العراق اليوم
مراسل صقور الأبداع من العراق
ظاهرة التحرش بالنساء ليست جديدة لكن الأسلوب اصبح يختلف عن الماضي حيث تباينت آراء المواطنين بشان الأسباب التي تدفع الشباب إلى التحرش بالنساء فبعضهم عزا تلك الظاهرة إلى الانفتاح الذي شهده البلد، بشكل كبير بعد عام 2003 وكثرة القنوات الفضائية غير الموجهة والهادفة والتي أسهمت في تفكك المجتمع لاسيما شريحة الشباب من خلال ما تبثه ،في حين يرى بعضهم الآخر ان سبب تلك الظاهرة عائد للبيئة التي نشأ فيها الشاب او الشابة لانهم يعدون تلك التصرفات شيئا من إثبات رجولتهم في حين تعتقد الشابة إن ذلك يدل على المبررات التي تفرضها أنوثتها وجمالها وتبرهن إنها محط إعجاب الآخرين .
الملابس المقلدة
بين العديد من الموطنين في حديثهم لـ(المدى ) إن “ظاهرة التحرش أخذت بالارتفاع خلال الأعوام الماضية من كلا الجنسين لذا يتطلب من الجهات المعنية إعداد برامج لرفع مستوى الوعي بين صفوف الشباب عن مخاطر هذه الظاهرة التي لا تليق بمجتمعنا الذي من سماته العادات الشرقية والعشائرية كموروث غير قابل للمساس.
يذكر ان وزارة الداخلية قد صرحت بأنها تقوم بإيقاف واعتقال أي شخص يقوم بهذه التصرفات غير الأخلاقية لأنها تعد إساءة إلى الآداب العامة واعتداء على الحريات العامة التي كفلها الدستور .
يقول علي رحيم من سكنه المنصور 52 عاما ان :تعرض الفتيات الى التحرش من الشباب يرجع لأسباب عدة منها الملابس غير المحتشمة التي ترتديها بعض الفتيات لاسيما الملابس الضيقة منها والتي تظهر مفاتن المرأة ومنها يعود إلى البيئة التي ينشأ بها الشباب ومن كلا الجنسين خصوصا إذا اقترنت تلك البيئة بأصدقاء السوء .
ارتفاع نسبة التحرش عند المراهقين
ويستدرك في حديثه “في السنوات الماضية بدأت هذه الظاهرة بالارتفاع خصوصا لدى المراهقين سواء كانوا من الشباب أو الشابات فكلاهما يتصرفان بهذه الأفعال من اجل إن يثبت كل منهما بأنه شخص محبوب ولدية القدرة على جذب الجنس الآخر حوله.
مشيرا الى انه” شاهد أحدى الفتيات المراهقات التي كانت جالسة معي في الباص (كيا) تقوم ببعض الحركات لشاب كان يجلس معنا في الحافلة أيضا وعندما شاهدها اخذ يبادلها بالحركات نفسها والإشارات غير مبالين بالآخرين الذين كانوا يشاهدون حركاتهم ولم تكتف بذلك وإنما ذهبت الى ابعد من ذلك فعند نزولها من الباص قامت بكتابه رقم هاتفها في ورقة ورمته الى الشاب دون أي اهتمام او خجل من باقي الركاب الذي كانوا يراقبون ما كانت تفعله تلك المراهقة ما أصاب الجميع بحالة من الذهول والاستغراب من هذا الموقف .
موضحا ان “هذه التصرفات تدل على وجود بيئات مجتمعية تسير باتجاه خطر ويجب على الباحثين والجهات المعنية تشخيص ومعرفة أسبابها لأنه في فترة السبعينات لم تكن موجودة مثل هكذا تصرفات غير أخلاقية بالرغم من الانفتاح الكبير الذي كانت تشهده تلك الحقبة من الزمن اذ كان الشاب لا يستطيع ان ينظر الى بنات الحي او زميلاته في الدراسة او الدائرة بنظرة غير أخلاقية او يتحرش بها ولكن الوضع اليوم مختلف اذ نشاهد ابن المنطقة هو من يتحرش ببنات الحي وليس الغرباء “.
اهم أسبابها
اما قيس حاسب من سكنة منطقة الحرية 25 عاما .طالب جامعي فيقول ان “ظاهرة التحرش ارتفعت بشكل ملحوظ في الاوانه الأخيرة وهذا التغير لم يأت من فراغ وإنما لابد من ان تكون له أسبابه وخصوصا لدى المراهقين ”
ويذكر انه “في احد الأيام وأثناء سيري في شوارع الكرادة شاهدت احد المراهقين يلاحق فتاة ويسمعها بعض كلمات الغزل(أحب أتعرف مو شعلتي كلبي اشلون الكرادة وراج …) ولكن الفتاة لم تكن تنتبه لكلامه او تعطيه أي اهتمام وكانت تسير في طريقها الا ان الشاب كان مصرا على التحرش بها وكان يعتقد ان الفتاة بسكوتها عنه بانها موافقة على كلماته واخذ يتمادى بعباراته شيئا فشيئا من خلال وصفه لجسدها ببعض الكلمات النابية وإمام المارة من دون أي حياء او خجل ”
وأضاف ان” الفتاة نفذ صبرها والتفت عليه وطلبت منه تركها إلا انه رفض ذلك واستمر بملاحقتها مما دفعها الى توجيه بعض اللكمات له وإيقاعه أرضا ليتضح بعد ذلك انها كانت رياضية وتمارس رياضة الفنون القتالية وأوسعته ضربا وهي تقول له طلبت منك وبكل أدب تركي وشأني إلا انك اصريت على ملاحقتي فهذا هو جزاؤك ”
منوها الى انه” لم يتدخل أي احد من المارة لتخليصه من قبضتها الى ان تركته الفتاة بعدما أوسعته ضربا وتركته ملقى على الأرض والدماء تسيل من وجهه “.
أفلام ومسلسلات و إعلانات
سولاف علي من سكنة من منطقة زيونة 24 عاما تبين ان “ظاهرة التحرش قد ازدادت بعد احداث الحرب الأخيرة وبشكل ملفت للنظر نتيجة انفتاح البلاد على العالم الخارجي عن طريق القنوات الفضائية وما تبثه من أفلام ومسلسلات وحتى الإعلانات التي تنشر وتعلن بعض الألفاظ البذيئة إضافة الى وسائل التواصل الأخرى كالانترنت التي تشجع على التحرش بالفتيات او بالعكس ”
وتابعت ان “بعض الشباب أصبحوا لا يهتمون بعواقب ما يتلفظون به عند رؤيتهم لفتاة تسير بمفردها في شارع سواء كانت محجبة أم سافرة كبيرة ام صغيرة فجميعهن يتعرضن للتحرش أي ان الأمر لم يعد مقتصرا على الفتيات او المراهقات فحسب وإنما على الجميع ”
وتطرقت إلى إن “التحرش لا يكون فقط عن طريق كلمات الغزل وإنما هناك تحرش من نوع اخر عن طريق الاستهزاء والاستخفاف بمظهر الآخرين من دون معرفة الآثار النفسية التي يسببونها من جراء تلك الكلمات “.
كلمات غير أخلاقية
وتستذكر بالقول “لقد تعرضت لأكثر من مرة الى التحرش من قبل بعض الشباب والمراهقين ايضا عبر إسماعي بعض الكلمات غير الأخلاقية لذا فان التحرش عند الشباب ما هو إلا دليل على انحطاطهم الأخلاقي وعدم شعورهم بالمسؤولية اتجاه الآخرين وعدم مراعاتهم لمشاعر الآخرين ”
موضحة الى ان “ذلك سيحصل مع عوائلهم ايضا فما يقومون به ستتعرض له أخواتهم وبناتهم ايضا فيا ترى هل يقبلون بتلك الأمور؟ بحسب قولها “.
وتضيف ان “هذا التصرف بالنسبة للفتاة المؤدبة يعكس لديه صورة سيئة إزاء الشاب الذي يقوم بهذه الأفعال غير الأخلاقية اذ اعتبر كل من يقوم بهذه التصرفات على انه شخص غير مؤدب واعتبره إنسانا متخلفا لان هذه التصرفات لا تدل على تحضره وإدراكه لما يفعله من سلوك سيئ مخالفا للعادات والتقاليد الاجتماعية السائد .
التفنن في لغة التحرش
فيما تقول ضحى محمد من سكنه السيدية 26 عاما “تعرضت الى العديد من حالات التحرش المتعلقة بالكلمات البذيئة والجميلة بالوقت نفسه حسب شخصية الشخص المتحرش .
واضافت انه “عندما ارتديت فستانا معينا كأن يكون لونه ازرق يقول احدهم ( شنو الحلو شرطي )على اساس ان اللون الازرق خاص بالشرطة اما في حال ارتدائي اللون الاصفر وعند مروري من امام الشباب فينادي احدهم تكسي ممكن توصلني وياك ”
وقالت الى انه ” اتمنى ان تكون هذه العبارات فقط التي ينطقون ولكن بعضهم يتجاوزون جميع الحدود الاخلاقية والاعراف الاجتماعية وبالتي يطلقون كلمات بذيئة وسيئة جدا تعكس مستواهم الاخلاقي وتسبب لنا الحرج في المجتمع لانه ليس كل فتاة لها القدرة على ايقاف او رد الشخص الذي يقوم بالتحرش بها وفي بعض الاحيان تكمل الفتاة طريقها من دون أي ردة فعل تذكر ازاء تلك التصرفات ”
وبينت الى ان : بعض الفتيات يتعرضن الى التحرش حتى وان كانت الفتاة ترتدي العباءة أي ان المسألة لم تعد تتعلق بملابس الفتاة فقط وانما الجميع مستهدف من قبل المراهقين ”
وتضيف ان “هذه الظاهرة لا يمكن القضاء عليها بشكل سريع وانما يمكن معالجتها من خلال قيام الشباب والفتيات بإعادة تفكيرهم بهذه التصرفات والتزود بالأخلاق التي تجعلهم يخجلون من هذه التصرفات وزيادة الرقابة من الأبوين ”
التوعية في المدارس
مؤكدة الى انه “يجب ان يكون هناك توجيه وتوعية في المدارس والكليات وان تأخذ المؤسسة الدينية دورها وتحذر من هذه التصرفات وتحرمها من الناحية الدينية ”
فيما ذكرت ا .رياض من سكنه البياع 17 عاما طالبة الى انه “عندما اذهب الى المدرسة ولم أتعرض الى التحرش من الشباب اشعر باني اليوم غير جميلة وان ملابسي غير ملفتة للنظر وان هناك شيئا خطأ في منظري ”
وتضيف ان ” بعض من يتحرش بي يسمعني كلمات جميلة جدا تشعرني بالسعادة بالرغم من ان ملامح وجهي تبدو عليها علامات الغضب عند سماعي لتلك الكلمات وذلك من اجل ان لا يتمادوا في غزلهم لي ”
فيما حمل حسين صكبان 45 عاما” من سكنة منطقة البلديات” المرأة مسؤولية ما تتعرض له من مضايقات لانه بعضهن يرتدين ملابس فاضحة تظهر بعضا من اجسادهن تثير الغريزة الجنسية لدى الشباب ولكن الغريب بالموضوع انه عندما تتعرض الى التحرش ترفض ذلك في حين كان الاجدر بها ان تراعي المجتمع اولا حتى لا يضايقها الاخرين لاسيما وان مجتمعنا يصنف من المجتمعات الشرقية المحافظة ”
متسائلا “اذن لماذا ترتدي هذه الملابس اليس من اجل ان ينظر اليها الشاب والرجل وحتى كبار السن فلماذا ترفض ذلك اذ رأت شخصا ينظر اليها او يتحرش بها !”
ظاهرة سيئة
وتقول ريم انس من سكنة حي الإعلام ان “التحرش ظاهرة سيئة موجودة في جميع دول العالم ولكنها في بلادنا تعد ظاهرة منتشرة بشكل ملفت للنظر والسبب في ذلك يرجع الى التخلف وعدم الانفتاح الذي يعانيه الشباب “.
وتضيف ان “بعض الرجال وبمختلف الاعمار خصوصا في الحافلات يحاولون الاحتكاك بالنساء بل ان بعضهم يذهب الى ابعد من ذلك ويتجاوز كل الاطر الاخلاقية من خلال قيامه ببعض الحركات غير الاخلاقية بغض النظر عما اذا كانت الفتاة مؤدبة ام غير مؤدبة المهم ان يشبع رغبته الدنيئة بطرق تسيء للآخرين ”
وتقول ان “عيون الشباب في الشارع اصبحت مصدر ازعاج للفتيات اضافة الى تلفظهم بعبارات بذيئة تخدش المشاعر في بعض الاحيان وتسبب لنا الاحراج داخل المجتمع ”
ومن جانبه قال الخبير القضائي سيف حسن ان” عملية التحرش وفق القانون العراقي تعد جريمة يعاقب عليها القانون “.
الإخلال بالآداب العامة
مؤكدا “حق المرأة بتقديم دعوى في مركز الشرطة او المحكمة او المكاتب القضائية الموجودة في المحاكم ”
لافتا الى ان “عقوبة التحرش وفق القانون قد تصل عقوبتها الى الحبس البسيط ”
موضحا ان “هذه العملية وفق القانون تسمى الإخلال بالآداب العامة والتي يعاقب عليها القانون ”
من جانبه اكد مصدر في وزارة الداخلية ان “الأجهزة الأمنية تعتقل أي شخص يقوم بمثل هذه الممارسات وملاحقة النساء والتحرش بهن لان ذلك يعد من الاعمال غير الاخلاقية ”
مشيرا الى ان” دوريات الشرطة والنجدة المنتشرة في المدن ترصد مثل هذه الأفعال وتحيل المتورطين بها الى المحاكم المختصة اضافة الى ان مراكز الشرطة تستقبل الاشخاص الذين يريدون اقامة دعاوى تحرش ”
مضيفا الى ان “اغلب اعمال التحرش تحدث في الاماكن المكتظة مثل الاسواق وبالقرب من مدارس البنات لذا فان الوزارة أوعزت بمرابطة دوريات بالقرب من هذه الأماكن لمنع حدوثها او الحد منها في اقل تقدير “.