سوريا اليوم

مراسل صقور الأبداع من سوريا

كلنا شركاء.. يوسف أبو خليل

عندما بدأنا العمل العسكري كنا على يقين بأننا نمثل الجناح العسكري لثورة يتيمة تخاذل العالم في نصرتها.. هذا ما زاد من إصرارنا على إكمال ما بدأه أطفال درعا والحراك السلمي التابع على كامل أراضي المحافظات السورية، إلا أن ما أحبط عزيمتنا قليلاً هو كم الوعود الكاذبة بتسليح الجيش الحر والذي إلى الآن لم يصل منه إلا القليل القليل الذي لا يغني ولا يسمن من جوع.. فماذا أفعل بخوذة عسكرية طالما لا أملك بندقية وفي حال أملك بندقية لا أملك ذخيرة لها، وما سينفعني درع مضاد للرصاص إذا كانت الصواريخ من تستهدفني؟.. وماذا أفعل ببزة عسكرية طالما أقصف بالسلاح الكيماوي؟.. لهذه الأسباب ولغيرها نحن وقود أعظم الثورات في تاريخ البشرية.. وما زلنا نملك أقوى سلاح عرفته البشرية (العقيدة) ونقسم على أننا لمنتصرون بإذن الله ..

كلام المقدم أبوعدي انتزع الروح ليرفعها عالياً محلقة في السماء السابعة مصافحة أرواح شهداء ثورتنا وأعادتها إلى جسدي النحيل لتشعرني بأني مارد القمقم.. لن أعود إلى الأسئلة المحضرة لأطرحها على مثل هذا الشخص، بل سأدعه ينعش روحي بحديث لم اسمع مثيله منذ مغادرتي سوريا قبل سبعة أشهر والعودة إليها من جديد..

يتابع أبو عدي موجهاً حديثه لي ولمن حضر من عناصر لواءه:

عندما نادى الشعب السوري ” الشعب يريد إسقاط النظام” لم يكن يعي أن إسقاط نظام الأسد يؤدي إلى إسقاط النظام العالمي.. فمع كل طلقة تخترق جسد طفل صغير تسقط كل منظمات حقوق الطفولة.. ومع كل غارة جوية على بلدة سورية مخلفتاً عشرات الشهداء والجرحى يسقط ميثاق الأمم المتحدة..ومع كل قنبلة كيميائية وصاروخ سكود يطلقها النظام على شعبه ضاحكاً محتمي بالمجتمع الدولي وحلفائه تسقط معاهدة جنيف وكل الكذب فيها .. عندما تستباح أعراضنا على شاشات التلفزة تسقط الأمة العربية.. كل شهيد تحت التعذيب .. كل حريق ..كل جريح .. كل يتيم .. كل لاجئ كل مهجر كل مقهور كل معذب ولم يقدم له شيء يسقط الإنسانية ..************************************************************************************************ الثورة السورية أسقطت كل ما كتب بيد البشر منذ خلق البشرية إلى يومنا الحالي ..

فترة صمت سادت الأجواء.. كلٌ سبح بخياله.. كانت الخطة أن تكون مقابلتي عن انجازات اللواء، تنظيمه ، إستراتيجيته، تسليحه، ماضيه ومستقبله لكن لا .. ليس الآن وقت طرح الأسئلة، إنه وقت الاستماع والإصغاء والاستمتاع.. ليس هنالك أهم مما قيل وربما سيقال..

سعاله بعد إشعال سيجارة كسر الصمت ومهد لحديث آخر .. ارتشف أبو العبد ” ضابط أمن اللواء” من فنجان القهوة وسحب نفس عميق من سيجارته وقال:

عندما صدحت حنجرتي بشعار” يالله مالنا غيرك يالله” لأول مرة في إحدى مظاهرات مدينة اللاذقية لم أكن أعلم أن هذا الشعار سيلازمني كل هذه الفترة، فلهذا الشعار لذة خاصة لنطقه في جل عملنا الحالي وسأضرب لك* بعض الأمثلة..

عند عقدنا الاجتماع التنسيقي الأول مع قادة الألوية والكتائب العاملة في المنطقة لتحسين العمل الخدمي للمدنيين بمساعدة المجالس المحلية وبعد الدراسة والأخذ والرد وحساب ما لنا وما علينا واكتشاف عجزنا الهائل في مساعدة النازحين والمقيمين ينطق اللسان “يالله مالنا غيرك يا الله”… عندما تحاول إنشاء كتيبة أمنية لتسيير العمل وتحصي مواردك ونواقصك تنطق باللاشعور يالله ملنا غيرك يالله.. عندما تحاول نقل متهم إلى محكمة تبعد عنك عشرات الكيلومترات ولا تملك ثمن وقود تقول يالله مالنا غيرك يا الله .. عندما تحاول توزيع مائة ربطة خبز على أكثر من ثمانية آلاف نازح وترى نظرة الحسرة على وجوه من هم اهلك تقول يا الله مالنا غيرك يا الله.. عندما تستعين بأكثر من جهة لتأمين دعم تمويني لكتيبة مرابطة على إحدى الجبهات ولا تستطيع تأمين أكثر من ربع متطلباتك تصرخ يالله مالنا غيرك يالله..

يهم المقدم أبو عدي بكلامه مقاطعاً متنهداً: عندما تحاول إسعاف أخ لك مصاب في معركة وتأبى سيارة الخردة التي تملكها أن تعمل إلى بعد دفعها لمائة متر على الأقل تصرخ بأعلى صوتك يالله مالنا غيرك يالله ..

تسلل اليأس إلى نفسي وظهرت ملامحه على وجهي رغم الابتسامة المصطنعة على شفتي .. رفعت رأسي وعيناي باتجاه أبو عدي بعد مناداته ومخاطبته لي بلهجة ساحلية محببة إلى قلبي (له يا أستاذ له.. شبك ليش يئست؟.. الله يسامحك معقول تيأس .. على كلن أنا بعرف شو لازمك.. قوم معي لقلك)

نهض وهم بتصليح هندامه وبدأت أنا بلملمة أوراقي وإعادتها إلى حقيبة الكتف خاصتي مصطنعاً ابتسامة ثقة متمايلاً بخطواتي غير عالم الوجهة..

كم الابتسامات الموزعة من الأهالي وكم السلامات والتمنيات والدعوات أعاد لي الكثير من التفاؤل.. لكن ما ألهب مشاعري هو عناصر الكتيبة المتواجدة بمقرها القريبة والعائدة من رباطها منذ يومين.. فمع وصولنا إلى الكتيبة صرخ المقدم أبو عدي مخاطباً عناصر الكتيبة ( الله أكبر .. الله أكبر .. ع المعركة يا شباب.. قولوا الله ) لا يزال صوت التكبيرات في أذني إلى الآن .. ولا تزال صورة عناصر الكتيبة تُستعرض في دماغي الصغير وهم يزرعون المكان* بخطواتهم يتبادلون التهاني وكأنهم خاضوا المعركة وكتب لهم الانتصار ..

ما توجب ذكره من إجابة أول سؤال محضر .. المقدم أبو عدي هو قائد لواء حرس الحدود أحد الألوية المقاتلة على الجبهة الغربية والتابع لرئاسة هيئة أركان الجيش الحر ..
 

المواضيع المشابهة


رد: المقدم أبو عدي قائد لواء حرس الحدود ? إسقاط نظام الأسد يؤدي إلى إسقاط النظام العالمي?

استمرر حبي
:SnipeR (25):
 

عودة
أعلى