العراق اليوم
مراسل صقور الأبداع من العراق
توقع المفتش العام الأميركي الخاص بشؤون إعادة إعمار العراق ستيوارت بوين، اليوم الأربعاء ان العراق سيكون “زعيم المنطقة الأوحد”، خلال الفترة المقبلة، مضيفا ان “الفساد” يعد من اهم التحديات التي تواجهها البلاد، وفيما بين ان واشنطن حاكمت 90 مواطنا أميركيا بتهم فساد تتعلق بمشاريع تمولها الحكومة الأميركية في العراق، اعترف محافظ البصرة بان العراق “لايحاسب الفاسدين”.
وقال المفتش العام الأميركي الخاص بشؤون إعادة إعمار العراق ستيوارت بوين في مؤتمر صحفي مشترك عقده مع محافظ البصرة في ديوان المحافظة، إن “الولايات المتحدة الأميركية أوكلت لي مهمة محاربة الفساد في برنامج إعادة اعمار العراق خلال السنوات العشرة الماضية بعد أن رصدت ميزانية تقدر بـ 60 مليار دولار لإعمار العراق”، مبينا أن “التحريات اثتبت وجود 90 مواطن أميركي متهم بالفساد في العراق وتمت محاكمتهم في الولايات المتحدة الأميركية”.
ووصف بوين العشر السنوات الماضية في العراق بأنها “ذات مشاكل وتحديات وفساد”، مبديا تفاؤله بـ”السنوات العشرة المقبلة في إعمار العراق الذي سيكون زعيما أوحدا في منطقة الشرق الاوسط”.
وأشار المفتش العام الأميركي أن “محافظة البصرة من المدن المهمة وعليها وضع برنامج وقوانين لمحاربة الفساد فيها لتطويرها”، عادا إياها “مدينة القرن الواحد والعشرين”.
من جانبه قال محافظ البصرة ماجد النصراوي خلال المؤتمر الصحفي المشترك “إستعداد المحافظة للاستعانة بالخبرة الاجنبية لمحاربة الفساد وقطع الطريق على المفسدين خصوصا في برنامج إعمار المحافظة وتنفيذ المشاريع العمرانية”.
وأضاف النصراوي “ناقشت مع المفتش الأميركي إستراتيجية البصرة لـ 30 سنوات قادمة”، مبينا أن “الولايات المتحدة الأميركية هي دولة مانحة حاسبت موظفيها المفسدين فيما أنفقنا ألاموال ولم نحاسب المفسدين وهو دليل على نجاح برنامجها في محاربة الفساد”.
ولفت النصراوي الى أن “محافظة البصرة شكلت منتدى الخبرات البصرية والذي يضم خبراء محافظة البصرة لتقديم مقترحاتهم في مجال محاربة الفساد وكيفية إحالة المشاريع بشكل صحيح وغلق المنافذ على المفسدين للحصول على مشاريع في المحافظة”.
وبيّن النصراوي أن “بعض الرخص من الشركات المتلكئة تم سحبها وإحالة ملفاتها الى النزاهة لمحاسبتها وحرمانها من الحصول على مشروع في المحافظة”، مشيرا الى ان “وجود برنامج يدفع باتجاه رفع مستوى الرقابة والاشراف على احالة المشاريع ووضع المعرقلات امام المفسدين والمعيار في احالة المشاريع هو الكفاءة والجودة في العمل”.
وكانت محافظة البصرة وجهت هيئة الاستثمار في المحافظة في نيسان من عام 2012، بسحب خمس رخص إستثمارية لتلكؤ الشركات الفائزة بها، في الإيفاء بالتزاماتها وفق الشروط والمواصفات المحددة في العقود الموقعة.
واتهم النائب عن محافظة البصرة وعضو لجنة الاقاليم والمحافظات النيابية منصور التميمي في الثامن عشر من ايلول الماضي مسؤولين في المحافظة بتسببهم بهدر المال العام وتلكؤ المشاريع الخدمية والعمرانية داعيا الى احالة ملفات المشاريع المتلكئة الى هيئة النزاهة لمحاسبة المسؤولين والمقصرين
وتعد ظاهرة الفساد التحدي الأكبر إلى جانب الأمن، الذي تواجهه الحكومات العراقية منذ انتهاء الحرب الأميركية على العراق في 2003، وقد بلغت مستويات الفساد في العراق حداً أدى بمنظمات دولية متخصصة إلى وضعه من بين البلدان الأكثر فساداً في العالم، إذ حل العراق في العام 2012 المنصرم في المرتبة الثالثة من حيث مستوى الفساد فيه.
وكانت هيئة النزاهة، أعلنت في (الرابع من شباط 2013)، عن إحالة نحو ستة آلاف متهماً بقضايا فساد إلى المحاكم المختصة خلال العام 2012 المنصرم، مبينة أن مبالغ التعاملات التي وقعت فيها ممارسات فساد تجاوزت تريليون دينار.
كما أكدت دراسات أميركية أجريت مؤخراً، أن العراق حقق نمواً هو الأكبر في المنطقة في وارداته، بسبب ارتفاع انتاج النفط الذي يعتبر شريان الحياة للاقتصاد المحلي، لكن المحللين التي نقلت عنهم الدراسات يقولون إن النمو الاقتصادي الكبير هذا لم ترافقه تحسينات على الأوضاع المعيشية والخدمية بسبب انتشار الفساد.
وكانت هيئة النزاهة، كشفت في تقريرها السنوي، للعام 2012 المنصرم، وحصلت (المدى برس) على نسخة منه، عن انخفاض قيمة قضايا الفساد في البلاد من نحو ثلاثة ترليون دينار عراقي خلال العام 2011 إلى نحو 133 مليار دينار خلال العام 2012، وأكدت أن مجموع الدعاوى المحالة للقضاء العراقي بلغت نحو 4278، وفي حين أظهرت أن عدد المتهمين المحالين الى المحاكم بلغ 5980 شخصا، بينت أن عدد المطلوبين للهيئة بلغ 8696 متهماً، منهم 24 وزيراً أو من بدرجته تم الحكم على 16 منهم.
يذكر أن صحيفة واشنطن بوست الأميركية، قالت في (السادس من آذار 2013)، إن المفتش العام الأميركي المسؤول عن برنامج إعادة الإعمار في العراق، ستيوارت باوين، كتب تقريراً “أقر فيه بفشل البرنامج الذي بدأ قبل عشر سنوات وبلغت تكلفته 60 مليار دولار”.
وذكرت الصحيفة في تقريرها أن جهود إعادة الإعمار التي بدأت بآمال واسعة في آذار من سنة 2003 “انتهت الآن في مستنقع الفساد وسوء الإدارة”، مشيراً إلى أن أكثر ما يلفت الانتباه في التقرير “اختفاء شكر” المسؤولين العراقيين بعد أن كانوا “يثنون، ولو بحذر”، على المساعدات الأميركية خلال وجود القوات الأميركية.
وقال إن المسؤولين العراقيين “ينتقدون الآن بحدة ما يسمونها الفرص الضائعة”، لافتاً إلى إقرار كبار المسؤولين الأميركيين بـ”صواب بعض تلك الانتقادات”.
ونسبت الصحيفة إلى تقرير المفتش العام، أن رئيس الحكومة العراقية نوري المالكي، أعرب عن “شكره للاستثمار الأميركي في العراق”، لكنه علق قائلاً إن تلك المليارات “كان من الممكن أن تحدث تغييرا كبيرا، لو اُحسنت إدارتها”.
وشمل التقرير أيضا تعليقا لوزير المالية السابق المستقيل، رافع العيساوي، قال فيه إن الولايات المتحدة “فشلت في إقامة مشروعات كبيرة لإعادة الإعمار”.