سوريا اليوم
مراسل صقور الأبداع من سوريا
مايكل نايتس
27 حزيران/يونيو 2013
مع استمرار رحى الحرب الدائرة في سوريا تستطيع الجهات الفاعلة الخارجية أن تلعب دوراً بالغ الأهمية في تغيير ميزان القوى من خلال الدعم المادي ورعاية الوحدات المسلحة الفردية. ومن بين الألوية الدولية الأكثر أهمية التي تقاتل حالياً إلى جانب نظام الأسد هي “لواء أبو فضل العباس”، وهو عبارة عن مجموعة من المقاتلين الشيعة العراقيين في الغالب الذين يخضعون لتنظيم ودعم “قوة القدس”، فرع نخبوي تابع لـ “الحرس الثوري الإسلامي” الإيراني. ورغم صغر حجم ذلك اللواء، إلا أنه يستطيع إحداث تأثير استراتيجي على مسار الحرب. وبشكل أوسع نطاقاً، فإن توسيع حجمه ربما يمثل تحولاً خطيراً للمنطقة، مما يمنح طهران فيلقاً عسكرياً شيعياً عبر الحدود تستطيع استخدامه لدعم حلفائها خارج سوريا.
مدرَّبون من قبل إيران ويحاربون إلى جانب الأسد
وفقاً للخبير المستقل المعني بعمليات “لواء أبو فضل العباس” فيليب سميث، يتراوح عدد المقاتلين الشيعة العراقيين في سوريا بين 800 و2000 مقاتل. وينتمي هؤلاء المقاتلون بشكل يكاد يكون حصرياً إلى ثلاث مجموعات عراقية. والمساهم الرئيسي في اللواء هي مجموعة “عصائب أهل الحق” التي يتراوح قوامها بين 2000 و3000 مقاتل كانت قد انشقت عن حركة مقتدى الصدر في عام 2006 بدعم من “قوة القدس” التابعة لـ “الحرس الثوري الإيراني” و «حزب الله» اللبناني. والمساهم الثاني هو “كتائب «حزب الله»”، وهم نخبة قوامها 400 رجل من المقاتلين الشيعة العراقيين المتمرسين يقدمون تقاريرهم مباشرة إلى قيادة “قوة القدس” التابعة لـ “الحرس الثوري”. أما المساهم الثالث فهو “كتائب سيد الشهداء”، وهي قوة قوامها 200 رجل يقودها أبو مصطفى الشيباني (المعروف أيضاً باسم حميد شيباني)، وهو شيعي عراقي عمل تحت قيادة “قوة القدس” منذ أواخر الثمانينيات. وتشير التقارير أيضاً إلى وجود شيعة عراقيين من “منظمة بدر” و”لواء اليوم الموعود” التابع لمقتدى الصدر. وبغض النظر عن تكوينه الدقيق، يبدو أن “لواء أبو فضل العباس” قد استوعب نسبة كبيرة من الكوادر القتالية المتشددة المدعومة من إيران والتي ضايقت الجيش الأمريكي في العراق.
وفي الواقع، لعبت إيران لعبت دوراً رئيسياً في تشكيل ودعم الجماعات التطوعية العراقية العاملة في سوريا. فمنذ خريف 2011 — وهو الوقت الذي بدأ فيه المتمردون الشيعة في العراق يقللون هجماتهم على الأعداد المتضائلة للقوات الأمريكية في تلك البلاد — يبدو أن “عصائب أهل الحق” و”كتائب «حزب الله»” يرسلون مقاتلين إلى إيران ولبنان من أجل إعادة تدريبهم للتدخل في سوريا. وعلى وجه التحديد، جرى تعليم هؤلاء المقاتلين كيفية الانتقال من تكتيكات المتمردين المستخدمة في العراق (على سبيل المثال، زرع قنابل على جوانب الطرق، والقيام بهجمات الصاروخية باستعمال استراتيجية الكر الفر، وعمليات الاغتيال) إلى قتال الشوارع في المدن، والتدريب على المهارات العسكرية التقليدية المطلوبة لعمليات الأمن التي يقوم بها النظام في سوريا — وهي مهارات يمكن استخدامها أيضاً في لبنان أو حتى إيران إذا لزم الأمر.
ووفقاً لفيليب سميث، بدأ المتطوعون الشيعة العراقيون الوصول إلى سوريا بدءً من ربيع 2012 فصاعداً، وأصبح وجودهم أكثر وضوحاً بشكل تدريجي. وقد دخل بعضهم البلاد عن طريق مطار دمشق الدولي على متن طائرات الرحلات الجوية الإيرانية. ودخل آخرون براً من العراق، أو استقلوا حافلات الحجاج أو الشاحنات التجارية؛ وقد تعرضت بعض تلك القوافل للهجوم من قبل العناصر الجهادية السورية والعراقية داخل العراق قبل أن تتمكن من عبور الحدود. ويتناوب الآن معظم هؤلاء المتطوعين داخل سوريا وخارجها، ويقال أن بعضهم يقوم بتأدية عدة مهمات. وبالنسبة لمن يلقون حتفهم أثناء القتال، تعمل إيران بسرعة على نقل جثثهم إلى العراق لدفنها على الفور– ولعل ذلك هو المؤشر الأكثر وضوحاً عن مسؤولية طهران عن المتطوعين العراقيين الشيعة.
وتميل إعلانات الشهادة لهؤلاء المقاتلين إلى ترسيخ الادعاء الاسطوري بأن الدور الوحيد لـ “لواء أبو فضل العباس” في سوريا هو الدفاع عن مزار السيدة زينب الشيعي في جنوب دمشق. وفي الواقع، ينشط المتطوعون العراقيون عبر قطاع دمشق الجنوبي ذو الأهمية الاستراتيجية، حيث يعملون كلواء نيران موثوق به ويمكن نشره لإخماد الاضطرابات في ضواحي المدن بدون شفقة أو رحمة، والدفاع عن المطار، وحماية الأحياء السكنية المستخدمة من قبل نخب النظام. وقد تم تجهيز قوات “لواء أبو فضل العباس” تجهيزاً جيداً وهي متماسكة أيضاً، ويبدو أنها تستفيد من التدريب الذي وفره «حزب الله» في لبنان. وتشير إعلانات الشهادة أيضاً أن معظم هؤلاء المقاتلين هم في أواخر العشرينات من عمرهم أو أكبر سناً — وبعبارة أخرى، مقاتلون ذوي خبرة، وكثيراً ما افتخروا عما قاموا به عبر سنوات من القتال ضد القوات الأمريكية في العراق. وعلاوة على ذلك، تشير برقيات الوفاة والجنازات إلى أن ما بين 12 إلى 24 شخصاً من الشيعة العراقيين يلقون حتفهم الآن في سوريا شهرياً، مما يوضح التدخل المتقطع لـ “لواء أبو فضل العباس” في أعمال قتال طاحنة.
تأثير المتطوعين العراقيين
<span style="font-size: large; font-family: times new roman,times;">يمكن أن يكون للقوات صغيرة الحجم والتي تمتلك حوافز قوية، تأثير لا يتناسب مع حجمها في الحروب الأهلية، حيث غالباً ما يتركز القتال على مناطق محددة، وحيث يمكن أن تؤثر المعارك الصغيرة والرمزية على المعنويات بشكل كبير. ويعتبر التدخل المباشر لـ «حزب الله
27 حزيران/يونيو 2013
مع استمرار رحى الحرب الدائرة في سوريا تستطيع الجهات الفاعلة الخارجية أن تلعب دوراً بالغ الأهمية في تغيير ميزان القوى من خلال الدعم المادي ورعاية الوحدات المسلحة الفردية. ومن بين الألوية الدولية الأكثر أهمية التي تقاتل حالياً إلى جانب نظام الأسد هي “لواء أبو فضل العباس”، وهو عبارة عن مجموعة من المقاتلين الشيعة العراقيين في الغالب الذين يخضعون لتنظيم ودعم “قوة القدس”، فرع نخبوي تابع لـ “الحرس الثوري الإسلامي” الإيراني. ورغم صغر حجم ذلك اللواء، إلا أنه يستطيع إحداث تأثير استراتيجي على مسار الحرب. وبشكل أوسع نطاقاً، فإن توسيع حجمه ربما يمثل تحولاً خطيراً للمنطقة، مما يمنح طهران فيلقاً عسكرياً شيعياً عبر الحدود تستطيع استخدامه لدعم حلفائها خارج سوريا.
مدرَّبون من قبل إيران ويحاربون إلى جانب الأسد
وفقاً للخبير المستقل المعني بعمليات “لواء أبو فضل العباس” فيليب سميث، يتراوح عدد المقاتلين الشيعة العراقيين في سوريا بين 800 و2000 مقاتل. وينتمي هؤلاء المقاتلون بشكل يكاد يكون حصرياً إلى ثلاث مجموعات عراقية. والمساهم الرئيسي في اللواء هي مجموعة “عصائب أهل الحق” التي يتراوح قوامها بين 2000 و3000 مقاتل كانت قد انشقت عن حركة مقتدى الصدر في عام 2006 بدعم من “قوة القدس” التابعة لـ “الحرس الثوري الإيراني” و «حزب الله» اللبناني. والمساهم الثاني هو “كتائب «حزب الله»”، وهم نخبة قوامها 400 رجل من المقاتلين الشيعة العراقيين المتمرسين يقدمون تقاريرهم مباشرة إلى قيادة “قوة القدس” التابعة لـ “الحرس الثوري”. أما المساهم الثالث فهو “كتائب سيد الشهداء”، وهي قوة قوامها 200 رجل يقودها أبو مصطفى الشيباني (المعروف أيضاً باسم حميد شيباني)، وهو شيعي عراقي عمل تحت قيادة “قوة القدس” منذ أواخر الثمانينيات. وتشير التقارير أيضاً إلى وجود شيعة عراقيين من “منظمة بدر” و”لواء اليوم الموعود” التابع لمقتدى الصدر. وبغض النظر عن تكوينه الدقيق، يبدو أن “لواء أبو فضل العباس” قد استوعب نسبة كبيرة من الكوادر القتالية المتشددة المدعومة من إيران والتي ضايقت الجيش الأمريكي في العراق.
وفي الواقع، لعبت إيران لعبت دوراً رئيسياً في تشكيل ودعم الجماعات التطوعية العراقية العاملة في سوريا. فمنذ خريف 2011 — وهو الوقت الذي بدأ فيه المتمردون الشيعة في العراق يقللون هجماتهم على الأعداد المتضائلة للقوات الأمريكية في تلك البلاد — يبدو أن “عصائب أهل الحق” و”كتائب «حزب الله»” يرسلون مقاتلين إلى إيران ولبنان من أجل إعادة تدريبهم للتدخل في سوريا. وعلى وجه التحديد، جرى تعليم هؤلاء المقاتلين كيفية الانتقال من تكتيكات المتمردين المستخدمة في العراق (على سبيل المثال، زرع قنابل على جوانب الطرق، والقيام بهجمات الصاروخية باستعمال استراتيجية الكر الفر، وعمليات الاغتيال) إلى قتال الشوارع في المدن، والتدريب على المهارات العسكرية التقليدية المطلوبة لعمليات الأمن التي يقوم بها النظام في سوريا — وهي مهارات يمكن استخدامها أيضاً في لبنان أو حتى إيران إذا لزم الأمر.
ووفقاً لفيليب سميث، بدأ المتطوعون الشيعة العراقيون الوصول إلى سوريا بدءً من ربيع 2012 فصاعداً، وأصبح وجودهم أكثر وضوحاً بشكل تدريجي. وقد دخل بعضهم البلاد عن طريق مطار دمشق الدولي على متن طائرات الرحلات الجوية الإيرانية. ودخل آخرون براً من العراق، أو استقلوا حافلات الحجاج أو الشاحنات التجارية؛ وقد تعرضت بعض تلك القوافل للهجوم من قبل العناصر الجهادية السورية والعراقية داخل العراق قبل أن تتمكن من عبور الحدود. ويتناوب الآن معظم هؤلاء المتطوعين داخل سوريا وخارجها، ويقال أن بعضهم يقوم بتأدية عدة مهمات. وبالنسبة لمن يلقون حتفهم أثناء القتال، تعمل إيران بسرعة على نقل جثثهم إلى العراق لدفنها على الفور– ولعل ذلك هو المؤشر الأكثر وضوحاً عن مسؤولية طهران عن المتطوعين العراقيين الشيعة.
وتميل إعلانات الشهادة لهؤلاء المقاتلين إلى ترسيخ الادعاء الاسطوري بأن الدور الوحيد لـ “لواء أبو فضل العباس” في سوريا هو الدفاع عن مزار السيدة زينب الشيعي في جنوب دمشق. وفي الواقع، ينشط المتطوعون العراقيون عبر قطاع دمشق الجنوبي ذو الأهمية الاستراتيجية، حيث يعملون كلواء نيران موثوق به ويمكن نشره لإخماد الاضطرابات في ضواحي المدن بدون شفقة أو رحمة، والدفاع عن المطار، وحماية الأحياء السكنية المستخدمة من قبل نخب النظام. وقد تم تجهيز قوات “لواء أبو فضل العباس” تجهيزاً جيداً وهي متماسكة أيضاً، ويبدو أنها تستفيد من التدريب الذي وفره «حزب الله» في لبنان. وتشير إعلانات الشهادة أيضاً أن معظم هؤلاء المقاتلين هم في أواخر العشرينات من عمرهم أو أكبر سناً — وبعبارة أخرى، مقاتلون ذوي خبرة، وكثيراً ما افتخروا عما قاموا به عبر سنوات من القتال ضد القوات الأمريكية في العراق. وعلاوة على ذلك، تشير برقيات الوفاة والجنازات إلى أن ما بين 12 إلى 24 شخصاً من الشيعة العراقيين يلقون حتفهم الآن في سوريا شهرياً، مما يوضح التدخل المتقطع لـ “لواء أبو فضل العباس” في أعمال قتال طاحنة.
تأثير المتطوعين العراقيين
<span style="font-size: large; font-family: times new roman,times;">يمكن أن يكون للقوات صغيرة الحجم والتي تمتلك حوافز قوية، تأثير لا يتناسب مع حجمها في الحروب الأهلية، حيث غالباً ما يتركز القتال على مناطق محددة، وحيث يمكن أن تؤثر المعارك الصغيرة والرمزية على المعنويات بشكل كبير. ويعتبر التدخل المباشر لـ «حزب الله