبته وإيثاره على ما سواه، وفطرة عملية وهي هذه الخصال (أي: سُنن الفطرة)، فالأولى: تزكي الروح وتطهر القلب، والثانية: تطهر البدن وكل منهما تمد الأخرى وتقويها" [تحفة المودود (112)]
ومن عرف الله حق المعرفة، فقد وجبت له سعادة الدنيا والآخرة .. قال مالك بن دينار: خرج أهل الدنيا من الدنيا ولم يذوقوا أطيب شيء فيها، قالوا: وما هو يا أبا يحيى؟، قال: معرفة الله تعالى. [حلية الأولياء (1,373)]
فمهما حصَّلت من متاع الدنيـــا، فإنه لا يعدِل شيئًا بجانب لحظة الأنس بالله تعالى،،
والجهل بالله تعالى يُوجِب الشقاء في الدنيـــــا والآخرة ..
فالجهل بالله هو أصل كل آفة .. فمن لا يعرف ربَّه لا يرضى بقدره، مما يوقعه في عذاب وآلام التسخُّط ..
ولا يعصي الله عزَّ وجلَّ إلا جــــاهل .. مهما أوتي من علومٍ ذهنية، فإن العلم الحقيقي هو الذي يجعل المرء يخشى ربَّه ويستحيي من معصيته ..
يقول تعالى {إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللَّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ فَأُولَئِكَ يَتُوبُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا} [النساء: 17] .. قال قتادة: عن أبي العالية: أنه كان يحدث: أن أصحاب رسول الله كانوا يقولون: كل ذنب أصابه عبد فهو بجهالة.
إذًا، كيف نُمكِّن قلوبنا من معرفة الله عزَّ وجلَّ؟
تنقسم معرفة الله عزَّ وجلَّ إلى نوعين:
1) معرفة الإقرار .. 2) معرفة توجِب الحيـــــــاء والمحبة ..
كما يقول ابن القيم في (الفوائد) "معرفة الله سبحــــانه نوعـــان :
الأول: معرفة إقرار .. وهي التي اشترك فيها الناس، البر والفاجر والمطيع والعاصي.
والثاني: معرفة توجب الحياء منه والمحبة له .. وتعلق القلب به والشوق إلى لقائه وخشيته والإنابة إليه والأنس به والفرار من الخلق إليه. وهذه هي المعرفة الخاصة الجارية على لسان القوم، وتفاوتهم فيها لا يحصيه إلا الذي عرَّفهم بنفسه وكشف لقلوبهم من معرفته ما أخفاه عن سواهم وكلٌ أشار إلى هذه المعرفة بحسب مقام وما كشف له منها." [الفوائد (1:186,187)]
ولن تتمكن من معرفة الله سبحانه وتعالى إلا بالرجوع إلى الشرع، وليس عن طريق قدراتك الذهنية والوجدانية وحدها.
يقول ابن القيم "ولهذه المعرفة بــــابــــان واسعـــان :
الباب الأول: التفكر والتأمل في آيات القرآن كلها .. والفهم الخاص عن الله ورسوله .
والباب الثاني: التفكر في آياته المشهودة .. وتأمل حكمته فيها وقدرته ولطفه وإحسانه وعدله وقيامة بالقسط على خلقه.
وجماع ذلك : الفقه في معاني أسمائه الحسنى .. وجلالها وكمالها وتفرده بذلك وتعلقها بالخلق والأمر، فيكون فقيهًا في أوامره ونواهيه، فقيهًا في قضائه وقدره، فقيهًا في أسمائه وصفاته، فقيهًا في الحكم الديني الشرعي والحكم الكوني القدري، و{ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ}" [الفوائد (1:187)]
فلن تعرف الله إلا بـــالله .. وهذا عن طريـــــق:
أولاً: التفكُّر والتأمل في آيـــــات القرآن الكريم ..
بالأخص تأمل أسماء الله جلَّ وعلا وصفاته التي تكون في أواخر الآيــــات، فتستشعرها وتُدخِلها إلى قلبك .. والتفكُّر في الحكمة من ورودها في تلك المواضع من القرآن الكريم.
ثانيًا: التفكُّر في رسائـــل الله في الكون ..
فتُكثِر من النظر إلى بدائع خلقه في السمـــاء والأرض؛ كي تستشعر عظمة وجمال الكبيـــر المُتعـَــاَل ..
وكذلك تتفكَّر في آيات الله المُرسلة إليك من إبتلاءات وعظات، وآثــــــار رحمته عليك وعلى سائر عبـــــــاده .. فتتعرف عليه بمعرفة مدى فقرك وإحتياجك إليه سبحـــــانه ..
وحينما تتأمل في آيـــــــات الله المتلوة والمُشاهدة، ستستشعر قُربه وتُمكِن معرفته وحبه من قلبك ..
ولكن احذر أن تقطع عن قلبك تلك الإمدادات، التي هي بمثابة الهواء الذي يمده بالحيــــــاة،،